قصة قصيرة

تاكسي. كوارع. رقاصة!! ..

من كتاب عالم مجنون مجنون

د.محسن الصفار

خرج سعيد مسرعاً من بيته كي يلحق بالإجتماع المهم الذي يعقده المدير العام للمؤسسة التي يعمل فيها ركب سيارته وحاول تشغيلها ولكنه ولسوء حظه إكتشف أنه قد نسى الإضاءة في السيارة تعمل عندما خرج الليلة الماضية وبالتالي فإن بطارية السيارة قد فرغ شحنها خرج من سيارته وحاول إيقاف سيارة تاكسي منعاً لإضاعة الوقت إنتظر دقائق عدة ولا سيارة أجرة واحدة تقف بدأت أعصاب سعيد تتوتر فهذا الإجتماع مصيري بالنسبة له والتأخر أو التغيب عنه قد يعني الكثير من المشاكل . وأخيراً استيجبت دعواته ووقفت له سيارة أجرة أنزل السائق النافذة وسأل سعيد:

- على فين يا بيه؟

- مصر الجديدة لو سمحت.

- على العداد يا بيه؟

- يا سيدي حاديك 5 جنيه فوق العداد بس أنا مستعجل قوي وحياتك.

- اطلع يا بيه إن شاء الله حتوصل في معادك.

ركب سعيد سيارة الأجرة في المقعد الأمامي الى جانب السائق الذي قدم له سيجارة فردّ عليه سعيد:

- شكراً ما بدخنش.

- تسمح لي أدخن أنا يا بيه؟

- يا سيدي دخّن ولا حشش حتى! المهم توصلني.

- ما تخافش يا بيه حتوصل ان شاء الله.

فجأة انعطف السائق ودخل محطة الوقود استنكر سعيد وقال:

- إيه ده؟ انت بتعمل إيه؟

- باحط بنزين يا بيه يعني العربية حتمشي على الهوا؟ والا حنوكلها برسيم؟

- أنا مالي توكلها إيه؟ إن شاء الله كافيار حتى, أنا مستعجل وما عنديش وقت للكلام ده.

- ما تخافش يا بيه حتوصل بإذن الله.

تعطل سعيد 10 دقائق بينما ملأ السائق سيارته بالبنزين وإنطلق مرة أخرى وبعد مسافة انعطف السائق فجاة في أحد الشوارع الفرعية ووقف امام مطعم شعبي أنزل النافذة وصرخ:

- يا معلّم يا معلّم جهزت الطلب؟ ردّ عليه الرجل من المطعم:

- أيوه جاي الطلب حيبقى عندك بعد دقيقتين فته وكوارع إيه!! عسّل.

احتج سعيد وبدأ بالصراخ:

- يا أخي قلت لك مستعجل انت ما بتفهمش كلمة مستعجل معناها إيه؟

- وانت يا بيه ما بتفهمش كلمة جعاّن معناها إيه؟ طب عاوز اكل هو الاكل حرام؟

- ما حرمش بس ما يصحش كده أنا قلتلك مستعجل لازم أوصل على معادي والا بيتي حيتخرب.

تحركت السيارة بعد 5دقائق استلم فيها السائق طلبية الكوارع  مرت على سعيد وكأنها 5 ساعات وفجأة توقف السائق أمام احدى السيدات في الشارع والتي فتحت الباب وركبت دون كلام تعجب سعيد ورأى السائق علامات التعجب على وجهه فقال:

- دي مدام زيزي الفنانة المشهورة أنا كل يوم باوصلها البيت في المعاد ده بالضبط.

- مشهورة إيه؟ أنا ولا عمري سمعت بإسمها ولا شفت شكلها.

- دي أشهر رقاصه في كباريه الهرم يا بيه, أمال؟ وست شريفة يا دوبك من البيت للكباريه ومن الكباريه للبيت.

- ماشاء الله أنعم وأكرم على الأخلاق.

وهنا تدخلت المرأة في الحديث وقالت:

- الله يكرمك يا بيه، وحياتك يا اسطى بسرعة علشان تعبانة وعاوزة أنام بسرعة.

- هوا يا مدام كلها دقايق ونوصل البيت.

- بيت إيه؟ أنا عاوز أوصل الشغل بسرعة.

- يا بيه حتوصل هو شارع واحد بس ونكمل المشوار إلتف السائق الى شارع فرعي وظل يسوق حتى وصلت زيزي الى شقتها ونزلت من السيارة. توسل سعيد بالسائق بيأس قائلاً:

- ربنا ما يرميك في مصيبة وصلني الشغل قبل ما اترفد ويتخرب بيتي.

- يا بيه ما تخافش الأرزاق على الله.

- ونعم بالله بس حضرتك شد حيلك شويه أنا بقيت متأخر 5 دقايق لحد دلوقتي.

- انت قول يا رب وما لكش دعوة بحاجة!

- يا رب سترك يا رب.

وصل سعيد الى ا لشركة متأخراً بنصف ساعة بعد أن واجه زحاماً مرورياً ناجم عن حادث دفع الاجرة للسائق وحمل أغراضه ونزل مسرعاً، دخل الى صالة الإجتماعات فرأى المدير غاضباً ودمه يغلي وقال له:

- إيه ده يا سعيد؟ انت ما عندكش إلتزام بالمواعيد هو اللي يتأخر نص ساعة كاملة؟ دا احنا قربنا نخلص الإجتماع وحضرتك لسه ما شرفتش تكونش فاكر انك وزير والا حاجة؟

- لا يا افندم والله مش قصدي بس فيه ظروف قاهرة هي اللي أجبرتني أتاخر.

- ظروف إيه دي؟

همّ سعيد بالكلام عندما فوجئ بسائق التاكسي يدخل الى قاعة الإجتماعات كاد سعيد أن يفقد وعيه من المفاجاة ودون مقدمات قال السائق:

- سلام عليكم يا باهوات وإلتفت الى سعيد:

- يا بيه انت دفعت زيادة.

- خلاص حصل خير.

- لا ما يصحش أنا رجل شريف وما احبش أخذ حق غيري احنا وقفنا في المحطة بعد ماقلتلي حشش فاكر؟وبعدها رحنا عند بتاع الكوارع. وبعديها  عدينا على بيت مدام زيزي الرقاصة وكده يبقى فاضلك  عندي 3 جنيه!!

- نظر المدير الى سعيد نظرة مرعبة وقال :

- ما شاء الله ما شاء الله  حشيش وكوارع ورقاصه هي دي الظروف القاهرة اللي عطلتك؟ معاك حق دا انت محظوظ انك قدرت توصل من أساسه.

- يا افندم حضرتك فاهم غلط.

- غلط إيه يا أستاذ سعيد؟ هو انت خليت فيها غلط والا صح؟ انت مرفود و بالثلاثة كمان يا بتاع زيزي الرقاصه. قلة أدب وأنا اللي كنت ناوي أعملك رئيس القسم اللي كنت شغال فيه في آخر الإجتماع الحمد لله اللي كشفك وخلاك تبان على حقيقتك.

خرج سعيد خجلاً ومهموماً ويحس بألم الإهانة وفقدان مصدر رزقه ورزق عياله فوجد سائق التاكسي ما زال واقفاً أمام الباب يأكل الكوارع وما أن رأى سعيد حتى قال له:

- تفضل كوارع معايا يا بيه تلاقيك مبسوط مني ومن أمانتي وجاي تشكرني مش كده يا بيه؟

نظر سعيد الى السائق وتوجه نحوه وبعد دقائق كان سعيد يتمشى مبتسماً وهو يصفّر بينما كان المارة يحاولون إخراج عظمة الكوارع التي حشرها سعيد في فم السائق حتى الحلقوم.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com