قصة قصيرة

اه ياديوني اه يا مصارف

 

د.محسن الصفار

قرر سعيد أخيراً أن يفتتح لنفسه حساباً في أحد البنوك على الرغم من كرهه لها ووصفه كل من يعمل في القطاع المصرفي بمصاصي الدماء الانيقين !! بعد أن أبلغه محاسب الشركة التي يعمل فيها أن الرواتب ستحول من الآن فصاعداً فقط على الحساب البنكي لكل موظف، سأل سعيد أصحابه عن أفضل بنك فنصحه كل واحد منهم ببنك وأخيراً قرر سعيد أن يفتتح حساباً في أقرب بنك الى بيته وهو بنك ( ايدنا في جيبك الاستثماري) لسهولة المراجعة .

دخل سعيد الى البنك وإستقبلته موظفة الإستعلامات بإبتسامة عريضة وقالت له:

- أهلاً وسهلاً يا أستاذ تفضل كيف يمكنني أن أساعدك؟

- صباح الخير والله أريد أن أفتح حساباً عادياً فقط كي ينزل عليه راتبي كل شهر

- بكل سرور تفضل الى الطاولة رقم 5 وستساعدك الآنسة سناء

ذهب سعيد الى الطاولة رقم 5 وسلّم على الفتاة التي خلفها وطلب فتح حساب، سلمته الفتاة إستمارة طلب فتح الحساب وملأها سعيد وقدم الاوراق واستلم رقم الحساب وخرج باحساس مختلف وكانه انسان اخر ً لأنه وأخيراً أصبح صاحب حساب بنكي.

وصل سعيد الى العمل حيث أخبر أصحابه بأنه أصبح من أصحاب الحسابات البنكية، ضحك الأصحاب وقالوا له أن هذه بداية المتاعب مع البنوك وأنه سيكتشف بنفسه قريباً الورطة التي أدخل نفسه فيها.

لم يعر سعيد إنتباهاً لهذا الامر ومارس عمله كالمعتاد

في اليوم التالي رنّ هاتفه الموبايل وإذا بصوت نسائي يقول:

- الأستاذ سعيد وحيد فريد؟

- نعم

- أنا أكلمك من بنك ايدنا في جيبك الاستثماري ممكن دقيقة من وقتك لو سمحت؟

- تفضلي

- حضرتك إفتتحت حساب في بنكنا وأنا أتصل اليوم كي أعرض عليك أن تأخذ بطاقة إعتماد.

- لا شكراً لست بحاجة لها.

- ولكنها بطاقة جيدة يمكنك شراء أي شيء تريد ثم تسدد ثمنه بالتقسيط المريح كما يمكنك أن تحصل على بطاقة إضافية لزوجتك مجاناً

- حسناً سأفكر

طرح سعيد الموضوع مع زوجته التي فرحت بالفكرة وألحّت عليه أن يقبل بالبطاقة له ولها ذهب سعيد مرة أخرى الى البنك وقدم طلب بطاقتين له ولزوجته واستلم البطاقات بعد أسبوع بالبريد.

بعد 10 أيام رنّ هاتف سعيد وكان نفس الصوت النسائي:

- مرحباً أستاذ سعيد أريد أن أعرض عليكم الإستثمار في محافظنا الاستثمارية الدولية نشتري لك أسهم به 10 آلاف دولار ونضمن لك 40% ربح سنوياً

- لا شكراً أنا لاأحب البورصة ولا الأسهم أصحاب كثير لي إنخربت بيوتهم بسبب المضاربات في البورصة

- ولكننا لسنا مضاربين نحن بنك ونضمن لك 40% سنوياً

- سأفكر.

عرض سعيد الفكرة على عائلته الذين شجعوه جميعاً على الموافقة كي يزيد دخل العائلة وينعم الجميع بحياة أفضل، توكل سعيد على الله وباع قطعة أرض ورثها عن المرحوم والده ووضعها في محفظة إستثمارية في البنك.

بعد مرور شهر ذهب سعيد لإستلام الراتب فوجيء بأن نصف الراتب قد إستولى عليه البنك إستغرب سعيد الأمر وسأل الموظفة:

- أين نصف الراتب الثاني؟

- تم تسديد فاتورة بطاقة الإئتمان.

- ولكن أنا لم أستعمل البطاقة فكيف طار نصف راتبي؟

- جميع المصاريف هي من بطاقة زوجتك.

- سبحان الله أين صرفت كل هذه المبالغ؟

- لحظة، هناك الكوافير ومحل المساج ومحل الاحذية ومحل الثياب ووو

- يالله ما هذه المصيبة كيف سأعيش بنصف راتب؟

- والله هذه مشكلتك انت.

ذهب سعيد وعاتب زوجته على إسرافها التي إعتذرت وقالت له:

- يا حبيبي ليس الذنب ذنبي فكونك تستطيع الحصول على أي شيء بمجرد أن تبرز البطاقة شيء مغري.

- يا عيني هل تحسبين أن هذه البطاقة هي عضوية في نادي للأمور الخيرية؟ كل شيء تسددينه بها يجب أن يدفع مع الفوائد للبنك آخر كل شهر من راتبي الكحيان، لا أريد هذه البطاقة اللعينة سأردها الى البنك.

توسلت به زوجته أن لا يفعل ذلك لأن صاحباتها رأين البطاقة وعُيِّب عليها أن عرفن بأنها قد سُحبت منها فإضطر سعيد الى القبول بعد ان تعهدت زوجته بعدم إساءة إستعمالها مرة أخرى.

في نهاية الشهر ذهب سعيد لإستلام الراتب فوجد نصف الراتب أيضاً قد طار غضب سعيد وسأل:

- هل هي زوجنتي مرة أخرى؟

- لا هذه المرة بطاقتك لقد تم الإشتراك عبر الإنترنت في أحد المواقع الإباحية برقم بطاقتك.

- مواقع إباحية؟ أعوذ بالله من غضب الله، مالي أنا وللمواقع الإباحية؟

- والله هذه أمور شخصية.

- أي شخصية؟ قلت لك أنا لا أشاهد مواقع إباحية، أنا لا أجيد إستعمال الإنترنت حتى!

- يمكنك كتابة شكوى ربما يكون أحد قراصنة الكمبيوتر قد حصل على رقم بطاقتك واستعملها ولكن ذلك لن يعفيك من السداد بأي حال!!

جنّ جنون سعيد وطلب من الموظفة إلغاء البطاقات فوراً وتم له ذلك.

حزنت العائلة لهذه الحادثة المؤسفة ولكن الزوجة قالت له:

- إن شاء الله خير وربنا يعوضك من ربح الأسهم.

- يا رب لأن المبلغ المفقود أحزنني ولكن ما أحزنني أكثر هو الفضيحة أنا على آخر عمري أسدد نصف راتبي لمواقع إباحية؟ ماذا ستقول الناس لو عرفت بذلك؟ إنحرف الرجل؟

مرت الأيام وذهب سعيد الى البنك لإسترداد وديعته مع أرباحها جلس الى طاولة الموظفة التي حسبت وجمعت وطرحت وقسمت ثم قالت له:

- سبعة آلاف وخمسمائة.

فرح سعيد بهذا المبلغ وقال:

- ما شاء الله 7500 دولار ربح سنة؟ هذا معناه 75% ربح؟

نظرت إليه الموظفة بإستهزاء وقالت:

- أي ربح يا أستاذ هذا هو المبلغ الذي لديك بذمتنا.

- ما معنى هذا؟ أنا وضعت 10 آلاف ووعدت بربح 40% معناه يجب أن أستلم 14 ألف دولار.

- والله الأسهم إنخفضت قيمتها خلال هذه السنة وبالتالي فقدت نقودك 25% من قيمتها!!

- هل هذا كلام ناس عاقلين؟ مالي انا وهذا الكلام ؟ اذا انخفضت الاسهم لم لم تسحبوها قبل ان تفقد قيمتها بهذا الشكل ؟

- لانستطيع لان ذلك يضر بالشركات التي اشترينا اسهمها لك !!

- يهمكم الشركات ولاتهمكم نقودي انا المسكين ؟ أريد نقودي وأريد معها أرباحها,يا نصابين يا دجالين يا لصوص هل هذا بنك أم مغارة علي بابا؟

تجمع زبائن البنك على صوت صراخ سعيد وجاء رجال الأمن وإقتادوه الى غرفة الأمن حيث تم ضربه علقة ساخنة وإقتادوه الى الخارج مزرق العينين مكسر الأضلاع ممزق الثياب وعلى الباب قالت له الموظفة:

- شكراً لمراجعتك بنك ( ايدنا في جيبك ) نرجوا أن تكرر الزيارة الى اللقاء.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com