قصة قصيرة

موبايل ده والا مصيبة؟؟

 

د. محسن الصفار  

الموبايل أو التلفون المحمول أو الجوال كما يحلو لكل شخص أن يسميه جهاز كان حتى سنوات قليلة حكراً على المسئولين الحكوميين وأصحاب الملايين وكان منظر شخص يتكلم بالموبايل غير مالوف ويثير استغراب الناظرين ودارت الأيام وانتشر الموبايل وأصبح موجودا في كل بيت وفي كل سيارة حتى أن البعض أصبح يحمل معه موبايليين وثلاثة!!!

أما صاحبنا سعيد فقد كان بعيداً عن هذه الحمى المجنونة وكان يضحك على أصحابه عندما يراهم يصرفون كل نقودهم على أحدث الأجهزة وعلى الفواتير وكان يحمد الله أنه لا يملك موبايل.

في أحد الأيام جاء أخيه الذي يعيش في الخارج وجاءه بهدية وياللدهشة فقد كانت جهاز موبايل من أحدث الأنواع وأفخمها حاول سعيد أن يرفض الهدية ولكنه خاف أن يزعل أخيه فأخذه وفوض امره لله، فرح  أبناءه وأصروا أن يشتري له شريحة فورا  وهكذا كان.

في اليوم التالي تعجب أصحاب سعيد وهم يرونه يحمل جهاز موبايل وهو العدو اللدود له فسألوه:

- ايه ده كله؟ ايه ده كله؟ موبايل وكمان من أغلى نوع؟

- والله ده هدية من أخويا ولولا الملامة ما كنتش أخدته.

قال له أحد أصدقائه:

- طب تبيعه؟ أنا مستعد أشتريه.

- لا ودي تيجي عيب ده هدية ومن أخويا كمان.

- انت حر بس حتندم يا جميل وضحك الجميع.

ذهب سعيد لمقابلة وكيل الوزارة كي يبحث معه العلاوة التي طلبها منذ اشهر وجلس عند السكرتيرة حتى جاء دوره  فطرق الباب ودخل ونظر الى وجه الوكيل  العابس تعوذ من الشيطان  وقال:

- صباح الخير يا افندم.

- أهلاً يا سعيد انت عايز حاجة؟

- عاوز أسأل حضرتك عن طلب العلاوة يا افندم.

هم الوكيل  بالإجابة عندما سمع الاثنان فجأة أغنية باحبك يا حمار!!

لم يفهم كلاهما من يأتي الصوت حتى انتبه سعيد أن الصوت يأتي من جيبه أخرج جهاز الموبايل ورد عليه فكانت ابنته التي قالت:

- ايه يا بابا عجبتك الرنة اللي حطيتها على الموبايل بتاعك تجنن مش كده؟.

- خلاص بعدين بعدين.

ووضع السماعة، نظر  إليه الوكيل شزراً وقال:

- ايه ده يا سعيد؟ مش عيب راجل في سنك ومركزك يحط كلام فاضي زي ده على الموبايل؟ وكمان جايبه في مكتبي ما فيش احترام ؟ انت حتاخد توبيخ ومافيش علاوة كمان اتفضل على مكتبك.

خرج سعيد غاضباً وهو يجر أذيال الخيبة وعندما سمع أصحابه ما حدث معه كان مهرجاناً للضحك عليه وعلى المقلب الذي شربه.

ذهب سعيد الى البيت وعنف ابنته ووبخها بشدة على هذه الرنه السخيفة ومنعها من أن تقترب من الموبايل مرة أخرى وطلب من ابنه أن يغير الرنة الى رنة أخرى معقولة أخذ الابن الجهاز وأخذ يعبث بأزراره بينما ذهب سعيد ليتعشى.

في المساء خرج سعيد وأخبر  زوجته بأنه سيذهب ليقدم واجب العزاء في أحد أقارب صديق له. ذهب الى المجلس وسلم على الواقفين وجلس يستمع الى كتاب الله. وفجأة سمع الجميع صوت قهقهة عالية هاهاها، هاهاها، هاهاها، إستدار الجميع ليبحثوا عن مصدر الصوت فإذا به موبايل سعيد يرن بصوت قهقهة عالية رد سعيد على الموبايل بسرعة وأجاب بصوت خافت:

- مين؟

- أنا يا بابا ايه رأيك في الرنة دي مش تضحك والنبي؟ عجبتك؟

وضع سعيد السماعة وهو يستشيط غضباً وخرج خجلاً من من مجلس العزاء والنظرات تلاحقه. عاد الى البيت وهو يصرخ ويرعد ويزمجر وأجبر ابنه على أن يضع رنة عادية في الموبايل وتأكد بنفسه من سماعها.

أخلد الجميع الى النوم وفي منتصف الليل استيقظ سعيد على رنة هاتفه الموبايل نهض مسرعاً من السرير وهو يفكر خير اللهم اجعله خير مين حيكلمني في نص الليل كده؟ رد على الجهاز فإذا بصوت انثوي يقول:

- هاي ازيك؟

- أهلاً من حضرتك ولا مؤاخذه؟

- أنا فيفي عايزة أعزمك على البارتي اللي عاملاه الليلة.

- فيفي مين يا افندم وبارتي ايه ده؟

- انت مش ميشو؟.

-  أنا مش  ميشو حضرتك طالبة النمرة غلط وتاني مرة بلاش ازعاج في نص الليل الناس وراها شغل يا ست انتي

وضع السماعة غاضباً وعاد الى السرير وهنا وجد زوجته مستيقظة وتنظرإليه بنظرة مريبة:

- مين دي يا سعيد اللي بتكلمك في نص الليل؟ ماتنكرش  أنا سامعه صوت وحدة ست

- دي فيفي.

- فيفي مين؟

- واحدة صايعة طالبة النمرة غلط وقال ايه عازماني على بارتي ( حفلة )

- يا سلام وعاوزني أصدق إن النمرة غلط؟

- وما تصدقيش ليه؟ هو أنا حاكذب يعني؟

- بقى بعد العمر ده كله يا سعيد ستات تكلمك في نص الليل وتروح بارتيات كمان ؟حسبي الله عليك حسبي الله عليك أنا لا يمكن اقعد في البيت ده أبداً.

- ياولية وحدى الله واعقلي , انتي حتروحي فين في نصاص الليالي ؟

- يبقى انت اللي تسيب البيت وتمشي انا مش ممكن اقعد في نفس البيت مع راجل خاين وبتاع نسوان زيك ولو مامشيشتش حاصوت والم عليك امة لا اله الا الله

لبس سعيد ثيابه وخرج من البيت وهو يلعن الموبايل واللذي اخترع الموبايل والساعة السوداء التي قبل فيها بهدية اخيه  وظل يمشي  في الشوارع دون هدف وفجاة راى امامه محل موبايلات فاتح قرر سعيد ان يستغل هذه الفرصة ويبيع الموبايل ويتخلص منه دخل الى المحل وسلم على الشاب الواقف وقال :

-         تشتري البتاع ده ؟

نظر البائع اليه والى هيئته الغير مرتبة والى الموبايل الفخم اللذي لايتناسب معها  وقال بريبة :

-         بكام ؟

-         اي سعر انا عاوز اخلص منه والسلام

-    انت شكلك حرامي وسارق الموبايل ده وعاوز تدبسني فيه . واخذ يصرخ باعلى صوته : حرامي حرامي وممسكا بيد سعيد حتى وصل امين شرطة والقى القبض على سعيد واخذه الى قسم الشرطة مع الحرامية والنشالين

وكل موبايل وانتم بخير  

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com