|
قصة قصيرة
شمس
وملاذ
بارد
موسى
غافل
الشطري
لا
يبدوعلى
الفتاة
ما
ينبيء
بوضوح
عن
أسباب
ذلك
الوجوم،
الذي
اكتنف
ملامحها.
لكن
الأُم
توعزه
إلى
القلق
الذي
هيمن
على
قلبها
قبل
قلب
ابنتها
من
مضي
السنين
والبنت
ما
زالت
قعيدة
البيت.
كان
هذا
ـ
وكأن
الأم
تعالج
الأمر
بذلك
ـ ما
يستدعيها
دون
إرادتها:
أن
تواصل
إطلالتها
على
الشارع
المقفر.
متطلعة
عبره،
متسائلة
وهي
لا
تجهل
الأسباب:
أين
ذهبت
الناس
؟..
كم
كان
هذا
الزقاق
يوجع
الرأس
بصخبه
وعراكه؟
كم
كانت
الحياة،
كأنها
أول
ما
بدأت
في
المدينة
نشأت
هنا؟
فلماذا
تقفر
حركة
الزقاق
يوماً
بعد
يوم؟
وهاهي
تعتاد
عيناها
على
أبواب
البيوت
التي
يكتنفها
الصمت،
ولم
يعد
هناك
في
أطراف
الليل
ما
كان
يتردد
من
ضجيج
وقهقهات
.
ربما
أصبح
غير
مألوف
أن
تتردد
ضحكة
حينذاك
. ما
كانت
الأم
تعني
هدفا
معينا
لتطلعها.
والآخرون
تروّضوا
للعيش
مع
هذه
الحقيقة
واستسلم
لها
الجميع
دون
أن
يستغربها
ممارسوها،
سوى
أولئك
الذين،
أذا
وافاهم
الحظ
وعادوا
من
غياب
ـ
وما
أكثر
أسباب
الغياب
ـ هم
بالتأكيد
سيتفاجؤون
بهذه
الرتابة
والإذعان
لتقبلها.
بعد
استدعاء
جارهم
الشاب
محمد
من
غرفته
آنذاك،
التي
لم
يمض
على
سكنه
فيها..
زمن
طويل،
إذ
قال
له
الذين
اقتادوه
:ـ
ستعود
بعد
عشر
دقائق
.
لا
تدري
أم
سليمة
أين
اختفى
؟
وأي
رجال
اصطحبوه
.
فقد
ختم
الاستدعاء
بهدوء
. ثم
ساد
الصمت
عن
مصيره.وكأن
نزلاء
المنزل
لم
يروا
ولم
يسمعوا
.
وحيث
طال
غيابُه،
ألقت
صاحبة
المنزل
بحاجياته
خارجا،
وخلسة
احتوتها
أم
سليمة
واصطحبتها
معها
إلى
منزلها،
ألتي
تطل
غرفته
على
شرفتها
واحتفظت
بكتبه
وفراشه
والمذياع
وحاجيات
أُخر.
وقد
استهونت
أم
سليمة
استدعاءه،
مقارنة
بالنزيل
الذي
كان
يشغل
نفس
الغرفة،
قبله،
حيث
اقتحموها
وبعثروا
حاجياته،
واقتادوه
إلى
حيث
لا
يعلم
أحد
.
فتوقعت
خطأ
: أن
محمداً
ستكون
قضيّته
هيّنة
ويعود.
بيد
أن
الآخرين
في
المنزل
يدركون
: أن
الغيابين
لا
يختلفان
فالاستدعاء
بحد
ذاته
ليس
هيّنا
.
أما
من
الذي
استدعى
هذا
وذاك
..
فلا
حاجة
لإجهاد
الذهن
بمثل
هذه
الأمور
.
* *
*
بعد
غيابه
..
طالما
تمعنت
سليمة
بكتبه،
وصورته
التي
بدا
فيها
أحدث
سنّا
والملصقة
بوثائقه
الثبوتية،
تناولت
تلك
القصاصة
التي
تركها
بين
طيّات
كتاب
بعنوان
(ليل
طويل)،
كان
ينوي
أن
يُهدي
الكتاب
إلى
سليمة
وفيه
قصاصة
ورق
دبّجها
من
اجلها
.
تلك
القصاصة
التي
شغلت
اهتمامها،
وكررت
قراءتها
مرّات
عديدة،
ولتستعيد
التمعن
بصورته
كلما
وجدت
وقتاً
ملائماً
. مع
هذا
فهولا
يغادر
ذهنها
.فكلماته
العذبة
والمؤلمة
لقلبها
توضح
:انه
كان،
كما
توقعت،
يرصدها
دوما،
عبر
شقوق
درفتي
النافذة،
وهي
ترتدي
بذلة
خاطتها
لواحدة
من
العرائس.كم
عذّبتها
تلك
الذكرىالتي
تتكرر
ليلاً
ونهاراً
؟
تتذكّر
أنها
استعرضت
نفسها
بإفراط
.
وأنها
ربما
آذته
بذلك
.
بينما
كانت
العجوز
متحرّقة
أن
تعرف
عنه
شيئا
. إذ
طالما
تداولت
الحديث
مع
ابنتها
التي
هي
فعلا
تكتم
اهتمامها،
وتقتطع
جزءاً
من
وقتها،
لكي
تتطلع
إلى
ذلك
الساكن
دون
جلبة
0وكأنه
يتكتم
على
وجوده
.
وقبل
رحيله
المجهول،
دعته
عمداً
ذات
ليلة
لتناول
قدح
من
الشاي،
بقصد
التعرف
على
اسمه
. ثم
حاولت
أن
توحي
إليه
لكي
يكون
على
حذر
.
لكنه
تحاشى
أن
يكون
قد
أدرك
ما
غمزته
من
أمر
.
لم
يكن
سوى
لائذاً
عند
هذا
الزقاق
المنزوي،
حرصا
منه
أن
يبتعد
ويحافظ
على
حياته
لكي
لا
يكون
مصيره
كحال
أخيه
الذي
اختفى،
دون
أن
يتجرّءوا
على
الاستفسار
عنه.
ويوم
أن
وطأ
الغرفة
لأول
مرة،
فوجئ
بحالتها
المزرية
من
رطوبة
وصليل
ورائحة
العتق،
متطلعا
إلى
النافذة
التي
ينبغي
عليه
أن
يزيح
ما
تراكم
على
حافتها
من
غبار
.
كما
عثر
على
أشياء
متناثرة،
استقرأ
عبرها
عن
ساكنها
السابق
.
كانت
أشياؤه
حذاء،
وأدوات
حلاقة
وصحف
متناثرة
ومرآة
وفراش
مرمى
في
الزاوية
بغير
اعتناء
ووسادة
قُذفت
بعيداً
وأشياء
أخرى
مبعثرة،أوحت
هذه
الدلائل
: أن
أمرا
عنيفا
حل
هنا
.ربما
هذا
مجرد
حدس
عكسته
الأمور
المحيطة
بكل
شيء،
لكنه
وارد
.هذا
ما
أوحى
إليه
قلبه
.
وما
أثار
قلقه
هي
تلك
النظرات
الموحية
من
ساكني
المنزل،
ألمستغربة
والخائفة
من
شيء
مجهول
.والتي
تتحاشاه،تلك
النظرات
الجافلة
المصوّبة
إليه
.
فقد
استقرأها
وعليه
أن
يدرك
خفاياها
.
وأن
يرتاب
ليزداد
حذرا
واحترازا
.
هكذا
يبدومحمد
الذي
هوفي
عقده
الثاني
ونيف
.
وهوحديث
العــهد
بهذا
المسكن
.
وسليمة
الخيّاطة
أدركت
ذلك
بوضوح
.
وآلة
الخياطة
التي
انحرف
عملها
من
بذلات
العرائس
والملابس
الزاهية،
إلى
الملابس
السوداء
.
توقفت
عن
صوتها
المليء
بالنشاط
المطرب،
فانصرفت
إلى
خياطة
الحقائب
السوداء
والملابس
السوداء
.
في
بداية
سكنه،
كانت
الأم
هي
التي
أخبرتها
بمفاجأة
هذا
النزيل
.
وراقبت
المرأتان
تلك
النافذة،
بعد
أن
سادها
الصمت
.
حتى
أن
الشاب
الجديد
تحاشى
أن
يشرّع
لوحتيها
التي
سئمت
هذا
الانكفاء
.
الأم
وابنتها
راقبتا
من
شرفتهما
: أن
ما
يحدث
هوما
ينبئ
عن
حركة
تتولد
وتتوضح
خلف
النافذة..وأن
ثمة
صريرا
يؤدي
إلى
تململ
الدرفتين
لكي
يتزحزحا
قليلا..كأنهما
يغتصبان
ذلك
دون
حق..وأن
يتكشف
بوضوح
: أن
النزيل
الجديد،يمُْثل
خلف
ما
يجري
من
حركة
. ثم
يزاح
ما
تراكم
من
الغبار
الذي
تجمّع
هنا،
منذ
زمن
ثقل
عبؤه
عليها
.
وجعل
ذلك
الصرير
يتوجع
ويطلق
تأوّهاته،
ليُعلن
عن
مخاض
مألوم
.
وأن
النزيل
الذي
لم
يمتثل
قبالهم
بعد،
قد
أقحم
نفسه
بالميل
إلى
تجديد
الهواء
.
الذي
تكدس
انحباسه
داخل
الغرفة
المهجورة
.
وهوفعلاً
يتحسس
بكون
سكنه
هنا،
يستدعيه
أن
يفعل
شيئا
أشبه
بالشنيع،
بكونه
ينوي
أن
يشرّع
النافذة،
حتى
يخفف
من
وطأة
إحساسه،
الذي
جعله
يشعر
بعبء
ثقيل،
وهكذا
يتصور،
لكي
يزيح
معالم
ألركود
الذي
زاد
من
توحش
مكانه
.
وأن
يروّض
الفراغ
المهيمن
بوطأته
. ثم
يوفر
ما
هوضروري
من
حاجيات
.
وقد
اختار
على
مضض
حاشية
النافذة،
كونها
تصلح
موقعا
اضطرارياً
ــ
عند
اقتضاء
الحاجة
ــ
للكتب
وجهاز
الراديووالمرآة
وأدوات
الحلاقة
والمشط
وفرشاة
الأسنان.ثم
يثبّت
مصباحاً
يتدلى
من
أعلى
النافذة.
وقد
فوجئ
كما
فوجئت
المرأتان
عندما
شرّع
النافذة
بالمثول
وجها
لوجه
وتطلّعهم
باهتمام
لبعضهم
.
لكن
سرعان
ما
أسدلت
الفتاة
ستارتها
بينما
مكثت
الأ
م في
محلّها
كأن
المفاجأة
مرحّبٌ
بها
. في
حين
جفل
الشاب
ولاذ
جانبا
.
* *
*
أوحى
انفراج
الشرفة
إلى
شغف
تلقائي
لاستقبال
إشراقة
الشمس
في
كل
صباح
شتائي،
حتى
ركونها
إلى
الخارج
ورحيلها
رحيلا
أليفا
وبغير
جفاء.
وفي
الشرفة
النابضة
بالحياة
والدفء،
ثمة
مرآة
لخزان
فائض
عن
الحاجة،
شغل
الواجهة
المقابلة
للنافذة،
التي
بدأت
تتثاءب
متواجدة
بتحفز.
لكي
تستدرج
الشمس
استدراجا
ودودا
وتستوعبها
. ثم
تتدفق
سطوعا
ودفئاً،
كأنّها
تتباهى
بما
أجزلته
.
فينعكس
ذلك
باتجاه
النافذة
المغلقة
على
وجع
البرد
.في
وقت
عَذّبَها
الصليل
للدفء
دون
جدوى.
فأمعن
ذلك
التدفق
على
اختراق
حصن
الصليل
الرابض
بعناد
وجثا
خلف
الدرفتين
.
أوحى
إليه
هذا
كأنهما
يشتركان
بتأمّل
ما
يحدث
حيث
يتألّق
المصباح
وتتلاشى
المسافة
بينهما،
وتولد
الألفة
بينه
وبين
حياة
وديعة،
يقترب
فيها
الاطمئنان
ودفء
امرأة،مثل
هذه
الفتاة
المؤطرة
بكل
ما
يحن
إليه
ويتمنّاه،والتي
يطل
الصباح
وقد
فاضت
شرفتها
بسطوع
الشمس
.
كان
انبهار
الشمس
يستدعي
من
فتاة
دأبت
أن
تحاكي
أيّامها
بضغط
رقيق
على
لوحة
تحريك
ماكنة
الخياطة
باستسلام
كامل
لإلفة
محببة
مع
هذا
الفيض
من
الضياء
.
فأزاحت
الستارة
لينسكب
دفق
الشمس
على
جدائلها
وجفنيها
وجيدها
. .
واعتادت
شفتاها
تزامنا
مع
أُغنية
تسربت
عبر
النافذة
من
حاكي
النزيل،ى
حابية
على
تلك
الشفتين
اللتين
لا
يبدوأن
أرهقهما
عشير،
وأذبل
اكتنازهما
.
فما
زالا
يتآخيان
مع
زغب
نسوي
رقيق،
وصوت
مديني
.فتنصرف
ألعينان
إلى
تينك
الدرفتين
ويظلان
يرمقان
انغلاقهما
بإمعان.
وتردد
الشفتان
بانسجام
مع
أغنية
هي
بالكاد
تسمع
.
تمنّت
الفتاة
أن
يتحرر
الصوت
من
كابحه،
لكنه
تردد
بوضوح،
فتداعت
الأغنية
عبر
حنجرة
مطربها
كأنه
يستجير
.
كانت
الفتاة
توقف
عجلة
الخياطة
وتنصرف
إلى
تلقي
ما
انبعث
بوضوح
فتصاعدت
الأغنية،
وتدفقت
الشمس
بوهج
غير
اعتياد
ي،
كما
لوأنّها
قد
أغراها
غزل
الأغنية،
فبيتت
أمرا
مع
مرآة
الشرفة
لتجمع
كل
جهدها
وتنعكس
على
نحوأخرق،
باتجاه
النافذة
التي
صيّرها
الصمت
والبرد
أكثر
توحشا
.
تستيقظ
النافذة
بانبعاث
صريرها
لكي
تنفرج
قليلا
وتنثال
الأشعة
المكتسبة
فوق
السرير
الناقع
بالبرد،
وقد
اعتاد
محمد
أن
يعيش
وحيدا
مع
صقيع
الفراش
الذي
لم
تشرق
عليه
شمس
من
تلقاء
ذاتها
.
وكان
انعكاسها
بمرآة
لا
تفي
بشيء،
فاعتاد
على
غطاء
هوأشبه
بقبويلوذ
به،معتادا
أن
يتكيّف
مع
أجواء
مسكنه.
ثم
بعد
أن
تلين
عظامه
وأعصابه،
يشرع
باجترار
ذكرياته
المندثرة،
المليئة
بالإخفاق
من
قدرته
على
الاقتران
بجسد
آخر
.
فليله
فارسه
البرد
وسلاحه
المهيمن
الصمت
.
ليس
سوى
ذلك
الانعكاس
الذي
أخفق
مما
تجود
به
الشرفة
من
طيف
شمس
معكوس
عبر
المرآة
.في
صباح
..
أغدق
على
شرفة
الفتاة
بالارتخاء،
حيث
تتسعّر
طاقة
النشاط
بما
ينبعث
من
صخب
آلة
الخياطة
وانشغالها
بحرارة
العمل
.
يقتبس
الشاب
من
تلك
الحرارة
الدائبة
ليشغل
باله
بما
يربطه
مع
الدفء
المستعار
الكاذب
الذي
لا
يتحسس
نشاطه
على
جسده،
سوى
ما
يسمع
وما
يرى
دون
أي
حال
أفضل
.
كان
وجهه
يتجمد
عبر
الليل،
ويوجع
البرد
أصابع
قدميه،
فينبعث
لديه
بكون
كل
هذا
الإحساس،
هومجرد
خداع
لا
يجدي
.
فيتزحزح
لتمتد
يده
إلى
زر
النور
ويطفئه،
ثم
يغلق
الحاكي
ويدثر
رأسه
لتكتمل
الإجابة
بما
يقنع
الفتاة
: أن
كل
شيء
قد
انطوى
وبهت
.
ويبدأ
الكرى
يثقل
جفونها
. ما
يخفف
من
وحشته:أن
هناك
في
المساء
مصباحاً
يتألّق
على
جبهة
شرفتها
يغتسل
بالمطر
ويقتل
الشعور
لديه
بالظلام
الذي
خلّفته
الحرب
وتعاقب
فواجع
الموت.وكان
يسلّيه
ذلك
التألق
المشاكس
لهمي
المطر،
فيكتسب
المقدرة
على
التألق،
وإبداء
الشعور
بتماثل
الدفء
وسط
الانهمار
يرقب
ما
يتأجج
من
انثيالات
تثير
لديه
شبقا
من
الشوق
للحياة
الهانئة
الرافلة
بها
الشرفة
.
وما
تثيره
حركة
آلة
الخياطة
من
مشاعر
مذهلة
.
كذلك
شعر
الفتاة
التي
أسرفت
بتركه
يتخلّى
عن
عفّته،
فيفعل
الشغل
فعلته
فيه،
ويفضح
كذب
تكاسله،
حين
انسيابه
بلا
مبالاة
على
كتفيها
ويدان
ورديّتان
تشربتا
بسمرة
أرهفت
لونها
.
أطل
عليه
كل
ذلك
عبر
شقوق
ألنافذة،
وقد
تداعت
تلك
الأغنية
التي
تذكره
بقلب
يتوجع
* *
*
في
كل
يوم
تمكث
الأم
تتحرى
هي
وابنتها،
لعلّ
تلك
الأغنية
تعيد
تسللها
من
النافذة
وتُلطّّف
الصمت
أمام
الشرفة
الناضحة
بالحياة
.
فطالما
أقنعت
نفسها
بأن
ما
يتراقص
من
ضوء
يرتجف
خلف
النافذة،
هوناشئ
من
حركته
المقرورة
.
راقبت
سليمة
هذا
وهي
تضغط
على
دوّاســــة
الخياطة
.
يجري
كل
ذلك
وهي
مواظبة
على
إحصاء
ما
يتذبذب
من
ضوء
مصباح
غرفته
.
دائبة
على
مواصلة
مراقبتها
عبر
مرآة
الداخل،
التي
تعامدت
لتحتضن
فضاء
نافذته
فتوحي
كأنها
تخترق
جثوم
البرد
هناك
.
وتحفّزه
أن
يجاهر
بتلك
الأغنية
لتشد
الخيط
الذي
يربطه
مع
ابتهاجها
ودلالها
.
قالت
الأم
لفتاتها:
ــ
أنها
أغنية
حزينة
0أنها
تثير
الحنين
.
أعجب
كيف
يتحمل
هذا
الشاب
الرهيف
كل
هذا
الصليل.أنا
لا
أدري
لماذا
يقضي
شتاءه
وحيداً
وبدون
دفْ
كان
يجدر
به
أن
يــجد
حلاً
لذلك
.
فبعث
ما
يتداعى
في
ذهن
الفتاة
:
إنها
تتمنى
لوأن
الأمور
بيدها
لأغدقت
من
شمسها
على
مخدعه،
بما
يكفي
أن
يكون
فراشه
وغطاءه
دافئين
.
لكن
حينما
تعلوالشمس
لا
تتعامد
إلاّ
بما
تفيض
به
شرفتها
.
وتتخطى
نافذته،
دون
أن
تطيف
سوى
شعاع
ضنين
من
ثرائها
.
وكان
الدفء
الذي
ترفل
فيه
طيلة
الضحى
يستدعيها
أن
تخفف
مما
ترتديه
من
ثياب،
وتنشغل
قدماها،
وتستلقي
جدائلها
على
قطعة
الخياط،
وتروح
عيناها
تتربصان
بما
يتوقع
من
حركة
خلف
نافذته
.
وفي
الليل،
حيث
تترصد
انبعاث
ضياء
الغرفة
وصوت
الحاكي
المنبعث
منها،
يمتلئ
ذهنها
بكونه
يلصق
وجهه
على
أحدى
فجوات
لوحي
النافذة،
لاختلاس
النظر
إلى
ذلك
العالم
الصغير
الذي
يبهره،
ويستدعي
أن
تتألق
فيه
سليمة
.
فتتحرى
عما
تتوقعه
وتتأمله
عبر
مرآة
تتشوّف
بها
العرائس
والسيدات
اللواتي
يتعاملن
معها
.فتصوغ
لهن
ما
يبهر
رجالهن
.
إنها
مسافة
ضيّقة
جدا،تكاد
أن
تحصي
أنفاسه
لقربها
.ويكاد
هوأن
يشاهد
النمش
من
على
جيدها
. بل
أنها
توهم
نفسها:
أن
تلك
الأنفاس
تقترب
من
جيدها.
وأن
لمسات
من
أصابعه
الناقعة
بالبرد
توجعها
.
راقبت
باهتمام
ذلك،
ربما
ليرقب
مفاتن
انحناءتها،
ومواظبتها
على
تحريك
آلة
الخياطة
.
راقبت
أن
تراقصاً
لحركته
.
ربما
هي
آخر
استيقاظة
ليودعها
ويطفئ
النور،وتصمت
الأغنية
.وتساءلت
:هل
أن
الظلام
يوفر
له
فرصة
أكثر
أمان
ليرقبها
بوضوح؟
ربما
يؤكد
ذلك
من
أن
النافذة
تأرجحت
درفتاها،
وا ن
أذنيها
التقطتا
ما
يشبه
سحب
المقبض
.لكن
هذا
ما
خشيت
أن
لا
يكون
سوى
حدس
ليس
إلا
.ّفهناك
مُتّسع
وقت
تطمع
فيه
.
كانت
تفرغ
توّا
من
خياطة
بذلة
عرس
كاملة
هيّأت
نفسها
وارتدتها،
مثلت
أمام
المرآة،
بدت
البذلة
متوائمة
مع
قوامها
.وبعد
طول
تأمل
رجلت
شعرها،
ثم
أرخت
الخمار
على
وجهها،
فتراءى
لها
تألّقه
.
وقد
أغدق
عليها
بانطباع
:
أنها
أحدث
عمرا
.وبأنها
في
أوانها
لتقبل
حياة
زوجية
ملحة
.
وتخيّلت
عبر
المرآة
: أن
يــدا
تمتد
وترفع
الخمار
.
تحرّى
نظرها
عبر
المرآة،حيث
تترصدها
الــنافذة،
أمام
عتمة
خجولة
شفافة،
يتداعى
من
خلالها
:
أنها
رصدت
بوضوح
تلك
العتمة،
كما
لوكان
ينجلي
ما
تخفيه
عن
الشاب
من
حركة
لما
تمارسه
.
وقد
استدعى
منها
أن
تتحفظ
وتتصرف
بأكثر
رقة
وكياسة،
فأسبلت
جفونها
واستدارت
إلى
الخلف
لتمعن
نظرها
متحرية،
ثاقبة
تلك
العتمة
لإصرار
حدسها
: إن
النافذة
تخفي
خلفها
ما
تخفيه
.
وأوجع
قلبها
:
بكون
محمد
قد
تسرب
برد
الليل
الجاثم
على
عظامه،
وهويتصالب
هناك،
ليرقب
ما
يتدفق
من
شباب
على
جسدها
وامتثاله
لحياة
زوجية
أجهرت
بالكامل
عبر
ليلة
حري
بها،
أن
تسرف
بانغمار
كامل،
لكي
يتأرجح
ليلها
ويستظل
ببهاء
هي
منشغلة
عنه
.فانثال
ملحاحا
كما
لوكان
حريا
بتداعياته
ليشغل
الليل
والنافذة
.
ولكي
يتحوّل
هذا
الظلام
الصامت
قبل
هذا..
إلى
فرصة
تستدعي
الانغمار
فيه،
بذوبان
زوجي
تتدفق
الحياة
المتوهجة
عبر
صمته،
فيثار
لكي
يتململ
ويرمش
باهداب
سوداء
دافئة
.
* *
*
عقد
ونيف
تكدرت
عبره
وجوه
ورسمت
الأظافر
فيه
ملامح
سمراء
للخدوش
الدامية.
وانكماش
الشفتين
إلى
أسفل،
طالما
ينعكس
الإحساس
لدى
العجوز،
التي
تصالبتا
ذراعيها
على
صدرها
على
نحوينث
يأسا
وكمدا
.
تطلعت
عبر
الزقاق..
كلما
خاطت
سليمة
ثوبا
اسود
عنى
لها
ذلك
بفقدان
أحد
أبناء
الزقاق.
تطلعت
الأم
عبر
الطريق
الذي
كاد
أن
يقفر،
دون
هدف
واضح
.ومن
بعيد
لا ح
للمرأة
التي
سأمت
الركود،
الرجل
الذي
ينعطف
عبر
بداية
الزقاق.وقد
بدت
لها
ملامح
نقلاته
تنزّ
كهولة،حفّزت
ذاكرتها:أن
تتعرّف
على
صاحبها.
كان
الرجل
يقترب
كأنه
يبحث
عن
دليل
. هل
في
مجيئه
خبر
محزن
؟
فيقترب
متهيبا
ولكنه
جادّ
في
بحثه
.
* *
*
نلك
الأيام
التي
غيّبت
تطلع
محمد
لعالم
الهدوء
والسكينة
.
وحرمته
من
حلم
لذيذ
استحوذ
على
لياليه،
مجرد
حلم،الذي
أفل
عنه
وبات
شاغله:
أن
تحلّ
بين
ذراعيه
.
لولا
تلك
ألليلة
التي
غيّبته
وحلّ
نزيلا
لدى
هذا
الارتهان،
فبقي
يجتر
ذكرياتها
التي
نقصت
سمفونيتها
.
ولم
يبق
منها
سوى
ذلك
الشغف
الجنوني
في
العودة
سليما،
ليمارس
عالمه
المنتزع
منه
.حتى
لوكان
أطلال
بقـايا
مما
افتقده،
من
اكتمال
نعمة
الحب
وتكوين
العائلة.
اُمنية:
أن
يعود
إلى
أهله
ويتفقد
مصيرهم.
ويعرج
على
شقة
سليمة
التي
تذكره
بتلك
الليلة
عندما
استدعته
الأم
لتناول
ألشاي
و(الكليجه
)التي
صنعته
أنامل
سليمة،
لقاءات
الأم
عند
عوداته
إلى
مسكنه
آنذاك
.
كان
يدرك
ـ
ويأمل
ـ أن
الأمور
تسير
في
طريق
يستكمل
فيه
حلمه
السعيد
.
وطيلة
غيابه،
شغلت
الفتاة
جزءاً
مهما
من
أمانيه،
لكي
ينطلق
إلى
العالم
الواسع
الذي
يتحرّق
إليه،
طيلة
زجّه
هناك،
أن
يشبع
شوقه
لوالدته
ووالده
ـ
اللذان
ربما
افتقدا
مصيره
ـ
ويفاتحهما
بزواجه
منها
.أشياء
بقيت
تشغل
باله
.
وكوّن
عبرها
عالماً
متكاملاً
من
الآمال
الزاهية
الألوان.
في
عالمه
الصغير
المغلق
هناك.
عالم
الغزوات
الناقصة
الإنجاز
.
كلما
تطل
عليه
تلك
الليالي
المفتقده،
من
الحياة
الصاخبة
المضاءة
من
حوله
: هي
نافذة
يطل
من
خلالها
على
شرفة
لوّعته
وأوجعته
من
سهر
اغتال
اكتمالها
عامل
الخجل
.
فبقي
لا
يملك
سوى
ليلة
حفل
الشاي.
وكلمات
مقتضبة
من
سلام
وانتظارات
الأم،
وبلاغات
العيون
وهمهمة
الشفتين
وشفرات
القلب،
في
جلسة
جرت
وجهاً
لوجه
.
ثم..مراقبة
ذلك
الطيف
من
خلف
الستارة
. ما
أوصل
قلبه
إلى
عزف
منفرد
لمعظم
لياليه
وصباحاته
المبكرة
.
* *
*
دخل
الرجل
الذي
تجاوز
العقد
الثالث،
إلى
الزقاق
الذي
بات
كأنه
غير
مـألوف
.
مسحت
معالمه
السابقة
بالكامل
.
توغل
ولاحظ
نافذة
غرفته
وقد
تدلّت
منها
لافتة
تعلمه،
أن
شاغلها
صانع
حقائب
سفر
.
تابعت
العجوز
تطلعه
للشرفة
المشغولة
بالأشياء
البالية،
وبان
ذهوله
كأنه
صعق.
اختفى
ذلك
الرونق
والليالي
المنوّرة
التي
اصطادت
قلبه
وتساءل
:
ــ
ما
هذه
القطع
السوداء
المقيتة
المتدلية
من
شرفتها
؟
تراجعت
العجوز
إلى
الداخل
لتطل
معها
فجأة
سليمة
التي
لاح
على
ملامحها
الذبال
.
وقد
اختفى
منها
رقّة
الوجه
وارتسمت
محلّها
غضون
سافرة.لاحظ
أن
طيف
ابتسامة
تشق
طريقها
على
محيّاها
الذي
امتقع
أكثر
.ربّما
لوقع
المفاجأة
.هبطت
العجوز
لملاقاته،ولتسأله
وهويقترب
ـ
ألست
محمدا؟
لم
يكن
أقل
ارتباكا،ولا
امتقاعا
.
قبلته
العجوز
وسحبته
معها
إلى
البيت
.كانت
الفتاة
التي
تسلق
إليها
في
الأعلى
قد
حيّته
ويدها
على
فمها
كأنّها
تخفي
امتقاعها.
قالت
الأم
مواسية:
ـ ما
هذا
الشيب
الذي
لا
يناسب
عمرك
؟
هذا
ما
كان
..أنه
يأسف
لما
كان،
فيفاجئ
الفتاة
بهذه
الحال،
التي
هي
حلمه
الذي
لا
يجارى
0هي
شاغله
في
السجن،
مثل
أمله
في
العودة
إلى
أهله
.
قالت
الأم:
ـ
مالذي
ذكّرك
فـينا
؟
قال
وهوبرقب
ابتسامة
الفتاة
المليئة
بالعتاب:
ـ
وهل
نسيتكما
يوما؟
هئنتما
تريان
أني
عدت
من
ساحات
الموت.
عندما
عدت
إلى
مدينتي،
لم
أجد
عائلتي
.بل
وجدت
عائلة
أخرى
تحل
محلّها.
وما
قاله
الجيران:
أن
عائلتي
قد
غُيّبت،
لكن
إلى
أين
؟ لا
أحد
يعلم.
وقد
حذّرني
أناس
طيّبون
: أن
لا
أمكث
في
مدينتي.
وقد
علمت
أن
الدار
قد
بيعت
.
قالت
الأم
وهي
تتلافى
أن
تخوض
فيما
يُؤلم:ـ
حسنا
يا
ولدي
..
باستطاعتك
أن
تعتبرنا
أهلك
.
غرفتك
شغلت
كما
ترى
.
وحاجياتك
محفوظة
عندنا
.
فإذا
رغبت
لدينا
غرفة
يمكنك
أن
تشغلها
.
أحس
هوبالارتياح،وبدا
يميل
إلى
الهدوء
والتروّي
.
فالعقبة
الكأداء
قد
زالت،
والفتاة
التي
بدت
أناملها
خشنة،جراء
نوع
العمل
الجديد،ألقت
بذراعيها
في
حضنها
كأنّها
قد
تحررت
من
عبْ
ثقيل
أرهق
فؤادها
وبان
عليها
طيف
من
الارتواء
.
* *
*
بعد
العشاء
الذي
جرى
الاعتناء
به،لكونه
قد
حلّ
بعد
غياب
طويل،يلفه
الغموض
واليأس،كان
يبدومجهدا
.
وفضّل
أن
لا
يذكر
لهما
ما
لاقاه
من
عذاب
وآلام،
والأعوام
التي
أرهقته
في
اعتقاله
دون
ذنب،أنه
بحاجة
أن
يستريح
من
همومه
تلك
.
وان
يعرف
ما
يؤول
له
مصيره
.أيتاح
له
فعلا
مجالا
للمكوث
قريبا
منها؟
وجد
سريره
مهيأ
في
الغرفة
ألتي
جرت
أضاءتها
.
وحاجياته
وكتبه
التي
رتّبتها
الفتاة
بعناية
على
منضدة
صغيرة
.
فوجئ
بكل
هذا
. ثم
بدأ
يبحث
عن
الكتاب
ألذي
طوى
بين
صفحاته
تلك
القصاصة
فلم
يجدها
. في
الصباح
استيقظ
متأخرا
.
فهولم
يبكر
في
نومه.
هكذا
اعتاد
أذا
تغيّر
مكانه
.لاحت
له
الشرفة
تغمرها
الشمس،وقد
أزيلت
منها
الأشياء
التي
تكدّست
بإهمال
.عاد
لها
رونقها
الذي
طالما
شغل
ذاكرته
بالأحلام
الجميلة
.
فاجأته
سليمة
بثوب
شبيه
بالذي
تغنّى
به
في
قصاصة
الورق،
وتمنى
أن
يشاهدها
فيه.
قالت
بعد
تحيّة
ألصباح
ـ هل
نمت
جيّدا
؟
قال:ـ
لقد
تأخرت
في
نومي
لأني
نمت
متأخرا
.
غادرت
سليمة
بعد
إذنه
. ظل
ينصت
لما
يدور
خلف
الباب.
كان
يسمع
الأم
توجه
البنت،
بحديث
هامس.
كان
الهمس
يدور
حوله
ويدفع
الفتاة
أن
تكون
أكثر
جرأة
لمجاملته.
استثقلت
الفتاة
الأمر
.
فدخلت
الأم
وقالت:ـ
ألحمام
جاهز..
تستطيع
أن
تغتسل
وتغيّر
ملابسك
بهذه
متى
ما
رغبت
.
وإذ
غادرت
الأم
على
عجل،
وقفت
سليمة
أمامه
باسمة،
كأن
عمرها
قد
تراجع
عن
ليلة
البارحة،
وامتدّت
يدها
اليمنى
لتزيح
الستارة
جانباً
بأنامل
بدت
متعبة
لكي
ينغمرا
معاً
بضياء
الشمس
ثم
يلوح
ظلاّهما
متعانقين
.
فيقول
لها
كأنه
يرجوها:
ــ
أترغبين
أن
تجلسي
؟
قالت
باسمة:
ــ
إذا
رغبٌت
أنت
؟
فتنحّى
ليترك
لها
متسعاً
...
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |