|
قصة قصيرة
مشتـــاق الفنـــــان رن هاتفي النقال وأنا في طريق عودتي من العمل، وكانت زوجتي تريد أن اشتري لها (كيس حليب) وتحديداً نوع (مدهش) لأنه الأطيب والأسهل ذوباناً، ولأنني (لا أستطيع أن أعصي أمراً لزوجتي أبداً!!!!!) فلقد اشتريت كيسين بدلاً من كيس واحد. وقصتي اليوم عن (حليب أيام زمان) ففي السبعينات لم نكن نعرف ما هو (حليب البودرة) أو على الأقل لم نكن نستعمله نهائياً وكان البديل عن ذلك هو شخص يأتي في الصباح الباكر (وقبل بزوغ الشمس حتى) وعلى دراجته الهوائية حاملا في سلته الأمامية والخلفية قناني مملوءة بالحليب الطازج (تعبئة يدوية.. من البقرة إلى القنينة مباشرة) ويبدأ بتوزيع ذلك الحليب على البيوت التي يتفق معها شهريا مقابل ذلك الحليب... يأتي ليجد (قنينتين فارغين) في باب البيت الخارجي فيأخذهما ويضع بدلاً عنها قنينتين مملوءتين (بالحليب الطازج).. ويمضي إلى بيت آخر. ليوزع جميع ما في سلته من حليب، ولربما كانت هناك جولة أخرى مع قناني أخرى وبيوت أخرى، وكانت هذه طريقته لكسب عيشه. كانت أمي حفظها الله تستيقظ صباحاً وتجلب الحليب من باب البيت وتضعه في قدر صغير لتغليه... والغليان كان له فائدتان: الأولى التعقيم من الجراثيم، والثانية الاستفادة من (الگشوة) التي ستطفو على سطحة لتناولها قشطة طازجة كل يوم. أما حليب الأطفال فإنني لا أتذكر إلا نوعية واحدة هي حليب (كيكوز) ذو العلبة المعدنية الرفيعة والطويلة ذي السطح المجعّد والمغلفة بورقة إما حمراء أو خضراء مكتوب عليها الماركة التجارية مع صورة شهيرة جداً لطفل له (گذلة) جميلة واقفة حتى باتت مثلاً لدينا لكل من نرى أن شعره يحوي (گذلة منتصبة) فنقول له... أشو اليوم مسوي شعرك كيكوز!! علماً أن تلك العلب كانت مشهورة أيضاً لأننا نضع فيها الماء لتجميده في الثلاجة عندما تفرغ، ونستعملها باستمرار لهذا الغرض
أحن كثيرا لتلك الحياة التي كانت
بسيطة جداً وليس فيها تعقيدات هذا الزمان.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |