قصة قصيرة

زوجته والقطة
 


عادل سالم

أديب عربي مقيم في الولايات المتحدة

رئيس تحرير ديوان العرب

عاد مساء إلى بيته ليجدها قد رحلت وأخذت ابنهما معها. لم تترك أية رسالة توضح سبب تركها البيت، لكن كان واضحا أنها لن تعود فقد أخذت معها كل متاعها ومتاع ابنهما الصغير ابن الثماني سنوات. لم ترد على اتصاله بها مما أثار شكوكه، هل حصل شيء معها ومع ابنهما رتشارد؟ اتصل بأمها على الفور في ولاية كلورادا التي تبعد أكثر من ألف ميل عن مكان إقامته في ولاية وسكنس، سألها:
- هل اتصلت بك جودي؟
- جودي تركت البيت ولن تعود إليك؟
- هل تعرفين أين هي الآن؟
فقالت له بجلافة:
- أعرف ولا أريد أن أخبرك لأنها لا تريدك في حياتها.
- لماذا؟ ما الذي حصل يا إلهي؟
- أنت رجل عنيف...
صمتت لثانية ثم تابعت:
- ربما لأنك جئت من وراء الجمال.
- لماذا هذه الشتائم، متى ستفهمون أن بلادنا فيها مدن وحضارة وشوارع وليس صحراء وجمال؟
- ها ها ها كلكم نفس الشيء...
- هل من سبب؟
- أنت تعرف السبب.
- لم يحدث بيننا شيء بالأمس.
- أتنكر؟ أرأيت لأن العنف جزء من حياتكم، ألا تفجرون أنفسكم لتقتلوا الآخرين؟
اشتد غضبه فقال لها:
- أعرف أنك حقودة تكرهين العرب والمسلمين، أين أستطيع أن أرى جودي ورتشارد؟
- لن تراهما.
- صدقيني لم يحدث شيء.
- أنسيت من ضربت؟
- ضربتها؟ والله لم أضربها اسألي رتشارد؟
- أعرف أنك لم تضرب زوجتك...
قاطعها قائلا:
- إذن ضربت من؟
- ضربت (سندي).
- سندي؟ تقصدين القطة.
- لماذا تقولها بقرف؟ نعم القطة الجميلة المسكينة.
- حتى القطة لم أضربها.
- ألم تسقط على الأرض بسببك؟
- لم أقصد ذلك، فقد كنا مشغولين بالحديث عن الحرب في العراق، وموت آلآف الأبرياء هناك.
- تتضامن مع الإرهابيين في العراق...
قاطعها:
- أنا لا أتضامن مع إرهابيين، أنا أتضامن مع الضحايا الأبرياء.
- كلهم مجموعة يستحقون القتل، أنسيت ما حصل بالحادي عشر من أيلول؟
- وما ذنب الشعب العراقي بما حدث في الحادي عشر من أيلول؟
- كلكم إرهابيون مجرمون، يكفي ما فعلته بالقطة المسكينة.
- أريد التحدث مع ابني.
- ابنك؟ إنه ابن جودي، ليس بينكما سوى المحكمة للطلاق وحضانة الابن.
- سآخذه رغما عنها.
- ها ها ها، وهل تعتقد أن المحكمة ستحكم لصالحك بعد أن تستمع لما فعلته مع القطة؟
- كل هذا من أجل قطة؟
- لقد أبلغتك أن لا تتصل هنا مرة أخرى وإلا قدمنا شكوى ضدك إلى الشرطة، أنت إرهابي.
ثم أغلقت الخط.
نظر إلى هاتفه النقال، أغلقه وأعاده إلى جيبه.
جلس على المقعد العريض يفكر بما سيفعله بعد رحيل زوجته مع ابنه بدون عودة.
حمل ريموت التلفزيون، ضغط الزر، بحث عن القنوات العربية التي كان نادرا ما يشاهدها بسبب زوجته التي لا تفهم العربية، لأول مرة يشعر بحرية في التنقل بين القنوات، والفضائيات. فجأة توقف عند إحدى الفضائيات التي تعرض مسرحية لعادل إمام ثم انفجر ضاحكا إثر أحد المشاهد الفكاهية، ظل يضحك بصوت عال، وتواصل ضحكه حتى كادت أنفاسه تنقطع، قال لنفسه:
- اللهم اجعله خيرا، لأول مرة في حياتي أضحك مثل هذا الضحك منذ زواجي بجودي قبل عشر سنوات.
هز رأسه ثم تابع:
- لولا هذه القطة ما ضحكت أبدا!!

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com