دراسات نقدية

 

من شعراء الناصرية ..

الشاعر مظهر اطيمش من رفض البداوة وغنى للحرية حتى الرحيل

الدكتور صدام فهد الاسدي / البصرة

saddam_alasadi@yahoo.com

كيف يتحدث الناقدعن شعراء الناصرية وهم كثر,فبالامس القريب كان (عناية الحسناوي)يغني للناصرية قصائد المحبة والانتماء قائلا:

الناصرية جنة قد زانها سحر الربيع معطرا اجواءها

الناصرية من فؤادي قطعة وانا لباب نخيلها وثراها

الله اودع سره بظلالها بسهولها وربيعها وقراها

ومن الشطرة تلك المدينة الخصبة بالادباءوالافذاذ من المبدعين والفنانين كان الشاعر مظهر اطيمش يكمل الخطى لتلك العائلة المعروفة بالادب والعلم فتخرج في دار المعلمين عام 1926م وكانت النجف الاشرف محطته الثانية ونهل من روافدها بصبر وجهاد كبيرين,وقد تفتقت موهبته البكر تعلن عن شاعر مد له ابن عمه الشيخ ابراهيم اطيمش يد العونوبذل جهدا في تعليمه واهم دروسه علم العروض وتيقن الشاعر بان الشعر هدف يحرر النفوس من امراضها خاصة وان اهل الشعر دفعوا ثمن خيبتهم وعجزهم عن مواكبة الحضارة بهذا البلد المسجون في قمقم النسيان وهو الذي خلق الحضارة وبث اشعاعها الى الدنيا.,وكم يؤلمه حين يرى مجتمعا اميا وهو يحمل مسببات نجاحه,ولديه حضارة رائدة,وكان متيقنا بان الحرية لاتاتي مجانا لا بالنضال:

انا نناضل كي نعيد لشعبنا حرية فيها الجراح تضمد

وكم تساءل لماذ1ا يظل بيته خربايصدح فيه طائر البؤس وهو يمتلك اسباب الرزق والعطاء وليه نهران لايجفان وادباء بثقل الدنيا كالجواهري والسياب والبياتي ونازك ,ولماذا يخنق الزمن ابداعهم ايريدهم ان ينصاعوا للقيد فهذا هو المحال ان ينتمي اطيمش اليه,:

ان بيتا لم ازل احيا به طائر البؤس عليه صدحا

لقد قرا الشاعر التراث العربي وتاثر بفيلسوف الشعراء العرب (المعري ) الذي ناغاه في وفاته بعد مرور الف عام قائلا :

ابا العلا والمعاني انت مبدعها اشرق ليسعد فيك اليوم تبياني

مرت بك الالف لم تسمع سوى نغم من فيضك العذب مسكونا بالحان

سل المعرة كما قاس مخلدها مصائبا ذات اشكالا والوان

ومن العصر الحديث تاثر بالشاعر محمد جواد الشبيني الذيرثاه قائلا:الخطب افقدنيا الرشاد فهات نغم الاسى بروائع الايات

ياشاعرا اضفى على الادب الذي حللا بذوب فؤاده القات

واعتز بالشاعر الكاظمي وقدم اشجانه المحترقة في ذكراى رحيله:

فيا شاعرا وفى البلاد حقوقها وخلدها في منطق غير دائر

اليك ضفاف الرافدين مشوقة لتسمعها لحن النفوس الحرائر

وبعد عام من رحيل الرصافي قال الشاعر مظهرك

يامرسل النفثات ملهبة الجوى في الخافقين كانها بركان

اما شخصية الرسول الاكرم(ص)فقد تكررت في شعرهك

يوم بمولد خير الرسل افضلهم مخلد وبه الاجيال تفتخر

يوم به اشرقت انواره فزهت دنيا الانام وفيه استبشر الحجر

ومن اروع ما كتبه للامام علي(ع)قصيدة(ابا تراب)التي القاها في كربلاء 1950م :

ابا الائمة والائمة شعلة للحق قد خلقت منارا هاديا

قسما بحبك يايمين محمد والطيبن مقاصدا ومساعيا

اابا تراب ان شططت عن المدى واتت جيادي تستحث ركابيا

يا ايها النبا العظيم تحية صغت القريض بها نزيفا داميا

وقد اكد ان انطلاقة الشهادة تبدأمن الحسين(ع)فهو المنار الهادي للانسانية كلها:قال في يوم العاشر من المحرم:

يايوم عاشوراء كم لك لوعة فيها اذبت من الاسى احشائيا

قسما بحبك والوصي واحمد والذاهبين لنا منارا هاديا

وكم اوصى الشاعر ان حلاوة الايمان ان يستسقي الانسان من آل محمد(ص):

هلا استقيتم من شريعة احمد ومن المعين لاله الاطهار

ومن قدحات هذه الانوار القدسية بحب اهل البيت(ع) لم يظهر على الشاعر ميله الى الطائفية بل كان يمقتها قائلا:

بالطائفية لم نزل نتشدق وبلادنا بيد العدا تتمزق

وكم كشف النقطة الحساسة التي دخل منها الطامعون الى بلادنا قائلا:

وجد الطغاة الطامعون بارضنا طرقا معبدة بنا كي يرتقوا

ما الطائفية ياحداة ركابها الا سلاح للتدهور يمشق

وكم فاحت الوطنية الحقة من افانين روحه وهو مؤمن بحب الوطن الكبير

حرا خلقت بهذه الاكوان فعلام كالعبد الرقيق اراني

او لست فردافي الحياة يحق لي الا اكون مهدم الاركان

وكم تالم وهو يرى الفلاح العراقييكافح ويزرع والحصاد من حصة الغني المترف,كيف يلتذ الغني المتبطر بشقاء الفلاح المتعب:

بكدحك آل الموسرون سعادة وانت لالام الشقاء رهين

ومذ تفجرت ثورة تموز1958م وهللت انوار الحرية كانت قصيدته اول قصيدة القيت من اذاعة بغداد في 19/7/1958م:

بك لابغيرك والفرات الجاري سنشق صبح تحرر وفخار

انهيت عهد الظالمين بثورة ستظل نبراسا الى الثوار

عبد الاله وقبل كنت مشردا متطلبا كأسا من الخمار

حتى اذا اصبحت حاكم شعبنا غاليت بالتنكيل والاضرار

وقد بين الدكتور ماجد السامرائي في كتابه(التيار القومي في الشعر العراقي)ان الشاعر قد وصف عبدالاله قائلا

ذاك عبد الاله من قد تحلى بصفات لم يحصها وحي شاعر

وارى هذه الاشارة لم تنصف الشاعر لانه اراد ان يغالي في وصف عبد الاله بهجاء وليس المدح هدفه ابدا,واذا اتفقنا مع راي الدكتور فهي فلتة لسان يتعرض الى مثلها كل شاعر خاصة في ظروف التغيير السريع,ولم ينس الشخصيات العراقية (ابا التمن)

عام يمر على ذكرك ياعلم ولايزال الاسى في القلب يضطرم

,ولم ينس السجناء الابطال(اخوة المجد)

اذا راح بالحق السليب مطالبا والحق في تحقيقه لقي الصدا

وزج به بالسجن تلفح نفسه سياط بوجه العدل مشهورة عمدا

,ولم ينس وعد بلفور المشؤوم

ولو انا صدقنا العزم يوما وسرنا مخلصين الى الدفاع

لما احترقت لبلفور وعود ولامنيت ربوعك بالصداع

وتناص الشاعر مع الشابي في قصيدته(اذا الشعب يوما)قال

ان الشعوب اذا تريد مواتها لحياتها هاجت هياج ضوارس

وبعد هذا الكفاح اين رست سفينة الشاعر ؟لقد تقاعد براتب لايسد حتى ورق الكتابة لنشر اشعاره قال

وقد امضيت في التعليم ستا وعشرينا وتسعا بعد خمس

بها اسديت ما يرضي ضميري ويسعده الى الجيل المحس

غرست الفضل اعواما طوالا لاجني من ثمار الفضل غرسي

ولكن ماذا جناه الشاعر؟الصمت والغربة الروحية وهذا لم يسكت حبه للعراق والفراتينك

اما العراق فقد تفتح ذهنه بالعاملين لخيره وتقدما

وقوله:

ومن لهم جنب الفرات ودجلة مواقف ظل الدهر فيها مغردا

لقد سماها اصداء شاعر وقد كانت حقا اصداؤه جرسا مدويا في آذان الطغاة حتى عام 1972م سكت الجسد واستقر في المكان النهائي للانسان ولكن لم يسكت شعره ابدا فانا الناقد البصري اسبح بفضاءات الوجدان واعلق على بارقة الشمس لافتات هذا الشاعر الناصري الكبير طوبى لك ياناصرية الابداع ورجال الحرية.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com