دراسات نقدية

 

فرائد الشعراء في مصرع سيد الشهداء

الدكتور صدام فهد الاسدي / البصرة

saddam_alasadi@yahoo.com

يا سيد الشهداء من جراحات يومك الذي اثكلوا به الإسلام بمصرعك وقتلوا نبيهم بمقتلك :

اليوم قد قتلوا النبي وغادروا

                   الإسلام يبكي ثاكلا مفجوعا

وكم تتأصل الآثار والإطلال والدلالات والرموز وقد تنسى حين تمر عجلة الأيام أما مكانك كربلاء ويومك عاشوراء فخالدان خلود التاريخ :

كان كل مكان كربلاء لدى

                  عيني وكل زمان يوم عاشورا

و ياما تغيرت الحياة ومات الكبار وتناستها الأجيال أما أنت فما زلت خالدا تتجدد من عصر إلى عصر فما عرفت البشرية جمعاء عظيما مثلك قيل فيه الشعر غزيرا ولكن كل الذي قيل وكتب والذي سيأتي ما هو إلا كنقطة في بحر شهادتك بل لم يعادل نزفة واحدة من نزفات الرضيع, إنهم يظنون قد قتلوك بل قتلوا الهدى ونقصوا وأنت وأهل بيتك زدتم شرفا وسكنتم في سويداء القلوب:

ولم تقتلوهم بل قتلتم هداكم

                    بهم ونقصتم عند ذاك وزادوا

ولذا بات يومك ومازال يضني الجسوم ويقتل العبرات والأرواح :

يوم الحسين بكربلاء لعمره

                   أضنى الجسوم وأتلف الأرواحا

ولذا ستبقى اللعنة لبني أمية كما قال ابن حماد:

سألعن ظالميهم طول عمري

                   وضيعا كان منهم أو شريفا

وما لدينا إلا الدموع وسيلة:

سأبكي دما بعد الدمــوع لفقده

                  وان يك لم يترك لي الحزن مدمعا

وليتهم انتهوا بقتلك جسدا بل حفروا قبرك الطاهر وأغرقوه وقد تنكروا لفضل جدك وأبيك:

عجبا لمن قتل الحسين وأهله

                   حرق الجوانح يوم عاشوراء

أعطاهم الدنيا أبوه وجده

                  وعليه قد بخلوا بشربة ماء

ما أكبر الفاجعة ؟ المسيحيون يقدسون وقفة حمار لنبيهم ويقيمون له صليبا كما قال الباخرزي:

وأرى المسيحيين بعد مسيحهم

                   ما قصروا في وقفة وولاء

ظفروا بأرض حماره فاستبشروا

                   فكأنهم ظفروا بنجم سماء

وقتال سبط الهاشمي وقاحة

                   لم تند قط صفاتها بحياء

ولكن أين نهاية ابن مرجانة اللعين كما قال الشيخ إبراهيم بن نصر:

قل لابن مرجانة لابد أن

                   تعض كف الخاسر النادم

والأصعب من هذا أنهم يتأملون الشفاعة والأمس في مجلس يزيد اللعين يظهر القلم كاتبا على الجدار:

أترجو أمة قتلت حسينا           شفاعة جده يوم الحساب

فكلما تجدد يومك الفاجع بكت السماء دما" كما قال الكتاني :-

والله ما جاد الغمام وإنما

                  بكت السماء لرزء آل محمد

وكيف لا تغيب السعادة عن البشر بعد قتل الحسين مظلوما" كما قال الشريف الرضي:-

كيف لا يسـتعجـل الله لهم

                    بانقلاب الأرض أو رجم السما

لهذا صلت النجوم كما قال سليمان ابن قتيبة :-

وقد أعولت تبكي السماء لفقد

                    وأنجمنا ناحت عليه وصلت

ويلومون حبنا وولاءنا للحسين وبالأمس قال الشافعي:-

لو كان ذنبي حب آل محمد

                    فذلك ذنب لست عنه أتوب

بوركت نهضتك يا حسين , كانت نهضة من طراز فريد وصرخة تهد عروش السلاطين:-

أيها الذائد عن شرع الهدى

                   أنت رمز للمعالي يا حسين

وفي العشرين من صفر يوم مرد الرؤوس يوم تعاظم المأساة والحزن وحسب واقعة كربلاء أن تبعث على أطلالها صرخات الشعراء في سورة جامحة يحرقون العار بأقلامهم ويشعلون سهام الحرية التي رشقها العناء عليك يوم الطف فأصبحت أوسمة علقت على قبرك الشريف ومن بين هذا الإبداع الذي ليس له بداية ولانهاية لان شخصك لا تصفه الكلمات ولا تحمله الدواوين , جاءت تلك الفرائد من الشعراء تصف مصرعك يوم الطف وكفال فخرا" فقد وقفت شجاعا" تهابك الرجال كعلي أبيك وخطيبا" فصيحا" رشقت كلماته قلوبهم وحرقت ضمائرهم وقد علقتها لافتات توجت بها التاريخ وكان مستهلك "(الموت أولى من ركوب العار) رصاصة مزقت قلوبهم ثم رجزك (أنا الحسين بن علي)* فذكرتهم ببدر وحنين وحين رشقتك السهام كالمطر رددت(إلهي أنت تعلم أنهم يقتلون رجلا ليس على وجه الأرض ابن نبي غيره) وحين سقطت من فرسك الميمون قلت(صبرا على قضائك وبلائك يا رب لا معبود سواك ) وكنت ثابتا في الميدان قال الشيخ جعفر النجفي :

ولا سمعت أذني ولا أذن سامع

                   بأثبت منه في اللقا وهو واحد

وكانت استغاثتك ولكن من سيجيب..؟(وا جداه وا غربتاه وا قلة ناصراه أأقتل مظلوما وجدي المصطفى وأذبح عطشانا وأبي المرتضى وأترك مهتوكا وأمي الزهراء). وكان دعاؤك الخالد على القوم الظالمين (وأيم ربي أنى لأرجو أن يكرمني بهوانكم ثم ينتقم منكم). وقد انتقم الرب منهم وفي معركة فاصلة بين الحق والباطل رجال المبادئ وشبه الرجال أصحاب الدنيا والمال وقف الحسين بعد مصرع إخوته وأبنائه ودعا أخته العقيلة أن تأتيه بثوب ممزق لايرغب فيه أحد ثم بدأ النزال وقد رسم الشعراء تلك الصور الشعرية في مصرعه بدلالات منها :

1-وصف تخضيب شيبته الطاهرة:

قال ابن حماد:

سأخضب وجنتي بدماء عيني

                   لشيبته وقد فصلت خضابا

وقال محمد عبدالله السوسي:

وكأني به وقد خر بالترب

                    صريعا مخضبا بدماء

وقال محمد بن هاشم:

عفرتم بالثرى جبين فتى      جبريل بعد الرسول ماسحه

وقال ابن أبي الحديد المعتزلي :

متجلببا ثوبا من الدم قانيا

                   يعلوه من نقع الملاحم برقع

وقال الكميت الاسدي :

ومعفر الخدين من آل هاشم

                   ألا حبذا ذاك الجبين الترب

2 -وصف عطش الإمام الحسين:

قال مهيار الديلمي:

أيا عاطشا في مصرع لا شهدته

                   سقيتك فيه من دموعي الذوارف

وقال ابن العرندس:

أيقتل ضمآنا حسين بكربلا

                   وفي كل عضو من أنامله بحر

ووالده الساقي على الحوض في غد

                   وفاطمة نهر الفرات لها مهر

وقال الشيخ مفلح الصيمري:

تموت عطاشــى آل بيت محمد

                    ويشـرب هـذا الماء ترك و ديلم

أهذا الذي أوصـى به سيد الورى

                   ألم تسمعوا أم ليس في القوم مسلم

3-وصف سقوط الحسين من مهره:

 قال الصنوبري:

خرّ يضاهي قمراً زاهراً

                   وأين منه القمر الزاهر

وقال هاشم الكعبي في كثرة الرماح التي وجهت للحسين :-

فأضحى حسين للرماح دريئة     وغودر مسلوباً لدى الطف ثاويا

4- وصف ذبح الإمام الحسين من قبل الشمر اللعين:

قال الصاحب بن عباد :-

ذبحوه ذبح الأضاحي فيا قلب

                   تصدع على العزيز الجليل  

وطأوا جسمه وقد قطعوه

                   ويلهم من عقاب يوم وبيل

وعندما حز الشمر نحره الشريف قال الكعبي :-

وشمر يحز النحر غير مراقب

                   من الله لا يخشى ولا يتوجل

وقال الصقر الموصلي:-

جسد بلا رأس يمدّ على الثرى

                    رجلا له ويلم أخرى فازعا

وقال أبو فراس الحمداني:-

واحتزّ رأساً طالما من حجره

                    أدنته كفـّـا جــده ويداه

وعندما برك الشمر على صدر الحسين ليذبحه قال جعفر الحلي:-

شل الإله يدي شمر غداة على

                   صدر ابن فاطمة بالسيف قد بركا

5- وصف رفع رأس الحسين على الرمح ونكث ثغره:

قال الصنوبري:-

ويل يزيـد غـداة يقـرع

                   بالقضيب من سيد الثنيات

وقال محمد السمعي :-

و نادى برأس السبط ينكث ثغره     وينشد أشــعاراً بها قد تمثلا

ألا فاعجبوا من ناكث ثغر سيد     له أحمد يمسي  ويضحى مُقبّلا

وهذه إشارة إلى اللعين يزيد فما اخجل العرب وما أحقرهم حين حملوا الرأس على الرمح شامتين كما قال الناشىء الصغير:-

وقد قطع العداة الرأس منه

                   وعلوه على رمح طويل

وقال الصاحب بن عباد :

نصـبوه على القنا فدمائي

                   لا دموعـي تسيل كل مسيل

وقال ابن حماد العبدي :

فهوى شــمر اللعين عليه

                   وفرى النحر في شبا البتار

يا عرب الخيانات بالأمس أرسلتم للحسين (أقدم علينا) قال جواد البغدادي :

هم استقدموه من مدينة يثرب

                   بكتابهم واسـتمردوا حين اقبلا

وساروا بزين  العابدين مذللا

                  لديهم وقد كان الكـريم  المدللا

يا بني أمية اللعناء ، أتعدون فاجعتكم للتاريخ قربانا..؟.قال معين الدين:

ومن العجائب أنهم عدوا الذي

                    فعلوه قربانـا من القربـان

فالمشركون أخف جرما منهم

                   وأشقّ يوم الحشر في النيران

لهذا كان الابيوردي محقا حين قال:

فلئن كنـت من أمـية إني       لبـريّ منـها إلى الرحـمن

6-بقاء الحسين وحيدا واخذ السبايا:

قال العبدي :

وظل السبط شلوا في الفيافي

                    تقلـّبه الشمائل والجنوب

ولكن كيف بهم يوم الحساب لحظة قدوم فاطمة برأس الحسين قال ابن حماد:

وأقبلت الزهــراء فاطم حولها

                   ملائكـة الرب الجليل جنود

وفي يدها ثوب الحسين مضمخ

                   دما ودج يجـري به ووريد

وقال الدكتور الأسدي :

مازال جـرح محــمد في فورة وادانة صرخت لاحدى القبلتين

لوقلتم قتل الامام بخدعة وخدعتم التأريخ في زيف وبين

ماذا يكون جوابكم لما الرسول يدينكم في مرتين

ذبح الامام علي في محرابه وبكربلا ذبح الحسين

                  و بعد هذا هل ترك الأمويون للدين حرمة قال القاضي الجليسي:

أيا أمـة لم تــدع للديـن حرمة

                   ولم تبق في قوس الضلالة منزعا

بـأي كـتـاب أم بأيـة حجـة

                   منعـتم بـه ما سـنـّه الله أجمعا

وقال السيد حيدر الحلي :

عترة الوحي غــدت في قتلها

                   حرمـــات الله في لطـف حلالا  

 *    *    *

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com