دراسات نقدية

 

 

أَسئلة النقد العراقي الراهن

 

سعد جاسم

شاعر عراقي يعيش في كندا

saadjasim59@hotmail.com

 

هكذا أَبدأُ أسئلتي :

* لاأدري كيف يفهمُ ( البعض ) النقدَ؟

* هل هو عملية ابداعية تقوم على التحليل والتأويل والتشخيص والأستقراء الدقيق لمستويات الاعمال الابداعية بمختلف انماطها ومذاهبها وتياراتها؟

أَمْ هوَ كمٌ وركام من الكتابات الشخصية التي تسعى الى المُحاباة والاخوانيات؛ وكذلكَ المصادرة والالغاء والتشهير والانتقاص من الأعمال الابداعية ومنتجيها؟

ان الذي دعاني الى طرح هذه الأسئلة والتي سأضيفُ لها أسئلة أُخرى تنتصب علاماتها الاستفهامية في

أَعماقي وفي اعماق الكثير من الادباء العراقيين الحقيقيين.

قلتُ : ان الذي دعاني الى هذا الطرح هو واقع النقد العراقي الراهن؛ هذا الواقع الذي - لما هو عليه الآن- يدعونا كمنتجين للنصوص الشعرية والقصصية والروائية؛ الى طرح المزيد من الأسئلة العملية والاشكالوية على المشتغلين والمتخصصين في هذا الحقل او الجنس الادبي الذي أَصبح واحداً من الأجناس الادبية والمعرفية الأساسية في الثقافات الكونية المعاصرة.

ومن الأسئلة التي نريد طرحها الآن :

 * الى متى يبقى النقد العراقي الراهن نقداً تابعاً وليس اساسياً أو محايثاً أو متماهياً أو متماثلاً أو متشاكلاً مع الأجناس الأبداعية الأُخرى؟

* الى متى سيبقى مايسمى بالنقد لدينا؛ نقدأ صحافياً واعلامياً خاضعاً لأشتراطات ومطاليب الحاجة الصحافية والاعلامية الاستهلاكية؟

 * الى متى سيظلُّ نقدنا منشغلاً بشرح مضامين النصوص الابداعية شرحاً ( حكواتياً وقصخونياً )؟

 * متى سيتخلص ( البعض ) من نقادنا من ( الكلائش ) الانشائية والخواطر الأخوانية التي يدبجونها

متوهمين انهم يقدمون قراءات نقدية لايماثلها نقد الأقدمين ولانقد المستقبليين والرائين؟

 * متى ستتخلص أو بالأحرى : كيف تتخلص النقدية العراقية من الطارئين الذين ينصّبونَ أنفسهم ليكونوا ( نقاداً ) في حركة الثقافة العراقية؟

 * هل ستبقى بعض الشخصيات النقدية المعروفة بمنجزها النقدي وتاريخها الادبي الرصين؛ متلذذة بالتفرج القصدي على ذهب الصمت وساكتة ازاء النتاج الادبي العراقي الردئ منه والابداعي والمكتنز والمتألق رغم مخالب الطغيان والقسوة والحروب والحصارات السود والاحتلالات والخرابات التي تعرضنا لها في العقود الثلاثة الاخيرة من تاريخ العراق الحديث؟

 * متى يتخلص ( البعض ) من نقادنا من الجاهزية والاستيرادية مع احترامنا واهتمامنا العاليين بالثقافات والحوارات الحضارية مع الآخر في مختلف بلدان العالم؟ ونعني بهذا التساؤل : ان هذا ( البعض )

من النقاد أَصبح يفصّل ماكتبه النقاد الغربيون والمغاربة عن ( بورخس ) يفصلونه على مقاس ( محمد خضير ). وماكُتبَ عن ( جاك بريفير أو يانيس ريتسوس ) يفصله نقادنا على نصوص سعد يوسف وماكُتبَ عن(غابريل غاريسيا ماركيز) يفصلونه على مقاس (عبد الخالق الركابي وماكُتبَ عن ( آيريس مردوخ ) يُفَصّل على مقاس ( لطفية الدليمي )  وماكُتب عن ( لوركا ) يفصلونه على شعر ( كزار حنتوش ). أو يُشَبّهونَ جهلا أو اتهاماً نتاجات ( احمد خلف ) القصصية بنتاجات ( ارسكين كالدويل ) ويشبهون قصائد ( عبد القادر الجنابي بنصوص( ترستان تزارا أو بريتون وربما جان كوكتو).. وقصص ( عبد الستار ناصر ) يحيلون مرجعياتها الى النتاج القصصي ل ( دينو بوتزاتي ). ويقارنون مسرحيات ( جليل القيسي ومحي الدين زنكنه ومحسن الرملي وقاسم مطرود وعلي عبد النبي الزيدي ) بمسرحيات ( يوجين يونسكو أو ادوارد البي أو جون اوزبرون ) او يتهمون ( عقيل علي ) بالسطو على ( آرثور رامبو ) أويتهمون ( محمد النصار ) بانتحال نصوص (سان جون بيرس ). ويشبهون نصوص ( محمد مظلوم ) بنصوص ( ادونيس )... وكذلك يتهمون ( علي السوداني وصلاح زنكنه ) بتشابه نصوصهم القصصية مع نصوص ( زكريا تامر ).

وكذلك فأن نقادنا يهملون او يتماهلون ( عمداً ) تشخيص أوجه التناص بين نصوص ( حميد قاسم وعبد الزهرة زكي وعدنان الصائغ وعبد الرزاق الربيعي وكاظم الحجاج وكريم شغيدل وحسن النواب وجمال جاسم أمين ).

 * متى سيشتغل نقادنا اشتغالاً نقدياً حقيقياً على النتاج الابداعي العراقي في داخله ومنفاه الذي انتجه المبدعون العراقيون : ( فاضل العزاوي؛ فوزي كريم؛ نبيل ياسين؛ عبد الرحمن طهمازي؛ جليل حيدر؛ عبد الكريم كاصد عيسى الياسري؛ سركون بولص؛ محمود عبد الوهاب؛ كاظم جهاد؛ جمعة اللامي؛ نجم والي؛ أسعد الجبوري برهان الخطيب؛ فؤاد التكرلي؛ كمال سبتي؛ جاسم المطير؛ فاضل السلطاني؛ صلاح فايق؛ زاهر الجيزاني صلاح عواد؛ وسام هاشم؛عالية ممدوح؛ فيصل عبد الحسن؛ شاكر لعيبي؛ برهان شاوي؛ شاكر الانباري؛ جمال جمعة؛ حمزه الحسن؛ جبار ياسين؛ مهدي علي الراضي؛ عبد الحميد الصائح؛ نصيف الناصري؛ عبد الرحمن الربيعي؛ بتول الخضيري؛ فرج ياسين؛ جاسم عاصي؛ عواد ناصر؛ طارق حربي؛ عبد الخالق كيطان؛ فضل خلف جبر؛ علي عبد الامير؛ أديب كمال الدين؛ خليل الاسدي؛ جنان حلاوي؛ زعيم الطائي؛ سلام ابراهيم؛ سعيد جبار فرحان؛ فاروق يوسف؛ حميد العقابي؛ فؤاد ميرزا؛ الفريد سمعان؛ غيلان؛ جمال مصطفى...كريم ناصر؛ شعلان شريف؛احمد عبد الحسين؛ ناصر مؤنس؛ سلام عبود؛عبد الرحمن الماجدي؛ فاضل الخياط؛ موفق السواد؛ ناجي رحيم؛ سليمان جوني؛ عبد الهادي سعدون؛ باسم الانصار؛ جلال نعيم؛ مهدي النفري؛ كاظم الحلاق؛ نعيم شريف؛ سلام سرحان؛ سلام صادق؛ دنيا ميخائيل؛ طالب عبد العزيز؛ عادل عبدالله؛ عبد الستار البيضاني؛ حميد المختار؛ سعد هادي؛ ناجح المعموري؛ ابراهيم البهرزي؛ عباس عبد جاسم؛ شوقي كريم حسن؛ طه حامد الشبيب؛ وارد بدر السالم؛ محسن الخفاجي؛ علي الشلاه؛ حكمت الحاج؛عزيز التميمي؛رعد فاضل؛ محمد الحمراوي؛ امل الجبوري؛ بشار عبد الله؛ خالد كاكي؛ بلقيس حميد؛هيثم بهنام بردى؛ لؤي حمزه عباس؛هشام عبد الكريم؛ قصي الخفاجي؛ محسن الرملي؛حسن ناصر؛ كريم الدريعي؛ صادق زوره؛ محمد الاحمد؛فيصل ابراهيم؛ناظم مزهر؛ بشار عبد الله؛ يوسف اسكندر؛علي مزهر؛علي ناصر كنانه؛ غريب اسكندر؛ رعد مطشر؛ حيدر عودة؛ زيارة مهدي؛ محمد سعداوي؛ نزارعبد الستار؛ حسن بلاسم؛ حاكم موجد؛ حسن عبد راضي؛ علي حبش؛ صفاء ذياب؛ نجاة عبد الله؛ سعد محمد رحيم؛ اديب ابو نوار؛ فاضل القيسي؛ خالد البابلي؛ حسين السلطاني؛ مازن المعموري؛ عمر مجبل؛ زهير بهنام بردى؛ علي بدر؛ عبد الكريم كاظم؛ هادي الحسيني؛رياض الغريب؛ ومنى كريم آخر ثمرات الابداع العراقي الذي ينهض دائما كما الفينيق من رماد خرابه؟

 والراحلون المبدعون: رعد عبد القادر وصاحب الشاهر ورياض ابراهيم وعبد الحسن الشذروآدم حاتم

واسماء مبدعة اخرى ربما غابت عن الذاكرة  في لحظة الكتابة هذه .. فعذرا لها...

نعود لنتساءل متى يمكن لنقادنا ان يقوموا بقراءة النتاج الابداعي لهذا الحشد الهائل من المبدعين العراقيين؟

 وقد اكتشفنا ان عدداً من نقادنا وعبر حوارات متعددة معهم؛ ونعتقد ان هذا الامر يعتبر من أخطر الاشكاليات والاخطال التي وقعت فيها النقدية العراقية؛ اكتشفنا ان هؤلاء النقاد لايميزون بين ( خالد المعالي وخالد جابر يوسف... وبين صلاح فايق وصلاح حسن... وبين باسم المرعبي وباسم حسن... وبين عايد خصباك وعلي خصباك... وبين عبد الخالق الركابي وهشام توفيق الركابي وبين سلمان داود محمد ومحفوظ داود سلمان... ولايميزون بين سهام جبار وسهام محمد -رغم ان االاولى شاعرة مجتهدة ولها حضورها في الشعرية العراقية اما الثانية فهي مطربة الدرجة الثالثة..

وتصوروا ايضا ان ( البعض ) من نقادناً لايميزون بين ( موفق محمد وموفق شوكت - بالمناسبة مَنْ هوَ موفق شوكت ).. وكذلك فانهم لايفرقون بين حسين علي يونس وركن الدين يونس.... وبين علوان حسين وحسين علوان وبين أجود مجبل ومجبل المالكي وبين حكيم الجراخ وعباس هاني الجراخ و أخيراً وليس آخرا فانهم لايميزون بين فرج الحطاب وفرج وهاب.

وكذلك فان البعض من نقادنا لايعرفون هل ان ( جنان جاسم حلاوي وزيارة مهدي واستناد حداد ووجدان عبد العزيز ) هل هم ادباء ذكور أَم اناث؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وهكذا فإنَّ عدم التمييز قائم وغياب الرؤية والتجاهل المتعمد مستمر والكسل والتثاؤب والانشغال بقضايا ثانوية لايزال يهيمن ملياً على تفاصيل واقعنا النقدي العراقي سواءً في الداخل أو في الخارج وأعني هنا ( الواقع الراهن ) لا الواقع المضئ والمبدع الذي تقف وراء حضوره واشراقه مجموعة من الشخصيات النقدية الرصينة التي ساهمت ولاتزال تساهم في خلق خطاب نقدي رؤيوي يقف بقوة بين خطابات النقد العربية.

وأَخيرا نقول :

لانتمنى لاسئلتنا هذه ان تبقى مجرد تساؤلات او صيحات او شهقات تنتصب علاماتها الاستفاهمية في العراء.. بل هي بإنتظار الاجوبة التطبيقية التي تساهم مساهمة فاعلة وحقيقية للارتقاء إرتقاءً كلياً بواقع النقد العراقي الراهن وبالثقافة العراقية العريقة

 

اشارات نعتقدها مهمة

لقد قمت بكتابة هذا المقال قبل اكثر من ثمانية اعوام؛ و كنت عندها في داخل العراق وقد حاولت نشره في الصحافة العراقية في الداخل... الا ان جميع رؤساء تحرير الصحف اليومية والمجلات الادبية رفضوا نشره... ويشهد على ذلك الصديق القاص عبد الستار البيضاني الذي كان مسؤولاً عن الصفحة الثقافية لجريدة العراق وقد كان قد دفع هذا المقال للنشر الا ان نصر الله الداوودي رئيس تحرير الجريدة قد آمر بعدم

نشره لاسباب لم نعرفها لا انا ولا الصديق البيضاني.. وكذلك فإن الاستاذ سامي الزبيدي حاول نشره في الصفحة الثقافية لجريدة الجمهورية البغدادية الا ان رئيس التحرير اوقف نشره... وايضا رفض الشاعر سامي مهدي نشرهذا المقال بشهادة القاص حاتم  حسن الذي كان مسؤولاً عن الصفحة الثقافية لجريدة الثورة... اما يونس ناصر عبود  الذي كان مسؤولاً عن الصفحة الثقافية لجريدة القادسية فقد كتب تقريراً عن المقال الى رئيس تحريرها هاني وهيب وقد حدث ان اطلع احد الاصدقاء على التقرير وفهم ان فحواه تشير الى ان هذا المقال( يمجد ادباء المعارضة والمرتدين على القيادة الحكيمة...) وعلى ضوء ذلك اوصى وهيب بعدم نشر اي مادة لي في جريدته....

إزاء هذا الاقصاء المتعمد والديكتاتورية الثقافية ازددت اصرارا على ايصال اسئلتي للمتلقين... ولذا فقد قمت بتقديم المقال في جلسة ادبية في اتحاد الادباء والكتاب في مدينة الحلة / بابل العظيمة... وقد كان من ضمن المدعويين لهذه الجلسة الكاتب والناقد العراقي المثابر ناظم السعود... وقد اعلن عن اعجابه بطروحات المقال وقد اخبرني بأنه سيكتب متابعة عنه في جريدة الثورة البغدادية وبالفعل قام السعود بكتابة متابعته عن تساؤلاتي هذه.. ونشرت في الثورة..

وقد انبرى لها الناقد باسم عبد الحميد حمودي مناقشاً ومعترضاً وحتى مسفهاً ومن المفارقات العجيبة ان صدام حسين قد قرأماكتبه باسم حمودي فقام بتكريمه بمبلغ مالي كبير في وقتها... وقد حدث وبعد عدة ايام ان التقيت بحمودي في مركز الفنون التشكلية في بغداد... وتعمدت ان احاوره حول رده على مقالي هذا... وبعد ان  تجاذبنا الحديث بين اخذ وردٍّ اباح لي حمودي بأن تساؤلاتي مهمة ومشروعة جدا و قد اتفق معي على ان نقادنا العراقيين ليسوا فقط مهملين وكسالى وعاطلين.. بل هم مرتشون...

وعندما هربت من الوطن الى الاردن اعدت كتابة هذا المقال وارسلته الى صحيفة الزمان اللندنية... والغريب في الامر ان السيدة لينا الطيبي التي كانت وقتها مشرفة على الصفحات الثقافية في الزمان قامت بتحوير عنوان المقال الى (اسئلة النقد الراهن )... لماذا...؟ انا ادري بذريعتها على اساس ان الزمان صحيفة دولية ولاتروج للمحلية العراقية... فقهقت - انذاك - عليها وعلى صاحب الزمان.

وبعد سنوات من الترحال في منافي الله... وقبل ايام وبمحض المصادفة عثرت على مقالي هذا... وقد قمت بأعادة كتابته وها انا انشره كما يليق بمتنه الذي اتمنى ان يكون جديراً بالثقافة العراقية.

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com