دراسات نقدية

 

إفردي جناحيك أيتها الكلمة المكنونة

آثاريون للشاعر فضل خلف جبر

قاسم ماضي / ديترويت

إهتمام الشاعر فضل جبر خلف ومن خلال مجموعته الشعرية ( آثاريون) الصادرة عن دار أزمنة للنشر والتوزيع منصب على البشر / القبور / الجثث / الدم / الهياكل رمز تقليدي في مخيلة الشاعر.وأن جميع قصائده مستمدة من ذات الانسان لأن الاهداء الذي قدمه في مقدمة المجموعة هو الى الانسان وهنا والد الشاعر هو رمز انساني كبير يقول فيه

لست وحدي من لا يقوى على تصورك غائبا ً

الحياة نفسها لا تقوى على فعل ذلك!

اليك يا أبي

لروحك المشرق

وشموسك العالية

وبمناسبتك دائماً!

 

فنجد في شعره الزوارق / الرحيق / الزهرة كلها مستمدة من هذا العالم / هذا العالم الغريب الذي يسيطر على أبناء البشر / فالشاعر يتخذ من التأمل هي الفسحة الوحيدة لإعطاء الاشياء تسمياتها / الشاعر له مشروع شعري كبير وذلك لانه يعطي المدلولات الحسية عملية تقتصر على التعبير عن الذات تلك الذات المتحركة الراسمة أفق تألقها في فضاءات هذا الكون /فشاعرنا قلق وقصائده تتكون في أعماق روحه الهائمة المبدعة /وهو الدائر في فلكه / لتكوين حالة من رغبته القصوى التي تسهم في الاستمتاع بلحظته الآنية لغرض تكوين غاية الاستمتاع في قصائده.

 

أيتها الزوارق المبحرة في لجة الانعتاق

إلي برحيق العناء وزهرة الشجن

لأحفرَ في العراء قبورا ً بلا عدد

لأواري جثث َ السنين وهياكل الخرافة

وأؤثث كل الصباحات المخربة

لتغدو صالحة لسكنى الوطن!

 

فالقلق هو قلق النفس المنخورة من داخلها بهذه العوالم الضبابية لتشكل تجربة تسهم في عطائه وتوهج منجزه الابداعي / كلما رأيته في منفانا القسري في ديترويت او هاتفته ليشبعني ثقافة ومفردات من عالم اللغة والجمال، أجده يغلي ويفور دمه لكن بصمت فهو منتفض من الداخل المنخور كأنه يعزف سمفونيته التي لم يكتبها لحد الآن.هذا المبدع من جيل الثمانيات جيل الشاعر عدنان الصائغ / عبد الرزاق الربيعي /جواد الحطاب / سلام كاظم، هذا الشاعر الحاصل على جائزة الشعر عام 1993 ( جائزة مجلة الاقلام ) هو من مواليد أهوار الجنوب وله مجموعته الشعرية الأولى ( حالماً أعبر النشيد ) عام 1993 في بيروت / ولأنه يجيد اللغة الانكليزبة وله اطلاع واسع في الأدب الانكليزي ويعمل في حقل الترجمة، أصبحت قصائده مكتملة بتلك الصور الجزئية بمكونات النص.

أنه يطيل التفكير بالعالم وبالإنسان وبذلك هو يحول أفكاره السوريالية الى نظام جديد في شعره / فهو يستخدم كل حواسه ان كانت بصرية اوسمعية للنظر الى الأشياء.

 

وإن كنت لم أخطط لأكون زعيماً ً

لقبائل الزنبق الهائلة

 فإنني أرفض ما يشرعه الأنوناكي!

 وأرفض ما يقرره الأيكيكي!

وأرفض أن أكون رقما ً في قطيع السلاحف!

وأنا لست ضد السلحفاة ذات

بل ضد التسلحف مبدأ!

 

ولكن حين نتسآل، ماهو مشروعه الشعري!وهل الشاعر رقم من الارقام الشعرية!وهل الشاعر يقتنص الفرصة لكي يصبح في خانة الشعراء العظام مثل المتنبي / الجواهري / السياب، لاسيما

وان عدد الشعراء بات اليوم اكثر من الشعر كما يقال / وهل الشاعر يصب كل قصائده في البحث عن عالم آخر وراء حدود تجربته / فيأتي بقصائد تمزج عنصرين مهمين هما الشكل والمضمون / والشاعر فضل خلف يخلق الفة مع مخيلته ولغته الشعرية التي يقف عليها قدمأ وساق.ففي قصائده دلالات واستعارات يوظفها في قصائده ( هوميروس ) ( هيلينا ) ( الألهة ) اصراره على ذكر الاسماء ودمجها في صبغتها الكونية الشعرية.وبالرغم من قصائده متقمصة الوجدان لعالم الانسان لكنه منعزل في صومعته الباحثة عن تكوينات مراقبة ومتابعة ومتعاطفة مع الانسان /يقول عنه الشاعر المبدع عبد الرزاق الربيعي ( عرف الشاعر فضل جبر خلف بالعزوف عن النشر والمشاركات في المهرجانات واللقاءات الثقافية رغم حرصه على حضورها ) ولأنه صبور كصبر الانبياء وغير آبه للشهرة ويمتلك القدرة الخارقة لوصف الاشياء ومدعياتها ويحرك كل بواطنها ليزيح الستار ويظهر سر الطاقة التي يمتلكها فهو حافظ وقارئ للأدب القديم والجديد بشكل جيد ولديه موسوعة لغوية كبيرة فتجد القصائد في دواوينه كأنها متعددة المواقع وتحمل فلسفتها الخاصة فقصيدته بالغة الاصالة وما على النقاد الا متابعة قصائده.

 

 السلاحف لاتقرأ كتاب الشمس

ولاتزرع دروبا ً للحرية

السلاحف لاتبكي ولا تشتاق

السلاحف لا تطمح ولا تغامر

السلاحف لا تحلم ولا تتوهج

ولا تستطيع النوم خارج كهوفها السميكة

ذلك أن السلاحف: سلاحف

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com