|
دراسات نقدية
درب الحطابات .. أدب السيرة الذي تفوح منه رائحة السمك المسقوف والغناء الريفي الأصيل
انتصار السعداوي / كربلاء رواية الحطابات للأديب والفنان حسين الهلالي , لم تبتعد كثيرا عن ميوله الأدبية في كتابة المسلسلات والمسرحيات الريفية , التي غالبا ما تفوح منها رائحة السمك المسكوف والعنبر,وتتخللها أبوذيات الغناء الريفي الأصيل الذي اشتهرت به دواوين (مضايف)الناصرية . ولم تكن درب الحطابات مجرد سرد لسيرة حياة مطرب ريفي فقط . وإنما تضمنت تصويرا رائعا لقلم فنان تشكيلي لطبيعة الريف العراقي في العشرينات وتوثيق لما كان يجري في الدواوين الريفية والمشايخ والمقاهي الريفية ، وهذا فضلا عن الصور الشعرية العاطفية والإنسانية والوطنية التي تضمنتها القصائد الشعرية الشعبية والبوذيات التي جاءت في سياق الرواية مما جعل الرواية تصلح ان تكون مسلسلا ريفيا غنائيا ناجحا . أما عن أحداث الرواية الحقيقية فهي لم تكن من بناة خيال المؤلف حسين الهلالي وإنما هي قصة حياة المطرب الريفي خضير حسن (ضامر)في الرواية والذي تفرد في طور (الشطيت) واشتهر بإبائه وأصالته وحبه للعمل ولم يحترف الغناء أبدا إلى أن مات بمرض التدرن الرئوي . وقد استطاع الهلالي تسخير الفولكلور الريفي وتراثه وحسه الفني والموسيقي لحياكة رواية ريفية بألوان الريف العراقي وموسيقى الغناء الريفي الأصيل . نشأ ضامر بين عام 1901الى عام 1945 في قصبة سويج حواس (ناحية الغراف حاليا) .وبدأ الغناء وهو ابن الثانية عشر ، وعند بلوغه العشرين امتهن العطارية وصار يدور في القرى والأرياف يبيع (الحناء والهيل والمسج والسكر والتبغ وفوط النساء والأقمشة) . ليجد نفسه محاطا بمجموعة من الفتيات اللائي يجمعن الحطب (الحطابات)ليشكلن معه كورسا غنائيا . وفي الليل كان الجميع يجتمع في مضيف خاله ويبدأ الغناء بالتناوب بين القرويين وبعدها يغني ضامر . وتستمر السهرة حتى الصباح . أحب ضامر حسيبة وتحمل المشاق الكثيرة وكافح كثيرا ليحصل عليها ، وسرعان ما دب الخلاف بينه وبينها تارة ، وبينها وبين عائلته تارة أخرى مما أدى إلى انفصالهما بعد أن أنجبت له بنتا واحدة اسماها غزالة . وقد رفض ضامر عروض كثيرة ومغرية للغناء مقابل مبالغ كبيرة قائلا(نحن لسنا غجرا). هاجر ضامر إلى البصرة وعمل في الكمب الانكليزي في الشعيبة وغنى للعمال أغاني وطنية أثارت فيهم الحمية والنخوة وحدثت اضطرابات في المعسكر من جراء ذلك حيث غنى . أريد الطم عل راسي بلادي منك يلعذبت روحي بلادي وان جارت عليّا عزت بلادي كرام أهالي وان شحوا علّي وغادر إلى عبادان هاربا من بطش الانكليز وغنى في مقاهيها . وبعد هذه الجولة عاد به صديقه الشاعر عبد الجبار إلى البصرة وادخله المستشفى بعد أن بانت عليه أعراض المرض وتوفي بعد خمس عشرة يوما . (ضامر)هو المطرب المعروف خضير حسن الذي لم يسجل سوى 9 اسطوانات وهو صاحب الأغنية المشهورة التي تقول : يلوم ألما دره بروحي شمره وما يدري الدهر عن ودهم شمره ليالي فرآكم والله شمره أمر من المنازع بالمنيه وقال الأديب حسين الهلالي في حديثا له عن المطرب خضير حسن انه التقى بغزالة أبنة المطرب في عام 1997 وهي في الخامسة والستون من العمر وتحدثت له كثيرا عن والدها . ولد المؤلف حسين الهلالي في قضاء الشطرة عام 1940 وتخرج من معهد الفنون الجميلة وعمل مدرسا لمادة الرسم في العراق والسعودية ثم درس في كلية التربية المفتوحة بنفس الاختصاص وهو عضو اتحاد الأدباء ونقابة الفنانين العراقيين ومؤلف لعدد من المسرحيات السومرية وكتب عدد من المسلسلات العربية منها قتيبة ابن مسلم الباهلي وعبد المحسن السعدون . وله زاوية ثابته في موقع بنت الرافدين بعنوان من ذاكرة نساء الريف
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |