دراسات نقدية

 

أصداء الوان الطيف .. (الجزء الاول)

فائز الحداد

نص: شاسع بما يكفي وحنون نموذجا ..

حين اقترفت سمر محفوض نبوءة النص... أطلقت عليها رصاص الشعر ؟!!

لماذا أنحزت الى نص سمر محفوض في الشك الشعري دون نصوص أخرى ..وصرت كالذي يقرأ الصورة في قادح الاذى الشعري لعين الشاعر ، وأشم رائحة الشعر من تضاعيف وجهه قبل قصيدته . ؟!!

لقد مرت سمر محفوض كطيف هديل الصورة في شعاع الرسم ، وما توقفت عندها لشرودي الدائم بحثا عن الشوارد.. و لأن النصوص العندي تجاوزت العشرات ، وبعضها أكله النسيان بعذاباتي المريرة الجامحة صوب شعرية لاتماثل الا روح الله في الشعر .. الشعر الذي اقرأه بعيني طفله تسابق ظلها في بلوغ تساؤلات الأنا والتي لم نبلغها نحن الشعراء ، واقرأه بعمق صدق المرأة حين تحب .

ولأنني اكره المرور سريعا على ضالة الوهم الشعري المسطري في نثرنة بعض ذوات ( الالباب ) ، وقفت على عنوانات نصوصها واسترجعت صدى صورتها الوحيدة المتكررة بواعز رجل يبحث عن شعر يشبه صاحبه في ادق تفاصيله فوجدت ضالة مأساتي بوجع هذه المرأة الشاعرة التي اراحت عن اصابعي تعب البحث عن الشعر ، فكانت بحق ( القلعة في مطاردة البيادق ) المسيرة آليا ، وحين وقفت على لوح قرائتي قالـت لي ( كش ملك ).. أنا هنا وكي لايعتريك وهم ألا شيء أقرأني بامعان ستجدني مضارعك العنيد ، ودع ما يلهبك في جنون الكتابة !! .

هكذا تعرفت على سمرالشاعرة بتبني شك ( الصورة _ الشعر ) باتجاه اكتشاف يقينيات نصوصها القائمة على الشك ايضا ، فهي وبأيمان القول سابرة لجاحم جماليات الشعر في مطاردة المعنى وركوب فرس اللغة صوب تفجير قاموسياتها ، لكنني أدعوها وقبل كل شيء الى أدراك أسرار خبائين هما ( الاسراف والاندثار ) في بناء تشاكل النص وهو عندها في حساب ضآلة اللمام والعسر .

الغرائبية ب ( شاسع بما يكفي وحنون ) أنه يبدو للوهلة الأولى وكأنه نصوص قصيرة متعددة ، ولا هنالك من من ناظم يشير الى ترسيخ أحادية ( الانا ) المشتته فيها الى عدة أصوات ، لكن حقيقة الفعل الشعري في أعادة قراءة تشاكل النص غير ذلك تماما .

فهل هناك من ضير أن نتقاطع مع العنونة لصالح النص ؟ وهل هنالك من خلاف أذا كان البوح يتوزع على هيئة أصوات تحتشد بجماليات باذخة شفرتها عصية الامتلاك ولا تهب اسرارها بيسر القراءة مثلما فعلت سمر ؟ .

أذن : نحن نسعى الى أدراك مقدار الشعرية في النص الحديث بعيدا عن هيئة ترتيب مفاصله بأيمان .. أن القراءة من تعيد انتاجه وفق منهجية القراءة المنتجة لا الاستهلاكية الساذجة ولا البيروقراطية المنافقة ، ومن هنا يعلن النص أستئناف ضوءه الأخضر بمقطع أستهلالي قصير ينبيء عن حرائق سمر التي ستوقدها في جسد كائناتها الغائبة والحاضرة على حد سواء ..

قبل انعقاد الندى ، أستفيء الى شجر لست أعرفه

وأنا ..

أجمع هندباء الروح بأسمك النبيذي

كي يسكر النبض ... اليقين فقط

هكذا تطلق سمر سهام شكها الشعري صوب يقين بعيد ، تريد أن يسكره النبض وبهذه التوطئة المكثفة والمحتشدة بدلالات التأويل تترك مفضيات المعنى مفتوحة ب( أنا ) مطلقة وفاعلة تربعت على قمة النص منذ شرارته الأولى ، ليأتي القول الشعري مبنيا على الوصف المنسرح بأفاضة ملغمة لتفجيء القاريء ببنيتين تجمع مابين الشخصنة والتأرخة ، وببيانين يقومان على المعنى والجمال في بناءات مداميك النص .

• أفعال كالبحر المسحوب من مسلته الموقوتة بالثمر

وتعابير الطحالب المكتوبة للملح البحري ومدائنه

بنت المساء المفتونة بأنفاسك الشمسية تتهادى

بمعطفك الزبد غفلة ، هذا الموكب الصبر كريح يتنفسها

الصخر بلا تعب من شبه القول ، آتيك وبابك تفتحه صبحاً

على جسد ساحل ، يقترفه اللون وهو يصفر لحناً

متثائباً كتأكيد للفكرة أول منعطف الدمعة، أو بدء

حلم شاهق دون قصدك طبعاً تستنشق امرأة منسية،

ويترسب الغبار في قاع رئتك، أو فوق رؤوس الأصابع

باختلاط الظل ودم الكلمات، حيث أنت والوصايا العشر

التي حفظتها عن ظهر نشيد النار ، تحرس أصواتنا

الطارحة بلح الضوء لبيوت الماء، مذ بذرت موجتك

القدرية تلك ، لغرسه مريمية بالكتابات الغيمية

والياسمين ووردة الصمت، أو بأبجدية تلك الأشياء

المنسية كموائد حنين عتيق.

لنرى كيف تفجرت رئة الشاعرة بأنفاس البوح المخنوق الذي أخذ يتدفق من كوى ضيقة محاصرة ، كأن قلبها الرقيق وعاء حسرات نافرة للحياة وتحمل من التناقض أجيالا من الزمن الخائف والمأزوم .. وعبر نسيج تعبيري ربما هو جديد في رسم خطابها الشعري ، أبتداء من ( البحر المسحوب من مسلته ) الى أخر جملة في هذا المقطع( بأبجدية تلك الاشياء المنسية كموائد حنين عتيق ).

فلماذا ظل البوح ملغّزا ومرمزا بدلالات الافق لا العمود ؟ هذا ما يحمل التسبيب في( البحث عن الحرية الغائبة ) والتي تبحث عنها سمر في أنفاق دهاليز ( الأنا ) الضائعة .. وفي خضم هذا التداعي تستمر الشاعرة في بيان بوحها ..

حيث نبت المحار على خضرة قلب بأوصاف القصيدة

وملامح زرقاء، كأن الحروف ..

لم تعد صالحة لعصافير ضحكتك ، ( وأنت )

يداك صيف الخفقة وصليل ينابيعها رائحة

البن مقدمة صغيرة للتوت

في هذا المقطع تفصح سمر عن المستهدف في خطابها الشعري بدلالة ضمير حاضر ( أنت ) لكنه لازال مقدّرا كمجهول ، ولا اجد له صدى في افعولة الشعر الا بما يعبر عن اعراب التعريف له ، ولكن هيئته في البناء فيما بعد كانت من الطراوة ماجعل سمر تبني نسيج جملتها على جنح طائر اللقاء ب ( رائحة البن .. مقدمة صغيرة للتوت ) وبين لقائين يفصحان عن اسرارهما في الابطان الظاهر .

وقبل أن ألج مقطها الجديد أفصح عن فحوى مقدمة السؤال بانحيازي لنصوص هذه الشاعرة الجميلة .. بأن ارفع قبعتي وأحييها على وعيها الشعري في تشاكل مغروسات جنائنها ، خصوصا وقد وضعتنا أمام جدالية جديدة تلك التي نقرأوها ( أعرف أنت كالموت .. حنون واليف ) و ( بكم ) تحمل دلالة التضخيم الشعري والتندر في زاوية التساؤل الحادة .؟! .

• هل يساورك القليل القليل من نينوى الصدى ،

آن تشم البرق على أعواد بابلك ،

ولأنك لم تنم يوماً إلا ..

وحز زجاج الأرصفة

لحم أحلامك .. وأنت تمتلئ بالنجوم ،

وحين يركض الجميع خلف لا شيء،

أعرف كم أنت حنون وأليف ..

كالموت.

أن انفعالات سمر آخذة بالتوقد والتصاعد بوتائر محموم ، تحمل من الصراحة الكثير ومن التصريح أكثرمما تخبئه ( تحت قميصها ) .. ولو أنها تسعى لأن تنقّّّّي لهاث جذوة الرغبة المنفعلة بمقدسات اشيائها التي تعرفها بأسم اشارة لدالة المؤنث البعيد ، طارقة مدلول الخيانة بسالب الدلالة . ( تلك التي لم يكتمل المخلص .. بعد )

• هي دهشة لا تشبه أي شيء؛ بهاؤها الأحلام،

وكل الآلهة القديمة تستل روحي ،

كلما حاولتك البرية بالإياب،

بدا شموخك أزل طفل أخبئه تحت قميصي،

وأسدل شرفة غيمة لتهطل رائحتك بغزارة،

أنقي لهاثك بقليل من الأفكار المقدسة ،

تلك التي لم يكتمل المخلص بها بعد.

هنا أجد تلخيصا لمعاناة الآنا جلية بين ندين يتنازعان على بلوغ عرش الذات ولكل منهما سبيله الخاص في الدفاع عن مكنوناته أوالآياب من حيث أتى .

نسخة أساطير مزعومة،

وقوى تتحدى المزاج الأحادي

لنعاسك الذي استعار شتاء مداري..

اسكنه جسده و صحى .. لعدة فصول
 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com