دراسات نقدية

 

صرخة بنت الرافدين المدويه .. لاتنسوا من نحن!!!

 

قحطان المعموري

 منذ مايقرب العقدين من الزمان جمعني و ( بنت الرافدين ) مجال عمل مشترك في البلاد الجريحه ... ومنذ الأيام الأولى لعملها الجديد إتضحت معالم شخصيتها لجميع من زاملها، فهاهي الشابة القادمة تواً من حياة التلمذة لتدخل عالماً جديداً يتسلح جُلَ منتسبيه بالخبرة والحرفيه، لكنها والحق يقال لم تنكفئ يوماً على نفسها جراء شعور ٍ بالفشل أوبمرارة الخيبة أو الضعف بل كانت وعلى الدوام قويةً متماسكةً و واثقة الخطوه، مبادرة، تسأل هذا وتناقش ذاك طلباً للأستزادة من المعرفه وأصول المهنه التي سبقها الآخرون بأمتلاك ناصيتها. وفوق كل ذلك تقافتها العامه والتقدميه خصوصاً والتي سبقت عمرها كثيراً آنذاك وهي التي جعلتها محل تساؤل من هذا الجانب أو ذاك وخصوصاً من أولئك الذين يعتقدون من أن الثقافه التقدميه تعني فقط السياسه وان من يحملها لابد و أن تكون له مرجعيات وأمتدادات سياسيه لابد من التحري عنها ومعرفتها.

إبنة الرافدين ( كما يحلو لها أن تلقب نفسها) .الأبيه...( الثائره) شمعون البازي، كتبت الكثير من النصوص الذاتية والوجدانية الجميلة والجريئة أحياناً.... .. إلا انها اليوم تخرج إلينا محتجة، غاضبة،  كيف لا وأبناء جلدتها في العراق       الجريح يُقتلون ويُهجَرون ويُخطفون لا لشئ ٍ إلا لكونهم يعتنقون ديناً سماوياً مختلفاً عن دين هؤلاء القتله شذاذ الآفاق، أما عراقيتهم وآصالتهم فأنها وكما يبدو مرجعيات لم تعد تنفع في بلدٍ إتخذ فيه ملوك الطوائف ومراجع فتاوى القتل والكفير وسياسيوه الجدد ( موديل 2003 فما فوق ) ومن شتى الماركات السياسيه، دينية، قومية، طائفية، معياراً لنظامهم ( الديمقراطي ) الجديد .

هاهي اليوم وبعد أن فاض بها الكيل أكيالاً ( كما تقول ) تصرخ بأسم أجداداها السومريين والآشوريين والأكديين الذين يحاول البعض اليوم التنّكر لهم ولعراقيتهم الأصيله ويمارسون ضدهم شتى صنوف الإضطهاد والتطهير العرقي المنظّم وهم  ( هنود العراق الحمر ) أهل البلاد الأصليين الذين استوطنوا العراق قبل ظهور الأديان والقوميات والطوائف التي يتفاخر بها البعض وبتراثها اليوم . هاهي أبنة الرافدين تُذ ّكر البعض ( عسى أن تنفع الذكرى ) ممن يتباكى اليوم عما فعل الديكتاتور به وبطائفته من إضطهاد وظلم، من أن هذا الديكتاتور لم يكتف بإضطهاد أبناء جلدتها الجسدي فقط بل إنه وقف يوماً متبختراً وكأي ديكتاتور متعجرف على أطلال حضارتها الأنسانيه ليعلن من هناك زوال هذه الحضاره العظيمه لكي ( يبني ) مكانها وبكل بساطه ( حضاره ) جديده من الطابوق ( الجمهوري ) بعد ان نقش أسمه البائس على كل واحدةٍ منها، وكأن قيام الحضارات يصدر بقرار ٍ حكومي ٍ  أو فرمان رئاسي او رغبة حاكم ٍ معتوه .

 هاهي إبنة الرافدين  تصرخ مثلما يطلق الآلوف من أبناء جلدتها وبملء افواههم صرختهم التحذيريه ... لاتنسوا من نحن !!!وإذا كان هناك ممن يصر على أن ينسى أو يتناسى، وممن لم يقرأ ( مبادئ) تأريخ العراق جيداً، فلابد لنا من تذكيره، فنحن الذين كتبنا تأريخ العراق المجيد ... نحن الذين إبتكرنا الحروف المسماريه وعلمّنا الأنسان القراءة والكتابه كما في الألواح والرقيمات الطينية السومريه ..... ونحن أول من سن القوانين وشرَعها وما مسلة حمورابي إلا شاهداً على ذلك ..... ونحن بناة القصور العظيمه ومعالم المدنيه الماديه الحديثه، وما الجنائن المعلقه التي هي إحدى عجائب الدنيا السبعه إلا دليلآً ساطعاً على ذلك..... ونحن من سبرنا أغوار العلوم الأنسانيه المختلفه في الطب والفيزياء والكيمياء والفلك والرياضيات .... وفوق كل هذا وذاك فنحن الذين دافعنا عن هذا البلد العظيم وواجهنا كل غزوات الطامعين بأرضه وخيراته وحضارته . نحن لسنا ظاهره طارئه على هذا البلد، بل نحن ظاهره أزليه فيه غير قابله للإزالة او حتى ألإزاحه، نحن مثل دجلة والفرات، وجبال كردستان وسهولها، مثل نخيل البصرة الباسق وبحيرة ساوه ونهر الغراف وقلعة اربيل والمئذنه الحدباء وبحيرة الحبانية ووووو الخ، فهل يتجرأ أحداً، كائن من كان على إزالة او إزاحة واحدة ً من هذه الأسماء والرموز العراقية العظيمه، أو أن يتنّكر، او حتى أن يشكّك في عراقيتها ؟ سموَا لي نبياً، ولياً، خليفةً، أميراً واحداً للمؤمنين أو لغيرهم فعل ما فعلتم بالمسيحيين اليوم !!  هاهو نبي المسلمين الذي يدعي البعض من المتأسلمين الجدد حمل رايته وهو برئ منهم براء ة الذئب من دم يوسف، يقول للنصارى وهو في أوج قوته ( لكم دينكم ولي ديني )، ولم يذكر لنا التأريخ حملة منظمة لقتل المسيحيين وتهجيرهم قام بها دعاة دين او قومية أو مذهب كالتي نشهدها اليوم، هذه الحمله التي مهد لها و( شجع ) عليها برلمان العراق ( بقصدٍ أو دون قصد ) عندما ألغى الماده ( 50 ) الخاصه بتمثيل الأقليات في بعض مجالس المحافظات مستكثرين عليهم مقعد أو مقعدين في هذه المحافظه أو تلك لكونهم أقليات غير معروفة العدد كما يدعي بعض السياسيين الجدد، ولا ادري أي حديث هذا عن الأقلية والأغلبية في بلد يراد له ان يكون تعددياً ديمقراطياً يحكمه دستور ينص على أن جميع العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين أو القومية أو المذهب .

نعم يا أبنة الرافدين وابنة العراقيين جميعاً، فلم ولن يستطيع أيً كان ومهما كان رداءه، دينياً، قومياً، طائفياً ( وهي أردية سياسية في كل الأحوال ) من أن ( يشوه حقيقتكم  ويطمس معالمكم ويقتل أحلامكم ) فأنتم الحقيقه المنثوره في أديم هذه البلاد ومائها  وهوائها ولكم في كل بقعة عراقية دالةً وشاخصةً تشير اليكم . ألم يكن يوسف سلمان يوسف ( مسيحياً ) وهو الذي سار خلفه وحمل رايته فلاحو الشطره والجبايش وعمال موانئ البصرة وابناء الجزيرة في الرمادي وفلاحو كردستان وفقراءه ؟ هل سأل أحد يوماً عن ( نصرانيته ) وشكك بوطنيته وعراقيته في وقت كان للدين شأنه وأهميته ؟ هل شكك أحد يوماً بوطنية وعراقية  توما توماس او سليمان يوسف اسطيفان او جورج تلو أو خالد يوسف متي مثلاً بسبب ديانتهم وهم الذين ناضلوا في سبيل حرية الوطن وسعادة شعبه ؟ ألم تصرحوا مراراً  اليوم مثلما كنتم بالأمس ومن على فضائياتكم وصحفكم الصفراء من أن مكاتب الهجره الدولية الخاصة بالمسيحيين والأقليات الأخرى تنتشر في دول الجوار العراقي وان دول الأتحاد الأوربي وحتى أمريكا تشجع على هجرتهم وأعادة توطينهم في المدن المختلفه لهذه الدول ؟ إذن مالذي يدفع هؤلاء للبقاء في  الحمدانيه أو تلسقف أو القوش أو تلكيف أو في أحياء السكر والنبي يونس وغيرها من أحياء الموصل الشعبيه يواجهون الأضطهاد والقتل وهم الذين يستطيعون العيش في لاس فيجاس أو ستوكهولم أو باريس أوميونيخ مثلاً معززين مكرمين يمارسون طقوسهم الدينيه وتراثهم الشعبي ولغتهم القوميه الى غير ذلك من أهتماماتهم الأنسانيه التي إفتقدوها او التي صودرت منهم عنوةً في بلدهم الأصلي ظلماً وعدواناً ؟ اليس هو الحب لوطنهم وأخلاصهم له والتشبث بأرضه رغم كل الظروف ؟ ثم اليس هذا كافياً لأثبات وطنيتهم وآصالتهم ولجعل الآخرين يدركون بأن الأمه التي تضطهد أمةً أخرى لايمكن أن تكون حرة على الأطلاق  وإن بناء العراق الجديد يتطلب تظافر كل مكوناته الأساسيه ودون النظر الى عدد هذا المكون أونسبته ليكون بحق عراقاً للجميع

لقد بدأتِ صرختك بعبارة ( آن الأوان لأبّلغ العالم )

وانا أقول لك يابنة الرافدين ؛ اللهم إنك قد بلّغت ِ ......اللهم إنك قد بلّغت ِ ....

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com