دراسات نقدية

 

(طلاء الأظافر) للشاعرة فينوس فائق

 

عبداللطيف الحسيني

 يبدوأنّ الشاعرةَ الكرديّةَ ( فينوس فائق ) أكثرُ شهرة ًمن الأخريات الكثيرات اللواتي لم نسمعْ ببعضِهنّ إلا بعدَ ( النّت ) وتفجَّر وتثويرالمواقع الكردية التي تنشرُ الحريّة َمطلقة ً( بعدما عانتْ سنواتٍ كبتاً وتضيّقاً ورقيّاً ) دونَ التّدقيق في الموادّ، والسّببُ في تفجّر اسم ( فينوس ) هوأنّها لا تخبّيءُ حبَّها الطافحَ لعاشقها،ولا تخبّىءُ المكبوتَ عشقيا ( وهي الكردية ُالتي لها العاداتُ نفسُها كما للأخريات ) وسياسيّا (وهي التي تصرّحُ به، كما يصرّحُ الشّعراءُ الشّعارَ طافحا )، بل تتعذّبُ لفراق عاشقها، إنْ غابَ، وخانَ، ورآته يتحدّثُ مع غيرها، هذه أسبابٌ لا نجدُها عند الأخريات، وهذا غيرُ كافٍ كي تكونَ الأشهرَ ( نشراً وحواراً ودراساتٍ عنها ).ثمة أسبابٌ تتعلّقُ بجوهر الكتابة الشّعرية . وهوأن الشّاعرةَ لها القدرةُ غيرُ المعهودة في انتشارِ نتاجِها ومقروئيّته . من تلك الأسباب:

1- أنّها تكتبُ باللغة الأم ( الكردية ) (أصدرتْ ديوانًا بالكردية بعنوان "الخطـايا الجـميلة")،

2- لها روايةٌ باللغة العربية بعنوان ( خريف الأصابع ). هذا ما يكونُ نادرا عند الشّاعرات اللواتي يكتفينَ بكتابة الشّعر دون سواه، وبالقصّة دونَ سواها،

3- استطاعتْ ( فينوس ) أنْ تؤسِّسَ لها موقعا الكترونيا . ( سببٌ هامٌ للتعرّف عليها عن كثب )( http://www.venusfaiq.com )

4- النشر في الدّوريات العربية والكردية .

5- وتُرجمت قصائدُها إلى اللغات: الإنجليزية، الهولندية، الفارسية، العبرية، الهندية، الأوردية .

 في آخر ديوانٍ لها ( طِلاءُ الأظافر ) يكتشفُ قارئُها كيف أنّ الشاعرة تستدرجُه لقراءة الديوان، بَدءاً من العنوان الانثوي ، الصّادم والبرّاق، وهوعتبة ُالقارىء المتعطّش لارتواء ما تقوله شاعرةٌ تلبّي فراغَه الرّوحيَّ والوجدانيّ، واستراتيجيّة ( فينوس ) في اختيار العناوين، لا اسم المجموعة هذه فقط، بل عناوين قصائدها أيضاً ( حتّى العاهرات يحلمْنَ بالحرية . مثلاً) . أقرأُ قصائدَ الديوان بثلاثة مستويات : المستوى الأوّل ( قصائد العشق) وكلُّ ما تكتبه ( فينوس ) عشقُ . أقصدُ بقصيدتها الأجمل المدوّنة أدناه : ( في المدينة )،فهي تريدُ معرفة أدقّ تفاصيل العاشق . ولوأنها من نثر الكلام اليوميّ المتداوَل، لكنّها وهبتْ الحالة القلقة للعاشقة بعداً نفسيّاً فصاميّا مشتّتا . فتدرّجُ القصيدة وهوالبحثُ عمّا إذا كان العاشقُ يحبّ غيرَها . هذا التدرّج يشبه زلزلة وخضاً عنيفاً يهزُّ كيانها بدليل أنها تعنّفُ الجُملَ باستفهامٍ تلواستفهام وبايقاع سريعٍ غاضب لمعرفة النهاية السّعيدة كما تختم الشاعرة قصيدتها ( وأنت تمسحُ عن جبيني العرق ) وتبدأ من أول الخلق والبحث عن صور الطفولة العابثة والشقيّة للعاشق الذي قد لا يعرفُ حالتها، بل يعرفها ويتجاهلها، فهي الباحثة عنه . لا هوعنها . (سأفتشُ عن صور طفولتكَ وعلى كتفكَ حقيبة مَلأى بالرّكل والحجارة

والعبثِ بضفائر البنات ) ولأنّها محتدمةٌ، فيحتدم الزمنُ في القصيدة . حيث نقرأُ الأزمنة مهشمةً وفوضوية . هذه نفسُ الشاعرة التي تقولُ حياتها بكلِّ تقلباتها من خلال هذه القصيدة الأجمل لفينوس.

 المستوى الثاني : ثمة رطانةٌ سياسيةٌ لا يخلوشاعرٌ وشاعرة من هذه الرّطانة التي تشتِّتُ القصيدة، بل تقتلُها، غيرَ أنّ (فينوس) تقلّلّ منها، ليقينها بأنّها طامة الشعر، ربّما جرّبت (فينوس) الرطانة في بعض قصائدها، فرأى وعيُها الشعريُّ بغرابة الشعار ’ فكفتْ عنها، لكنّها بقيتْ أمينة لكرديتها، فما برحتْ تكتبُ بجانب اسمها : (فينوس فائق : شاعرة كردية مستقلة ) مفتخرة بذلك، ولكنَّ التسمية تلك مقلقلة لبعض من له غرضٌ عروبيٌّ أحاديٌّ مريضٌ ومتطرف، لا يرى في الشعر والفكر إلّا أنْ يكونَ له، خاصّا به، أثيرًا لديه،بدليل أنّ ثمة جدالاً تفجّر بين الشاعرة و(أحدهم ) ممّن لا يتقبلون التسمية في تذييل اسم ( فينوس : شاعرة كردية مستقلة).

المستوى الأخير : تتنفس ( فينوس ) شعرا مختلطا بين النثر الماغوطي والشعر الغربيّ . الأول في البحث عن مشهد حياتي يُصاغ شعراً يحاكي الحياة برقةِ شاعرةٍ، والثاني التأثير المباشر لقراءات ( فينوس ) للآداب الغربية بلغاتها، فهي التي تتقنُ عدة لغات، فلا غرابة أنْ نجدَ صدى شعرياً غربياً في نصوصها .

(ملاحظة )اعتمدَ هذا الانطباعُ على ما وصلني من قصائد( طلاء الأظافر ) وبعض القصائد المنشورة للشاعرة . وللتدقيق أرجوقراءة ماهومجتزأ من قصائدها التي اعتمدتُ عليها . وهي بالترتيب ( في المدينة ) و( مقتطعات تحمل رطانة ) و(مقاطع فيها أثر يومي وصدى غربي ) .

---------------------------------------------------------

(سأفتشُ عن صور طفولتكَ

وعلى كتفكَ حقيبة مَلأى بالرّكل والحجارة

والعبثِ بضفائر البنات

سأطرق أبوابَ جيرانكَ وأسألهُم عنكَ

سأسألهُم عن حبيباتكَ

هل كُنَّ جميلاتٍ؟

أكُنَّ مخلصاتٍ؟

أأحببْنكَ مثلي بجنون؟

أأحببتَهُنَّ بتطرُّفٍ كما أحببتَني؟

 

سأبحثُ عن أمِّكَ لتحكي لي كيف خُلِقتَ في رحمها ؟

وكيف حَملَتْكَ تسعًا ؟، وهل كنتَ مشاكسًا في بطنها؟

وهل آلَمْتَها عند المخاض؟

 

وسأسألها كيف بدت السماءُ حين ولدت

وكيف بدَا لها قرصُ الشمس حين ضحكت

وكيف كانت تعد النجوم وأنت محموم

 

وسأسألها كيف ولدتك وأرضعتك وحَمَّمتْكَ

وكيف تعلمتَ الكلام؟

وسأسألها عن أوَّلِ كلمةٍ نطقتَها

عن أولِ مكانٍ وقفتَ فيه

عن أول دفترٍ مزَّقتَـهُ

أوَّلِ درج صعدته

 

لا أدري ماذا سأسألُها بعد

 

من ثم أعودُ إليكَ لاهثة

لأقول إنني عزمتُ على أن أرتكبَ معَكَ دهشتي الأخيرة

لأنفق عمري الآتي على شم راحتَيْكَ

وأنت تمسحُ عن جبيني العرق)

===================

أنا كوردية أقولها بالعربية
 =======

لوغنت لغنت (ئه ي رةقيب) بالكوردية

===================

 أتضوَّرُ ظلامًا

وأعودُ محمَّلةً بظلِّي المبعثر

وصوتي المثقوب

ودمي الباهت

 

سأعودُ على أقدامٍ ليست لي

وأحملُ كتفًا لا أعرفها

وعينًا لم آلَفْها

وفمًا لا يعرفني 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com