|
دراسات نقدية
فائز الحداد يتسم النص الشعري لعائشة الحطاب بثنائية تعبيرية تجمع مابين المتخيل والعاطفة في خطاب يستهدف تأسيس المعنى والجمال معا، ويفصح عن اسرار الروح الشاعرة المتمردة على اشكالية التقليد الكتابي في الواقع والوقائع، عبر نسيج معمارياتها الشعرية المتقنة في مداميك البناء وهندسة الجملة والعبارة .. كما في الدلالات والتكتثيف ومايتصل بذلك من مكملات العملية الشعرية، رغم بعض الاسراف المفرداتي والمباشرة التي تجدها شاخصة في مبتديات بعض نصوصها، لكنها تبقى من التميز بمكان مايجعلها قادحة للقراءة والمتابعة وسببا لتعقيب مسالك نصها من الاستهلال وحتى الخاتمة . تتعمد عائشة في تحشيد قدرا كبيرا من المتخيل الشعري المفتوح، وبنسقية مترابطة العرى في تسلسل وحدات الأنشاء البنائي .. إن كان في الترادف البوحي أو في التعاكس الرفضي، وتعمل على شحن متخيلها بدلالات العاطفة المتمردة والثائرة على نمطية الدارج الحياتي الساكن بمعنى إنساني رفيع، يترفع على تفاهات الأشياء لصالح قيم الأنسان العليا التي يستهدفها الظلم بكل أشكاله بالامتهان والأجحاف والتغييب . لذلك تجد نصها يتخارج على المحددات المقننة ومخالفا لنصوص الكثيرات من شاعراتنا عند ترسيخ هالة الرجل ك( مقدس ) أو نسفه ك( شيطان أزرق )، فالنص عندها ليس رجلا محضا وإن كان يتضمنه بايولوجيا في الروح والبنية، لكنه يحمل قضيته كجزء من قضايا إنسانية كثيرة أخرى وهذا هو الأهم . لقد وقفت على شعرية هذه المبدعة منذ مايقارب سنة أو ما ينيف، وأشرت اليها في أكثر من موضع كتابي وحواري مستندا الى حقيقة نصوص نشرتها في قنوات نشرية متعددة، وحفلت بعشرات التعليقات والاشارات الايجابية في الأعجاب والثناء، وهذا ما وضع إسمها في مقدمة الأسماء الشعرية المعروفة، خصوصا في مواقع الصحافة الألكترونية الخطيرة ذات الصيت المنتشر والذائع والمتفوق عشرات المرات على الصحافة الورقية في ميدانية الكتابة المعاصرة . لنجعل من ذاكرتها هاجسا لدخول مملكتها الشعرية .. ذاكرتي تتحرش يي وقرع الطبول في قلبي أرجفني بردا ومرمى العيون اللا مباليه مهيضة جاهزة للدمع إن أهمية النص الحديث الآستثنائية، تكمن في أشكاله الحدية وأشكاليته في القراءة التي تتوزع على مستويات متعددة، منها الساذجة للنص الساذج ومردوداته في المديح الفارغ ومنها الاستعمالية للنص المتواضع وانعكاساته في القبول الصامت وأحيانا المكرور، ومنها القراءة المننتجة للنص النموذجي والمتفرد، ومردوداته الدراسات النقدية والعروض التفصيلية . ومن خلال هذا الفهم .. أين نضع نصوص عائشة الحطاب وفق هذه المستويات، كيما يصار الى اعطاء رأي بنصوصها أولا، ومن خلالها يمكن الوقوف على تجربتها ثانيا كشاعرة وأنسانة تساهم في ابداع الحياة .. يقينا وفي أحايين كثيرة أقف مندهشا امام هذه الشاعرة المثابرة ..فهي رسامة بارعة ومخرجة ماهرة لنصوصها التي تبدو بهيئة زهور متدفقة الأريج والضوء ..لنقرا هذا المقطع الجميل ... حينِ رسمتكَ أنكرتُ يدي رأيتك تسكنُ في رائحتي وتدفن رأسك بعراجين الصدر باللون أكسر معبد الصمت كي أراك أشهلاً عالقا في أعمدة الدخان في نصوص عائشة تجد أن هناك إطراق في نصوصاً تعبيرية صادماَ يأخذ بالنزوع الحدي إلى مستوى يقترب من التمرد ألبدائلي، تفترضه بوحا وتبطنه معنا وما بين هذا وذك يحلق الجمال أسرا العيون بمعانية الباذخة ولنا في ذلك شواهد شعرية : أدعوكَ إلى روحي قبل النسيانِ الأخيرِ قبل القتلِ الأخيرِ ... وَهْجُ إنخطافي أبحرَ فوق خَوابي الأزمنةِ خيولُ أحلامي، تعدو وتبحثُ عن خوافيكَ هلْ أستعيدُ يَقظتي كغيبوبة ٍ الآنَ ..؟ أن عائشة تعي مرموزات الشعر وتوريته في هويته وصياغته عند البث والاستقبال، ببوح مفاده أنها تدرك عقدة استهلال في دخول النص بأعتباره الأهم في مفاصلة . ولكي لا أكون انتقائيا وما لذلك من مردودا سلبيا في العملية الشعرية سأتناول مقطعا كاملاً من نص ( ذات طريق ) كلا لا أقطع على القارئ متعة التواصل القرائي الجميل وهو .. شاهد آخر على جماليات الشعر عند هذا المرأة . ذات احتراقٍ كانت عيناي تنقب عن اشتهاء وكلما أدخل في بصري أهذي في الحضور والمتعة جوهر يضخ التنفس في الحمى بنطق الرضاب لأنتشي بالاحتراق لأنزع عني كلماتي الرملية بيقظتي وانتشي لأصنع من اللحم طحينا ً ومن النظرة غراس خطوات ضاقت بالطوفان واكتمل احتضارها فهي قبلة تفهم سر التكوين .. وللحقيقة تكاد أن تكون استعارات عائشة الشعرية قريبة إلى وظاهر الحياة بتفاصيل مفرداتها . فاستعاراتها سهلة وسلسة وعميقة ممتنعة تشفعها بتعطير تعبيري شعري يأخذ بمفهوم التأويل المتناظر بشكل مفتوح، قابل لأكثر من احتمال للتفسير والتعليل، ولو أن جملتها تبدو في بعض المفاصل من نصوصها عصية لكنها ممتعة وعذبة في ذات الوقت عند حل أسرارها ومردود ذلك هي أن الشاعرة تحاول سلب تكوينات جديدة في النسق التعبيري عندها والآتيان بكل جديد على صعيد الكتابة الشعرية، ولا بد هنا أن ادعوها لنتباه خطورة العجالة في أنتاج النص وهذا واضح في سياق نصوصها المحلقة والتي خلقت عالم عائشة الشعري فالنصوص التي اخترتها في هذا المفصل أدلة البيان على ما نرى : أشتهيك في اشتهائك وفي إمتاعك حتى في إيلامك : لا يمنعني الموت من حبك أترك عرش الحب خلفي فالشرعية تناديني الجميل في تدفق هذه الشاعرة أن مزية التجدد عندها تتوالد بشكل إنشطاري في المفردة : كما هو في موضوعاتها وجملها . إذ ترتدي مفردتها حللاً جديدة عبره إنشطار الصورة الشعرية التي تحاول سلقها فهي خالقة متميزة لجماليات النص بأمتياز . واحسبها في الوعي التطوري أنها تختزل الزمن شعرياً بطرح نماذج نصية تتنامى تصاعديا : ومن المفروض أن لا تمر نصوصها دون الوقوف عندها وعليها قي الكتابة والقراءة المنتجتين أن كانت النقدية على قدر المنصف في متابعة المبدعين وتبريز أعمال المتميزين ومنهم . ففي نص ( وطن خارج السراب ) نقف على نموذج ظاهر من نماذج قصيدة النثر يفصح دون أدنى مجاملة عن وعي وموهبة وذهنية هذه الشاعرة
باتت شيخوختي كالشمس وعند لوعة الفقد وحرقة جسد الأرض لا تنقطع عائشة أن تتناول في خطابها عشقها مازجة بين خصبين ( خصب المرأة _ خصب الأرض ) إلا أن تلك الفقدانات لها حرقة ماضوية وحاضرة، لهذا تجدها تفجر ايزاءها احاجيج قلبها المتورم غيظاً في سرد الألم لا تقطع عني الهواء المتأنث بالرغوة الذائبة جف الماء : جفت آبارنا الاستوائية وجف الزرع في بذور الحقول ياألهي : أين مداري فوق منبر الأرض إن عائشة الحطاب في نظرتها الحياتية إلى الأشياء تجسد روح المرأة المقاومة، فهي ترى كأنثى الصقر إلى أصول جذرها العظيم كغرسه أصيلة في الاسم والهوية وكنية الدم . فهي العربية والفلسطينية : وإلى غزة الشامخة يعود جذر عودها الفارع والطالع إلى صوب الشمس
في بحر عيني غزة انصهرت
الذي يجب قوله في هذه القراءة
المحبة لنصوص الشاعرة المبدعة
عائشة الحطاب، بأنها قراءة
أولية أو سياحة قرائية في
منجز هذه الشاعرة التي استقرت
أخيرا في كتابة قصيدة النثر..
فبداياتها كانت مع الشعر
الموزون في عموده وتفعيلته،
كما ولها كتابات متعددة في
ميدان العروض والرأي
الأدبيين.
ضع النقاط غلى دمي ..!!
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |