|
دراسات نقدية غطرسة الألم ونيازك الحلم .. فواغي والزبيدي
الناقدة رحاب حسين الصائغ
تحت ظل الشمس كل شيء يتحرك ولرسم بسمة
في أعماق الحركة لا بد من تعاضد الجهات، والمستحيل لا يستطيع الاقتراب من
أجراس لا تكف عن الرنين، الهلال يشقى حين البزوغ وحين الأفول، أما حين يكون
بدرا يسلب العقول والقلوب، وقد يحدث كثير من أسباب الفشل في ظل وجوده.
يا هداة الليل الملهمة الحميمة.. فواغي تريد ما بعد الغامض من الكلام لتستمد من ثقوب أفكارها خطوات تحرك بها سواكن القوا بها في أحضان حواء، المرأة التي تعلم جيدا أن عبير الانفلات في المشاعر لا يوقفه هذيان الغضب أو صمت خاوي، لا بد من عمل إيجاد حل لجذور هذا الشعور حيث تقول:
لتسكنيها سوا رد الأحلام وأثير الأمنيات
العذاب الشاعرة ألقاسمي تكسر القيود وتحطم القوالب وهي تدرك أن أسمال المتعة المنحوتة ولابد أن يكون لصدف أحجارها بريقا لا يملكه إلاَّ أصحاب القلوب الخاوية، التي تشبه قلوب الكهان حيث تقول :
وتزرعين خرافة التأويل كأيقونة على ضفاف
اليقين، فواغي تجد نفسها إن لم تفعل شيئاً في زمانها ستبقى الأسطورة والخلود كدمية تتسلى بقش المتعة التي يحوم حول فكرها ومشاعرها المضيئة في الشعر، أما ما معناه الحقيقي في الحب، ولذته التي تهزُّ الصدر حتى لو عن طريق سبيل طير عابر، لتقول له إن التعبد بدون حب غباء، ولابد من فردوس تعيش فيه مشاهد يومها بقولها: غناؤك المعجون بتمتمات الناي وسقسقات العنادل يقاسم الاملود المئيد دلالة النسيم يتسلق العتمات الكئيبة فواغي تدرك أن هبوط الضوء يمتزج باختلافات اللحظة، فهي لا تريد أن يكون للصحراء كثبان تسحر رمالها العابرون، وكي تتهجى قيامة كل هذا التصحر وأسبابه الواهية، توجه دقاتها إلى الأبواب الموصدة ولن تسكت حتى توصل صوتها نخاع كل الأمواج ورياح كل الكرة الأرضية بقولها،
انظري... الشاعرة مشتعلة كسيدة منتفخة بالدهشة يمتلها شعور بالشجاعة بحملها رسالة لا يفقه منها إلاَّ القلة سلوكهم قادر على منحها وسام امتلاك سر الحقيقة، إنها تعيش من اجل محو تلك السعادة السوداء، ونجد ذلك واضح في قصيدتها حتى النهاية( شهوة الجنائز، وتعلم أنها قادرة على فعل شيء مادام هناك شروق يكحل عينيها ولن تستلم بقولها:
كنت شاهدي على فرحي وحزني الشاعر صباح سعيد الزبيدي، وقصيدة (ورود الأمل) يربط متأبطاً تقاطيع الفجيعة العراقية ويمزجها بمعاناته التي تتمثل في المرأة، الحبيبة التي فقدها برحيله مختاراً الغربة يحمل قلبه فجيعتان فراق الوطن والحبيبة، مع انه هناك في الغربة يحس انه مذبوح بقوله:
في منتصف دروب اليأس والوحشة يعيش أهوال الحدث ولا يملك من مواساة لنفسه غير التغزل بحبيبته تلك المرأة التي يجدها أقوة منه رغم انه لا يقدر على عمل شيء غير التذكر والعيش بحلم العودة واللقاء بقوله:
ها أنا.....، أما في قصيدة ( أميرتي الجميلة ومملكة الوفاء) يعوم نفس العوم صارخاً بخفوت اكبر من أي صراع يعيشه العراقي مغترباً مستلباً يحتضر بين عالمين يعاني منهكا وجوده والفراق، كمن محكوم عليه بقبض السراب ثمناً لحياته ولا يجد غير المرأة مصدر لإسكات شقائه يقوله:
وها أنا.. الزبيدي يحمل شقاء آلاف الشباب مثله التاركين حبيباتهم وأمهاتهم ذكرياتهم وطنهم الذي يذبح على مرا من العالم وشعوره بان حجمه ضئيل في بلد الغربة يعود عليه دائماً بأنواع من الألم النازف في جوانب خافقة، يناجي المرأة الحبيبة والأرض المفقودة بقوله:
آه يا عمارة .. قد تكون أهواء الماضي خلقت من غسق اعوج هواؤنا تحمل ثمار اللهفة لتتعانق فيها النداءان المستمرة لأمل لا بد منه أن يجد لذة تقع في قلب غدهِ المبتسم، والنظر في مرايا النفس قاد الشاعرة فواغي ألقاسمي إلى انعكاس نابع من قلبها المفعم بالحياة، تاركة لمعلقات أكل عليها الدهر فضوله القديم فلم تجد بد من محاولة التغيير، والشاعر صباح سعيد الزبيدي، يعلم جيدا أن لكل صدى رنين والذكريات رنينها صوته عالي في داخله فلجأ إليها تخلصا من حالتين استفهاما تهما كبيرتان تحكمه فلم يجد غير التنهدات والمرأة.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |