دراسات نقدية

موناليزا حقيقية .. ورقة من الذاكرة

 

 د. امير يوسف

وما موناليزا إلا جمال عقل وقلب لا يموت .ا.ا

 قرابة ربع قرن .. صوت سابح في سماء "دوبرا" وقعته أنسام بعينيها لتجعل لون الغسق مضيئا بأمل على سفح جبل. جغرافيتان تتمتعان بموضوع الثنائية الجميلة وذاتها وهي تربط ما بين النهر و"الروبار"، والنخلة وشجرة الجوز الباسقة، والرمضاء في الشهر المقدس والثلوج في شباط ، والرمل الذي هنا والجبل الذي هناك. وما الثنائية التي جعلت الذات تسمو ما بين عشق الاحساسات الفراتية قلبا  وبين صانعي الخبز عقلا إلا جمالية الحلم الطفولي الذي غدا حقيقة = ارتقاء القمم.

أصعدت في الارض، ارادت كنس الذاكرة المشوشة للذين تنقصهم المروءة للتفرغ لتشييد اواصر الإلفة بين الانسان وارضه، الطيروعشه، والفراشات واحلامها التي لا تدركها الحواس البشرية.

جاء الرجال، انهم يصعدون بمشقة كدججان قوم اضاعوا قمرهم عند الغسق، في عيونهم بريق حزين قريب الى الغرابة؛ قل عددهم، كانوا اكثر، موناليزا لم تعد معهم .ا.ا

من أنت؟ باقية في ذاكرة الرجال .... هذا هو اسمك.ا وهل غادرت النخيل حينا للوصول الى المثلث الذي تخبره عيون الرجال وقيلولة نجاد وجرح خابور؟  وهل وصل خابور من "دشت" موسكو = كما كان الرجال يقولون= ليشهد مسيرة موناليزا من الجنوب لأجل ارتقاء القمم. وها هي تترك الرمال .... "لقد عبرت قنديل".ا.ا  هكذا قال الاعلامي، ذو اللحية في حينها، لخابور. غير أن الوطن لم يعبرها ولا امال الرجال تركتها ولا احلام الاطفال نستها؛ في  روحها امل اضطرب وجرى يسابق مسيرة الزمن على جناحي سنونوة، فهي في روح الزائل ابدا ودم الدائم ابدا، سرمدية لا تبليها الايام، خالدة في صخور "خواكورك" ونخيل الفرات.

هدوء روحاني في قلب موناليزا، سكون دافئ في روحها... أي جنوب عراقي نحت فنا رمزيا لم تسمع به اوروبا ولا ألبها عرفته، أي رمال تلطخت ولم تهدأ، وأي صخور جلامد تيتمت في "خواكورك" برحيل موناليزا.  ما كانت لتريد أن تترك هؤلاء الرجال ولا لتترك هذه الاشجارالتي شغفت بها.  ولم ترغب بترك " الروبار"  ولا  الفرات كان يعرف بأنه سيبكي يوما.

ان موناليزا طعم الحدود الواضحة لامتداد سهل الجنوب وصولا الى " دوبرا " الواقع شمال 

شرق قلوب الرجال... وكانت نقطة العودة منه الى اقرب موجة لازوردية في الفرات، الى أقرب أثر سومري أكدي بابلي، الى اجمل نخلة في الجنوب.  ان أنسام موناليزا الجنوب التي لم تعرفها اوروبا، هي موناليزا الوطن الذي كان ليرى نفسه في مياه الفرات المترقرقة، طموح الصبايا الحالمات بتحرير الضميرمن سيطرة الجلاد. ان موناليزا انسام رافدينية عشقت تاخي اقوام الوطن

 تحت راية جميلة اللون، كبيرة المعنى، عظيمة العمق.

 وما موناليزا إلا جمال عقل وقلب لا يموت.ا        

 

 

Google

 في بنت الرافدينفي الويب

 

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 © حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين

Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.

info@bentalrafedain.com