في قصائد حُبّ كوردية
حَناجرٌ تَصدحُ للطبيعة وللمَشاعرِ الإنسانية
حكيم نديم الداوودي
badalravo@hotmail.com
كتاب المترجم بدل رفو - قصائد حب كوردية هو ترجمة لروح الشعر، وليست عملية اتقان للغتين فحسب
بل ينمّ على إقتدار بدل اللغوية والابداعية والأمينة معاً في ترجمة قصائد - 44 – شاعرٍ وشاعرة. كتب حول تحفته المسمّاة- قصائد حُب كوردية العديد من الأقلام العراقية والعربية اللامعة
- أبدع رفو في مبتدأ كتابه ببضع كلمات حملت في ثناياها إيحاءات ذات صياغة بلاغية موشّاة بالتفاني حد التضحية لجمال وطنه المُرفّل بالفرح والهدوء. وحدها ستنال تلك الكلمات إعجاب متلقي الكتاب- حينَ سمعتُ أنينَ الرياح، أيقنتُ أنَ جبالَ الكورد ، ما زالت تنوءُ حُباّ وقصائد- وما أن تودع عالم رفو، حتى تّجذبك نافذة مضيئة بِعبَق سطورها والتي تطلّ على عالم الناقدة اللبنانية د.هدية الايوبي ، في إسترسالها لجمالية مملكة شعراء وشاعرات قصائد حُب كوردية. مُطلقةً العنانَ لقلمِها النّاصع كبياض صباحات كوردستان الآمنة لتسطّر بحبر يراعها الأبيض عباراتٌ من الوفاء لسُفراء العِشق والإنسانية في مجموعة بدل المترجمة .وجاءت توطئتها مُختزلة كل المسافات الطويلة وعلى الجناح المزركش للصُّور الشعرية . مشيدةً لنقاء سريرة شعراء المجموعة وتوقهم الأبدي الى عالم آمن خال من المآسي والحروب ، ومد جسور المحبة مع الثقافات وآداب الشعوب الأخرى أينما واطلاق حمامات قصائدهم البيضاء كتعبير لاهمية حرية الرأي والتعايش الأخزي في ظل مجتمع متحضر يخطو نحو بناء ذات الانسان. في قصائد حب كوردية - يبدو الشعر قادماً من عالم كل ما فيه جميلٌ. عالمٌ من الطمأنينةِ والألوان والهدوء النفسي، حتى يخّيل إلينا أنَّ هؤلاء الشُعراء يَعيشونَ في المدينة الفاضلة- التي حلم بها أفلاطون، إلى درجة أنّ حُبهم أفلاطوني أو عذري .كأن قصائدهم هاربة من مادية العالم إلى جنة لا تسمع فيها لاغية. الحُب بكل براءته وإنفعالاته وشقاوته المحببة ومعاناته الممزوجة بأمل جميل. إنه ببساطة الحب في ذات زمن جميل كان أو ربما سيكون. هكذا يكتب الشعراء الكورد بحبرٍ أبيضٍ يَنبعُ مِن قلوبٍ لا زالت تؤمنُ أن الحُّبّ هو الخلاص الوحيد في عالمٍ بعيدٍ عن سماء كوردستان الشديدة الزرقة. منها ما جاءت في احدى الشهادات حوله: قصائد حب كردية اضافة الى قصائد الحب وقصائد شعراء الانسانية الذين تغنوا بالحب في ابداعاتهم مثل بابلو نيرودا،اريك فريد،نزار قباني، واليوم تضاف الى المكتبة الانسانية قصائد شعراء جبال كردستان العراق لتكون امتدادا لشعراء العالم- وقد رفد بدل المكتبة الانسانية بالعديد من نتاجاته القيمة وبالاخص ترجمته من الأدب النمساوي.الترجمة من لغة الى لغة أخرى، لا تنحصر فقط في النقل الحرفي لأبجدية النص المترجم . الترجمة
في جوهرها هي طاقة خلّاقة تحتاج الى قوة تعبير فني والى إحساس نوستولوجي لمَلكة أديبٍ محترف، بوصفه مترجما ً لروح النص لا لشكليته، ولقدرةٍ فنية في إستنطاق روح النص في فضائها الهادئ مع تروِ وإنسجام تام مع طوبوغرافية وموسيقى النص، حتى تنطلق معزوفة اللغتين متقاربة وبشكل تتناغم وتقاسيم روح اللغة في النص. فالترجمة عمل ليس بهيّن أنها عملية ابداعية لخبرة طويلة وغوص عميق لمعرفة اسرار اللغتين إلى جانب حدة الذكاء، وثقافة المترجم الواسعة .هي ليست ساحةٌ للعبث المطلق بطاقة النص وبالتالي يؤدي الى قتل إبداع صاحب النص .- ولكل لغة أسلوبها في التعبير، ولا يمكن نقل أسلوب لغة إلى أسلوب لغة، بل المفروض أن تحافظ اللغة في الترجمة على أسلوبها، وأن يقرأ القارئ الترجمة وكأنّها كتبت في الأصل بلغته، وهذا أقصى ما تصل إليه الترجمة-( عبد المنعم ملوحي ، شاهر احمد اهمية الاسلوب وتلافي الاخطاء م حوار المتمدن 2005). الترجمة بتلك المعنى هي إحترافٌ في كيفية إمتلاك المترجم لناصية اللغة والتعمق في الفهم وقابلية فذة في الأستيعاب التام لمنهج الإستباط وما هو موجود في فضاء عموم النص، بكل ما فيه من المجسّدات والمَحسوسات، وكأنك تقرأ للتو تلك القصيدة المترجمة وبدفئها المألوف من لغة أخرى مع الإحتفاظ بأحاسيس المترجم الصادقة. عندما يقف المتلقي عند تألمله لصورة شعرية مترجمة لا تعّد تلك الصورة جزءاً من عالم النص إذا لم تشعرك الصورة بمناخ صاحب النص ومنها على سبيل المثال ، تبيان مقدرة المترجم الفذة في رسم إحساس صاحب النص برطوبة رذاذ شلال هادر ، ونقل لحظات استمتاعه لحفيف أوراق جنينته تلاعبها نسيم الصباح، وتصوير همسة حوار لقلبين خلسة التقيا في ظل دوحة وارفة . إذا تمكن المترجم في نقله لكل تلك الانفعالات والمشاعر والاحاسيس الرومانسية حينذاك يمكن لأي قارئ أن يوجّه تحية إعتزازومحبّة مقرونة باٌشادة والإعجاب لقلم ذلك المترجم والفنان المحترف وتشتر بصدق أنكَ أمام موهبة مترجمٍ ضليعٍ نذرَ قلَمه وقلبه، ومعه روحه دعاك بسخاء على مائدة ذائقته الثقافية.. اذا تمت الترجمة بتلك الروحية المعبّرة ، بدتْ كمزهرية تحمل في ذاتها باقات ورودٍ زاهية . فكيفما ألقيتَ نظرك عليها زاد تعلقك بها، وتمنيتَ إقتناء واحدة منها، لتزّينَ واجهة مكتبة روحك، قبل جدار قلبك . في مجموعة بدل صدحتْ العديد من قصائد الشعراء بإسم العشق، والفناء للحب والوطن وهكذا جاء وصفهم بقلم الأيب فتح الله الحسيني - يكتب الشعراء الكورد بحبر أبيض ينبع من قلوب لا زالت تؤمن أن الحب هو الخلاص الوحيد في عالم بعيد عن سماء كوردستان الشديدة الزرقة رغم اختلاف تجارب شعراء وشاعرات المجموعة وتباين رؤاهم ومستواياتهم الثقافية غير أنهم أجمعوا على أن يرسموا معاً وبلونٍ متعددٍ لوحة كبيرة وزاهية لمعنى الحُب- ، وحمل شارة العشق للوطن الجميل في ثنايا ضميرهم الحي، وفي إطار إنساني سرمدي ،مهما تبدلت الأحوال، وتتالت عليهم صعاب الظروف. فالمبدع بدل المزوري لا يدع يوماً من دون أنْ يدوّن أوراق ترحاله من أجل نثر بذور محبته على مساحات تسامح الإنسانية ، لتخضرّ نبتة الحرية في كل الفصول بعيداً عن سموم الحروب والدمار، وعن اراقة دماء طيور العشق . ننتظر منه المزيد والمزيد من التألق ، كي تمنحها أصحاب الكلمات الحُرة والنوايا الإنسانية الحسنة والسّمحة وسامها التقديري المسمّاة بـ وسام أدباء ونوابغ بلا حدود، نظير ترجماته، وإستطلاعاته ورحلاته الجميلة، ونقله لأخبار وثقافات كل شعوب العالم دون تمييز، وبإعتباره أديبٌ،ورحالةٌ، وصحفي، وفوتوغرافيٍّ حاذق يعرف كيف يقتنص اللمحة بكامرته الذي لا يخطأ في تصوير مشاهد الحياة. بكل ما فيها من متعةٍ وجمالٍ وذوق وأحساس لسماع سمفونيتها الرائعة. كتاب قصائد حُبّ كوردية للمزوري، حَناجرٌ تَصدحُ للمَشاعر الإنسانية، ومعزوفة روح سندباد وهي تغازل الطّبيعة تحت زخات المطر ونديف الثلج وتلاطم الأمواج في ليالي الصيف ، وفي صباحيات الخريف مع تساقط دموع أوراق الشجر. قصائد حُبّ كوردية،هي وترٌ متناغمٌ آخر يُضاف الى وتريات بدل رفو القوية، وكعازفٍ حاذقٍ لقيثارة الزمن. والتّغني بكل شجنٍ، وألقٍ صُوفي للعشق وللثورة والوطن،لديمومة إشراقة سعادة الشعوب التّواقة للديمقراطية الحقيقية،والتعايش التام مع يوميات الفرح في حضرة آلهة الحُبّ والجمال.
المترجم: بدل رفو