خواطــر  

 

من أوراق عاشق

هبة الصافي / السماوة

hiba2005sy@yahoo.com

 أحُبُكِ كُل أربع وعشرين ساعة
الساعة الان الخامسة فجراً ’ دائماً ’ عندما أستيقظ أتوقع وجهُكِ فوق رأسي شمس الصباح ’ دائماً عندما أفتح عيني أتوقع يدُكِ الحنون على صدري توقظني من الموت البطيء .
الساعة السادسة صباحاً ’ أغتسلتُ ’ وأرتديتُ ملابسي ’وعطرتُ وجهي بعد حلاقة ذقني ثم جلستُ مع فنجان قهوتي أتأمل صورتُكِ بكل تفاصيل ملامِحُكِ الشفافة الرقيقة وأكاد أتحول صورة جامدة عيناها على عينيكِ لا تُريم .
الساعة السابعة صباحاً ’ أذهب الى البوم صورُكِ فتنداحُ عليَّ الذكريات ’ صورة أنا وأياكِ على شرفة الورد ’ صورة في حفل الوداع وأنتِ حزينة وأنا حزين ’ صورة على شاطيء البحر ’ صورة وانتِ في مدينة بعيدة ’ صورة مع آثار جرش ’ وأُخرى مع أعمدة بعلبك ’ صورة وأنتِ ترقصين ’ واحدة مع كتاب ’ وأُخرى مع جريدة ’ صورة هنا وصورة هناك وقلبي معكِ في كل صورة .
الساعة الثامنة صباحاً ’ أفتح دُرج خِزانتي وأتناول رسالة من رسائلُكِ وأقرأ الكلمات تِباعاً ’ وأستحضِرُكِ من خلال السطور فأجدُكِ أمامي بقامتُكِ الفارعة وبوداعتُكِ وروعتُكِ ’ وأقرأ الرسالة تلو الرسالة ’ وأعرف الى أي مدى أشواقي اليكِ في كل كلمة أقرأها ’ وكأنني أقرأ الرسالة للمرة الأولى ’تدمعُ عيني مع أحزانكِ وأفرحُ مع أفراحُكِ .
الساعة التاسعة صباحاً ’ أخرج من المنزل ’ وأتعمد المرور حيث كُنتِ ذات يوم ’ أمر بالشوارع حيث لامست خطواتُكِ الأرض ’ وبالحدائق حيث أستنشقتْ الأزهارُ رائحتُكِ فأنتعشتْ .
وهنا وهناك صائحاً : الأميرة كانت هنا ذات يوم .
الساعة العاشرة صباحاً في مكتبي ’ أُقلب البريد مُغلفاً مُغلفاً فلا أعثر على رسالة منك ’ فأقرأ الرسالة القديمة وأُداعبُها وأشمُها مِراراً ففيها بعض عبير عطرُكِ .
أُباشر عملي ’ أكتب هنا ’ أقرأ هناك ’ أُراجع هذا الموضوع ’ أُعيد النظر بذاك ’ أتعب ’ فأفتح دُرج طاولتي وأُخرج زُجاجة العطر التي أهديتنيها في اللقاء الأخير ’ وأضع منها نقطة في راحة كفي ’ وأشمُها فأنتعش من جديد وأستعيد نشاطي .
في الظهيرة أخرج الى المكان ذاته الذي كُنا نلتقي فيه دائماً’
فأجد طاولتُنا التي في الزاوية فارغة تنتظرني كما كانت تنتظرنا معاً ومهما كان المكان مزدحماً بالناس ’ أجد تلك الطاولة بمقعديها فارغة تنتظرني … وهكذا أجدُ خيالُكِ أمامي فأنام على راحة يدك … وأتذكر دموعُكِ يوم الفراق وأتذكر ما لاقيتِ من أجلي فأضمُكِ الى صدري وأهمسُ لكِ حُبي الكبير .
أعود الى العمل ثانيةً بعد راحة الظهيرة , وقبل أن أبدأ ’ أتناول أيضاً قطرة من عطرُكِ أُلامس بها وجهي ’ فتشيع رائحتهُ في جو الغرفة فتنتعش طوابق المبنى الثلاث بكل غرفهِ وزواياه وطاولاته وهواتفه . ويُخيل لي أن جمهرة من الناس عابري الطرق تقف مدهوشة أمام المبنى المُعطر وهم يتسائلون :
أهذا مخزن عطر لم نسمع بأسمهِ ؟ ويُخيل لي أخرج اليهم وأبوح لهم بأسمُكِ ’ فيركضون الى مخازن العطر يسألون عن أسمُكِ الجميل .
وأغرق في العمل من جديد ’ لكن ’ في كل دقة باب ’ يُخيل لي إنكِ أنتِ القادمة مع أن بيني وبينُكِ الآف الأميال.
في المساء أعود الى منفاي الى غرفتي في مبنى شاهق يطل على حدائق الهايدبارك ’ فكم من مرّة مررت من هنا ’ وكم من مرّة توسد جسدُكِ الحار الحشائش الخضراء في أيام الصيف اللاهبة .
إذا كنتُ جائعاً أصنع شيئاً من الطعام ’ أقرأ رسالة من رسائلُكِ ’ أُداعب صورة من صورُكِ ’ أُخرج علبة الهدايا التي أحفظ فيها هداياكِ : ولاعة السجائر ’ القلم الفضي ’ زجاجات العطر التي فرغت من عطرها ’ ربطات العنق ’ المناديل الملونة ’ الساعة الفضية ’ ثم أجلس متأملاً كل هذهِ الأشياء المقدسة ’ وأشتاقُكِ … فمن يأخذني اليكِ في هذه الساعة ’ ومتى يجتمع الشمل ,, أهي لقمة العيش جعلت كل منا في بلد ,, الى هذا الحد يحل مشكلتنا المال ,, أمير واحد يستطيع أن يجمع بين قلبينا ,, الف عاشق يستطيعون أن يجمعوا بين قلبينا ,, فأين من يجمع بين قلبينا ؟ كُل أربع وعشرين ساعة أُحِبُكِ من جديد فألى اللقاء في الساعة الخامسة صباحاً .


 



 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com