اشراقة القلب
حوراء الانصاري / استراليا
حين تزداد ظلمة الليل البهيم سواداً، تهفو النفس الجميلة شوقاً وتطلعاً
إلى إشراقة سريعة للشمس البهية، ينمو بإشراقتها الزهر، ويخضر لروعتها
الشجر، وتغرد على أنغام أشعتها الذهبية الطيور الصداحة، وتتفاعل مع
جمال إشراقتها النفس العلية الطموحة.
ومع هذه الإطلالة الشمسية المبهجة يبنى الغد الجميل، ويسير الركب
البشري بخطى وثابة لتحقيق أمنياته وصياغة مستقبله المشرق.
ترى، لو لم تكن هناك إشراقة شمس، هل نرى إبداعاً وحضارة، أم هل نرى
إمتاعاً وجدارة؟ أم هل نرى ضياءً وصفاءً يمدنا ويساعدنا على العطاء
وبناء الحياة المطمئنة وكسب العيش الرغيد؟!
ومع إشراقة كل يوم جديد يتطلع القلب الحي النابض بالحب إلى إشراقة أخرى
هي أفضل روعة، وأجمل صفاء، وأنقى بياضاً، وأروع جمالاً من طلعة الشمس،
وأشد تأثيراً، هي إشراقة القلب الداخلية.
حين يشرق القلب بالإيمان الصادق تحلق أطيار السعادة وبلابل الحب في
الفؤاد، فنرى النفس تسعد لسعادة الآخرين وتتألم لآلامهم وتمنحهم غرفاً
جميلة ملؤها الصفاء والود والرحمة، محققة لغة الجسد الواحد في قوله –
صلى الله عليه وسلم–: \"مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل
الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر\".
حين يشرق القلب بالصفاء والبياض يسري في الروح عذوبة، وفي القول حسنٌ..
\"وقولوا للناس حسناً\"، وفي النظر صفاء وجمال، وفي السمع إنصات لكل ما
هو خير، وفي الظن بالآخر تجاوز عن الكثير منه لأن بعض الظن إثم.
حين يشرق القلب بنور الأخلاق، تشع البسمة توهجاً فينشر الإبداع أشرعته،
ويزيد العطاء وترتقي النفس في آفاق المجد والعمل والحضارة، وتذوب
المساوئ في أنهار إشراقته، فيصحح الخطأ ويجعله صواباً، ويزين الجميل
ويجعله أجمل.
لنستقبل إشراقة اكل يوم اجديد، بإشراقة قلبية صادقة نمحو بها قسوة
قلوبنا، ونزرع بها الأزهار في حياتنا، وتغرد بها الأطيار في حدائقنا.
لنستقبل كل يوم بقلوب بيضاء، وحب وعطاء، وبذل وسخاء، لنعيش فيما بيننا
رحماء.
لنستقبل كل يوم بقلوب تتصافح، وبالأيادي تتسامح.
لنستقبل كل يوم الجديد، ونحن لله أقرب، وعن البغضاء أبعد، وكل يوم
والقلوب مشرقة جديدة.