خواطــر  

أطفالنا وأراجيح العيد

صبيحة شبر

sabiha_kadhum@hotmail.com 

 

تتأهبين للاحتفال بالعيد ،،، جهزت ثوبا جديدا ... بالمناسبة السعيدة ،،، خاطته لك أمك من فستان قديم لها ،،، لم يعد ملائما للارتداء ، بعد رحيل والدك ، يطول انتظاركما لأوبته ، ولكن عبثا ، الانتظار يطول ويطول ، ويجثم على صدريكما ، ولا يعود الغائب ، لم تكونا تتوقعان انه سيمكث غائبا ، والغائب لايمكن ان يعود ، في تلك البقعة من الأرض ، الشاسعة ، العصية على الفهم ،،حذاؤك الذي ابتاعته الوالدة منذ شهور ، ما زال يبدو جديدا ،يمكنك ارتداؤه في العيد القادم ،،وتظهري احتفالك بالمناسبة العزيزة التي تهيأت لها منذ شهور ، أوشك شهر رمضان على الرحيل ، وتوديع العالم ، لينبثق هلال شهر آخر ، أمك لا تبخل عليك بشيء من الأشياء ، تسارع دائما إلى تحقيق ما تحلمين به  ، وأحلامك ميسورة ليس من العسير الاستجابة لها ، والعيد آت ،رغم رحيل الوالد ، واستمرار غيابه ، وعدم علمكما أين يمكن أن يكون ؟ وهل لازال على قيد الحياة ، أم انه أبيد ، كالآلاف من أبناء وبنات شعبنا الطيبين ،لم تكوني تعلمين لماذا يغيب الناس ، بعد خروجهم من المنزل ؟ولماذا يطول انتظاركم لأوبتهم ؟ وتمضي الأيام والسنين ، ولا أحد يعود ،، لم تكوني تعرفين ما الذي يحدث لهم ، فيجبرهم على الابتعاد عن أفراد أسرهم ، والنأي عن أحبابهم ،، وأصدقائهم ، كنت تسالين أمك ، عن السبب ، فتبدو عليها الحيرة ، وعلامات التفكير الأليم ، ثم تتنهد وتقول : الله أعلم ،، عرفت بعد ذلك السر ، وراء الغيابات الكثيرة والمتكررة لأناس أعزاء ، على قلبك ، يكنون لك الحب ويعطفون عليك ، يحنون على طفولتك المحرومة ، ويرأفون بالبراءة التي تتصفين بها ، وصارت من الخلال التي تدل عليك ،عرفت السر عندما توصل الناس الى أماكن المقابر الجماعية التي أنشأها النظام المقبور ، جثة على جثة ،، وعظام احد الأشخاص تتوسد عظام شخص آخر ، عرف البعض جثامين ذويهم ، من ملابسهم التي كانوا يرتدونها ،

تذهب أمك لشراء ما يلزم لعمل حلوى العيد وهي ماهرة في صنع ألوان متعددة ، وأصناف مختلفة ، ، وقد جهزت لك الفستان ، والحذاء الذي تملكين ما زال محافظا على جدته ، سوف لن تكوني اقل جمالا من صديقاتك ، وأنت جميلة ، ذات شكل حسن وجذاب ، فستانك جديد ، حذاؤك ملائم ، وأنت تذهبين مع بنات الجيران إلى ساحات الملاعب ، تركبين الأراجيح ، تتمتعين بها ، يدفعونك الى الأعالي وأنت تقهقهين ، وتقهرين شعورا بالخشية ينبعث من أعماقك أن حبال الأراجيح ليست بالمتانة المناسبة ، تضحكين على خوفك  ، وزنك ما زال خفيفا ، لا موجب للقلق ، لم تذهبي الى البساتين ولم تتمتعي برؤية الورود ذات الأشكال المتنوعة والألوان المختلفة ، لم تنشقي شذاها الفواح ، لم ترغب صديقاتك في ان يصحبنك الى الأراجيح في الأعياد السابقة ، فالحزن مخيم على الجميع  ،والقلوب تئن من وجع ثقيل ، لايمكن التغاضي عنه

اليوم تغير الحال ، أصبح الأطفال فرحين ، يضحكون بملء إرادتهم ، وحلت البهجة في ربوعهم

تسمعين رنينا متواصلا من جرس الباب ، أمك جاءت ، تفتحين الباب ، مجموعة من الناس يحملون أمك ، لم تكن تحمل شيئا ، وكانت هامدة لا قدرة لها على الحراك ، يصيبك الذهول ، تسمعين أصوات لا تفقهين كنهها

-        سيارة مفخخة

-        لم تتمكني من الاستيعاب ،لماذا ؟؟؟ تساؤل ضخم وكبير يحيط بك ويضيق عليك الخناق ، تفقدين القدرة على الصراخ او العويل ، يبدو انك مأخوذة ، وانك تسيرين في نومك ، تشاهدين الأفواه تتحرك ، إنهم يقولون مالا تقدرين على سماعه ،، جمع من النساء تعرفينهن يصرخن بأصوات عالية ، وأنت غائبة عن الوعي ،  أسئلة كثيرة تطرحينها على نفسك ويأبى لسانك ان يعبر عنها ،، لماذا ؟؟؟؟ الآن ؟؟ وقت العيد ؟؟ ولماذا يغيب الآباء والأمهات ولا يعودون ؟؟؟؟

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com