لقاء في المقبرة
فاطمة الحجاج / السعودية
alhawzawya@hotmail.com
جاءته تعوده في أحلامه حينما غفي جفنه المُسهد على شفير قبرها ,,..
اختالت مشمّرة عن ساقيها وهي تحوم حوله بثوبها الأبيض الناصع الذي عكس
رونقه على وجهها الوضّاء فزاده بهاء وكساه نوراً ..
تزينّ ثغرها الوردي بابتسامة ساحرة ؛؛ عذبة كغدير رقراق ..
تكحلت عينيها وجداً حينما ألتقت عينيها بشهد عينيه ..
وبرقت نظراتها ببريق كاد أن يخطف ضوء القمر ..
أرتعش بدنه بالكامل ؛؛ إنها "حبيبته" الراحلة ذاتها ..
عادت من جديد ..
لتجعله يغرق من جديد ..
رُبِط لسانه عن الحديث وتلكأ في أبجديته ..
ضاعت الحروف .. وهربت الكلمات .. هزّ كتفيه مستسلماً غير قادراً على
البوح ..
فخفق قلبه بجنون مرّة أخرى ..
شعر ببرودة تسري في أوصاله ؛؛ وتجمّد الدم في عروقه ..
وعندما اقتربت .. لامسته .. أحسّ بحرارة مُباغِته أحرقت بقاياه ..
تفصّد جبينه بحبات العرق التي خرجت من مساماته ..
لمحة من ضوء القمر سُلِطَت على تلك البقعة الصغيرة من المقبرة بجانب
القبر ..
هدوء يجوس في أحشاء المجهول ..
صمت شاحب ..
الأموات في سكون رهيب يسترقن سمع النبضات المجنونة من أفئدة العشّاق ؛؛
أحدهما فوق الثرى وآخر كان تحت الرمس ..
حينها اقتربت الخطوات أكثر .. وعمّ هدوء أكبر ..
تناحر الشوق في عينيهما ؛؛ أمواج من الوله تلاطمت في الجفون بين مدّ
وجزر ..
في لحظة سريعة .. خطفته .. جذبته بعنف إلى الداخل .. إلى الأعماق ..
إلى مالا قرار ..
وأسدل الليل ستاره ؛؛ وانتهى المشهد ؛؛ ومنذ تلك اللحظة في ذاك الزمن
الغابر لم نسمع عن "صاحبنا" شيئا .. !!!