خواطــر  

الزهراء (ع) عقب الواقعة

فاطمة الحجاج / السعودية

alhawzawya@hotmail.com

في هذا التاريخ .. سجلّ التاريخ .. ميلاد أحزاني ..
بالدم الأحمر .. بالشمع الأحمر .. أُغلقت بوابة أفراحي ..
هدوء غريب خلّف ساحة المعركة عقب انتهاءها ..
وكأني بامرأة يسبلها السواد من رأسها حتى أخمص قدميها تتعثر وتنهض ..
تأن وتتأوه ..
وحينما وصلت …
صكت وجهها ..
صفعت رأسها ..
أرادت أن تلطم صدرها لكن لا ضلع لها ..
جال بصرها في الانحاء المترامية بلا هوادة ..
تتصفح بناظريها كل ما تقع عليه عينيها ..
أتاها صوت من البعيد .. عمّ تبحثين ؟؟!!
هتفت دون أن تلفت .. عن ثمرة فؤادي .. عن الحسين ..
لكنني لم أجد غير نحور مجردة من الجسد ..
لم أجد غير أكفٌ مقطعة ..
لم أجد غير آثار لقوافل مسّيرة ..
ورماح مكسّرة ..
وسيوف مهنّده ..
كل شيء هنا أحمر ..
الدم ..
السماء..
ذرات الرمال ..
حينها ..التفتت ..
لمحت نعلاً صغيرا مُتلفا ..
فاضطرب قلبها ..
هاجس اختمر في فكرها ..
ففاض الدمع من عينيها ..
قلبها حدثها بأنه لحفيدها القاسم ابن الحسن ..
وصرخت :
أكان معك يا حسين ..!!
أجابّه معك وقاتل!!
وهل رحل معك !!
حينها زفرت زفرة طويلة خرجت من أحشاءها ألهبت بوقعها فؤادها ..
حينما استدارت ورأت خيام أكلتها النيران ..
وخرق من قماش أسود خالته بقايا خمار الحوراء ..
وصرخت في الهواء ..
أسُلَبّ حجاب الحوراء زينب !!
وهي التي لم يلحظ أحدا ظلها !!
أسُبيت وهي التي عاشت عزيزة .. مكرّمة ..
تعثرت المرأة بشظايا جرار مكسورة ومتناثرة هنا وهناك قبل الخيمة بأشبار..
وصاحت ..
ألم يبّل الأطفال والأيتام ألسنتهم بعذب الفرات .!؟
أأبيّض لسانهم كما أبيّضت عيناي من البكاء !!
أارتعدت قلوبهم من الخوف ..
و رجفت وأبدانهم من الرهبة !!
عاود الصوت من جديد بصوت أعلى : لا أحد هنا .. كل شيء قد انتهى .. انتهى .. انتهى ..
صاحت ..
خابوا .. إن ظنوا بأنها نهاية لبداية .. بل هي بداية لنهاية ..
بداية لتاريخ الدم الذي سيخلّد باسم الحسين ..
وباسم من كان معه ..
حينها جلست تلك السيدة جلسة القرفصاء ..
وصارت يدها تلعب في ذرات الهواء..
تبحث عن إجابة لسؤال عقيم يدور في ذهنها بلا هوادة ..
صارخة بقولها ..
أين الطالب بدم المقتول بكربلاء !!؟ أين الطالب بدم المقتول بكربلاء؟!!
رددته بطريقة تبث الهلع والفزع ..
وعندما غربت الشمس ..
لملمت أطراف عباءتها وقبل أن تصعد على سلّم السماء استدارت وجالت بصرها من جديد وقالت وهي تركز ناظريها في بقعة ما ..
صبرا يا آل زياد .. وآل مروان .. إنا إلى الله يوم الحشر نحتكمُ ..!
 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com