|
خواطــر شاطئ النسيان هبة الصافي وأخترتُ الجلوس على شاطئ النسيان... أرنو بذاكرةٍ مثقوبة إلى المراكب التي أحتارت بحيرة.. وإلى السفن التي أقتحمت مراسيها أحتمالاتٌ كثيرة.. ماذا أعتراني...! ماذا دهاني...؟ و بماذا أُفكر عساني..؟ وأنتَ على مرمى من ذاكرتي مركونٌ.. ومجاهلَ الحبِ أخطرُ من خطيرة.. وأسمعُ صوتُكَ يُناديني فتتفجرُ الأحلامُ والأصواتُ وتتراكضُ عرباتَ القطار.. هذا الشاطئ أساءَ لي وأنساني بداياتَ الحِوار.. فمتى سأتخذُ القرار..؟ وكم أتعبني هذا القرار.. من أين أبتدأ رحلتي وقد أهلكني شاطئ النسيان.. وبحرهُ متلاطمُ الأمواجِ يقهرُ أمهرُ رُبّان.. من أين أبتدأ وأنتَ تُسافرُ في أطيافَ روحي ونبضاتَ قلبي وحروفَ الكلماتِ وأضاءاتَ القصيدة.. من أين أبتدأ وأنا أن سافرتُ فأليكَ وأن رسوتُ فكلَّ ثانيةٍ على أرضٍ جديدة.. تحتضنُ أقدامُكَ وأفكارُكَ وأشياؤكَ وكأنكَ الرجلُ الوحيد وكأني المراءة الوحيدة .. لقد تعبتُ يا سيدي وأخترتُ النسيان ليكونَ ورقتي الأخيرة.. فقد أتعبتني حكايا الغرام المثيرة.. وأدهشتني تفاصيلُ الحبِ كبيرةٌ كانت أم صغيرة.. وتعبتُ من هذا الألمِ ومُطارحة الغرام.. وأنتَ مثلَ قديسٍ يأمرني تقدمي إلى الأمام.. وأنا بداخلي خوفٌ مما تُخبأهُ ليَّ الأيام .. أخافُ أن أنساكَ أخافُ.. ألاّ تعلم أيها الهُمام.. هل أرفعُ رايتي البيضاءُ سيدي.. وهل أحلمُ أن أنالَ بعدكَ السلام.. آاااااااااه..كم هو متعِبٌ ومؤلمٌ نسيانك.. لكني أخترتُ الشاطئ ورضيتُ بأحزانك... آاااااااهٌ ..كم هو مؤلمٌ الأبتعادُ عن ميدانك.. فأيُّ دفئٌ يَلفُني بعد أحضانك.. تعالَ معي إلى شاطئ بحر نسيانك.. لنحتمي تحت عباءتهُ الزرقاء.. لقد تفككَ الزمنُ بين أصابِعُنا وتفككت عناصُر عينيكَ إلى ليلٍ ورملٍ وماء.. فساعدني على لملمةِ ما تناثرَ لي من الأشلاء .. وساعدني على نسيانِ أسمك وتجاهل كل الأسماء.. ساعدني في العثور على نفسي.. فقد أخذَ حبكَ دفاتري وخربشاتي الطفولية وأخذ الكلمات التي كان يمكن أن تجعلني أروع النساء.. كيف أنساكَ قُل لي كيف وأيُّ المفاتيح تَفتحُ أبواب مملكة النسيان وتُرحب بالضيف.. فلقد طبقتُ على نسيانُكَ علوم الأولين والآخرين وفلسفة الفلاسفة وجنون المجانين.. ولم أترك دواءً للنسيان إلاَّ أدمنتهُ ولا كتاباً تحدثَ عن النسيان إلاَّ قرأتهُ .. فلا علومهم أنستني ولا حكمهم أنستني ولا أدويتهم أنستني ولا مؤلفاتَ العِشقِِ أنستني.. أيها الرجل الذي لم تكتبهُ الكُتب.. أستعملتُ كلَّ الطرق التي تستعملُها النساء لنسيان الرجال.. فوجدتُ أن نسيانك ضَربٌ من ضروب المُحال.. حاولتُ أن أُعاقبُ نفسي بالذهاب مع رجلٍ آخر لدُنيا الحب فعاقبتُ نفسي.. حاولتُ نسيانك فنسيتُ حاضري وأمسي.. دلني بالله عليك على طريقةٍ أنتصرُ فيها عليكَ وعلى نفسي فأنا بحاجة إلى نسيانك أيها الرجل الموجود في كلَّ شيء.. أرسيتُ ليلاً على ماء البحرِ بزورقي تؤرجِحُني نسمةٌ حالمة وأغواري وهي أوطاني..باكيةٌ على فقدُكَ نادمة.. وأمواجُ بحري وهي صاخبةٌ جثت تحت أقدامُكَ لاثمة.. أسيرُ في زورقٍ من ضِلال تدفعهُ النسمةُ الناعمة.. ومجدافي أخترتهُ من عويل النسيان في الظُلمةُ القاتمة.. رأيتُكَ هنااااااااااااك فهيأتُ مجدافي وأسلمَ زورقي للظلام.. طغى الموجُ وأرتدَّ نسياني فلم يبقَ للعينِ إلاَّ القُتام.. والبحرُ ما خلَّفَ سوى أُغنياتٌ تُشيرُ عليكَ وإلى الغرام.. يُجاري أختلاجُها زورقٌ وموجٌ وقلبٌ حواهُ الهيام.. سرتُ إلى نسيانُكَ وليسَ لي غايةٌ سوى طي الجراح فأقفوا على الماء.. أصرَعُ أشجاني بالنواح.. لقد حطم النسيانُ مجدافي وهاجَ الشراعُ بعصف الرياح.. وقد أطفأتُ بنسيانُكَ مصابيحَ روحي.. فصحتُ ولم أجد ذاكَ الصياح.. آلمتَ يا ليلٌ بالبائسينَ مثلي فزلْ وأترُك الصُبحَ يأسوا الجِراح.. فيا شاطئ النسيان يا من كنتَ مأوى لغربتي.. ألاَّ تُلملم عن قلبي أنينَ الجِراح..؟!
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |