خواطــر

فارس المساء

منال صبري

nourelshams2004@hotmail.com

فارس المساء

الوقت المساء

شعاع من الشمس الغاربة يأتي عبر نافذة الخلف من خلال النافذة تظهر حديقة خضراء مزهرة بالورود ترفع الفتاة الحسناء الستارة فترى كل هذا الجمال وتغني لنفسها الأغنية التالية :

عالياً تطيري أيتها الطيور

عالياً أنتِ تطيري

هل أعرتِني جناحيكِ

لأقول أنشودة حب صغيرة إلى أغلى الرجال لدي في مكانه العالي ... في سمائه البعيد فتدخل عليها والدتها قائلة:

إنكِ لا تصمتين لحظة عن الغناء لهذا الرجل الذي تحبين هيا أشعلي النور كما طلبتُ منكِ فترد الفتاة قائلة :

لن تكون لدينا حاجة لإشعال النور الليلة ...

إنه الآن في طريقه هابطاً إلي ...

فنظرت لها والدتها قائلة : وما هو ذلك ؟!!!

فترد الفتاة قائلة : شمس الربيع يا أمي

ستأتي لتذيب سحابة الشتاء وسينتشر النور

فالشمس لن تغرب بعد يا أمي ...

كيف نضيء النور والشمس ما زالت تعمر الدنيا ؟ الوالدة : ولكن ستختفي الشمس عما قريب في مياه البحر المالحة وسيستيقظ من نومه ظلام الليل ...

لهذا فإن كل أنوار البيت يجب أن تضاء

قبل أن يصل زاحفا بأطرافه داخل البيت

مغرقا كل شيء بلونه الأسود المخيف( لحظة صمت ) الفتاة : أشعلي كل البيت يا أمي إلا حجرتي فالنور ما زال يملأها وسيظل يملأها...

الوالدة : أما زلتِ كما أنتِ تحلمين ....!!!

الفتاة : نعم ما دُمت أنبض بالحياة سأظل أحلم وأحلم وأحلم ....

وبعدها تتركها والدتها وتغلق عليها باب حجرتها لتعاود الفتاة النظر من النافذة ....قائلة :

أرى شعاع ضوء هذه الليلة ...

أريد أن يغمر حجرتي الكثير من هذا الضوء

لعل يزيل ألم الفراق الذي أشعر به هذا المساء لقد أتتني فكرة ...

سأذهب لحديقتي لألملم منها بعض الزهور لأزين بها غرفتي وبالفعل تأتي مسرعة لتعود لحجرتها متجهة نحو إناء الزهور لتضع الأزهار الجديدة مكان الأزهار الموجودة بالإناء...

تغني بصوت خافت مقطعاً من أغنية كانت تشدو بها مع الحبيب قائلة لنفسها : سيزورني الليلة طيف حبيبي سيأتي لي كعادته ... ليكمل معي باقي الأغنية ...

نعم سيأتي ما إن تغيب الشمس حتى يظهر هو ...

كما ولو كان يأتي راكبا شفق الغروب مع مجيء الشفق يجئ سيأتي .......... نعم سيأتي ..........

فهو لا يخشى الظلمة ....

وفجأة تسمع صوت لعزف البيانو يأتي لها من بعيد عزف أشبه بالسحر ...

عزف يجعل قلبها لا يخفق إلا له ...

نعم هذا عزفه ....

شفافا .... عذباً ... ساحراً

أكاد أراه من خلال وقع قدميه وهما تضربان الأرض ...

وأسمع خطاه وهي تذوب في البعيد ....

سيظهر لي بملامحه البريئة وصورته المشرقة الزاهية التي احتفظ بها له في قلبي ....

سأظل أتابع ما تقوله النجوم لي كل ليلة

فهي مصدر معلوماتي عنه فمنها سأعرف تماما ما يعانيه وما يمر به ...

وفجأة ترعد السماء وتشتد الرياح وتتساقط الأمطار بغزارة ....

فتنظر الفتاة من النافذة لتشاهد الأمطار وهي تتساقط عليها ... قائلة لنفسها :

لا لم يفشل في استكمال عودته إلي حتى في أقصى برودة الشتاء بأمطاره وثلوجه لم يتوقف عن المجيء أو عن طرق باب قلبي ....مثلما يفعل دائماً ...

سأكمل قراءتي للنجوم تلك الليلة ....

بعدها تبتسم بسعادة لتقول بفرحة شديدة :

إنه اليوم ...

نعم اليوم عيد ميلاده

كنت أدرك هذا إحساس غامض دفين كان يلازمني طيلة المساء ....

وبعدها تستكمل النظر عبر النافذة ....

والصمت يجتاح المكان ....

فتخرج من صمتها قائلة :

لقد تأخر عن موعده كل ليلة

لما لن يدق علي كعادته .... سأفقده إذن هذا المساء ...!!

وفجأة .....

تسمع الفتاة صدى صوت يأتي لها من البعيد ... البعيد هذا الصدى يردد لها كلماتً تقول :

لماذا ؟ لماذا تقولين إنه لن يأتي اليوم أيتها الحسناء ...

بالتأكيد سيأتي ليحتفل بعيد ميلاده الليلة معكِ فمن غيركِ ستسعد معه بتلك الليلة ....

فتنظر الفتاة حولها لن تجد شيء ...

فترد على هذا الصوت قائلة :

معنى ذلك أنه سيكون معي الليلة ...

سيأتي حبيب القلب يشاركني فرحتي ...

فيرد عليها الصدى قائلاً : نعم أيتها الحسناء فسوف يكون ضيفكِ هذه الليلة ...

فقد صار مجيئه جزءاً من طقوس المساء

يضيف لوناً ونكهة لأمسيات تلك الحسناء ....

فهي لا تستطيع تخيل أمسيتها أن تمر دون دقاته ...

فهي لن تضحي بذلك أبداً ...

فهي تدرك أنه لن يتوقف عن المجيء

وهو لا يرى ولا يبحث سوى عنها ....

فقد أصبح المجيء إليها عادة محببة إلى قلبها لا تستطيع التخلي عنها ...

يجيء ليطرق باب قلبها كل ليلة ...

ثم يعود كأنما تلك هي الحياة أرادت ذلك ...

سيأتي وسيحتفل بعيد ميلاده اليوم مع من ملكت قلبه وعمره وحياته

:::

لحظات صمت تحتاج المكان ...

وفجأة تشتد الرياح أكثر وأكثر ...

وفجأة تفتح النافذة .... ليدخل منها عصفور أبيض ليقف عليها...

أيقنتُ لحظتها بأن حبيبها سيأتي وأنه أرسل لها هذا العصفور ليخبرها بعودته الليلة ....

وبالفعل لن تصدق نفسها عندما التفتتُ للوراء فوجدته أمامها ...

فغمرتها السعادة .... قائلة :

لقد أتيت يا حبيبي ...

فأنت لن تخلف الموعد ولا المكان

ستكون ضيفي هذا المساء وكل مساء ....

فيقترب منها أميرها ليمسك بيديها ليضع عليهم قبلة شفافة قائلا ً لها :

دعيني أحتفل بكِ الليلة ....

اجعلي كل شيء يبدو مبهجا بما فيه الكفاية ....

فأنا لا أعرف مكاناً غير هذا المكان لأذهب إليه يا فاتنتي ...

فكلما غربت الشمس ستجديني عندكِ

فلن أخلف موعدنا أبداً أيتها الملكة المتوجة على عرش قلبي ...

لقد مرت السنوات وأنتِ كما أنتِ يا حبيبتي لا شيء فيكِ قد تغير ...

ما زال التوهج الذي يفيض به وجهكِ ما زال ذات التوهج ....

الفتاة : (وبعد لحظة صمت) انتظرتُك طويلاً ....

وبعدها تأخذ زهرة من مزهريتها لتقدمها له قائلة :

كل عام وأنت الحب

الفارس: ( يأخذ الزهرة ) كل عام وأنتِ الحب وكل الحب يا حبيبتي فبتسم ونظر للزهور قائلا لها : الزهور تعني أنك تعلمين مجيء اليوم الفتاة : نعم إنه الربيع ينتشر في كل مكان يملأ الدنيا جمال والزهور أيضا في كل مكان الفارس : ما أجملها من زهرة لديها عبيراً معتقاً حبيبتي يبدو أنك انتظرتِنني طويلا الفتاة : الانتظار ...!! إنني أمارسه كل يوم فقد حكم القدر بالبعاد وأن تفترق يدي عن يداك رمانا في بحر هائج وقال لنا ( حان وقت الإبحار ) فينظر لها حبيبها بكل حنان قائلاً :

لن يمنعنا القدر من حبنا ... لن يكون هناك شيء اسمه مستحيل وسنحتفل الليلة معاً ....

وبعدها يضع اسطوانة ليعزف النغم الساحر

ليرقصوا معا على أنغام تلك الموسيقى الرومانسية الساحرة فينظر لها قائلاً :

لقد انتشلتِنني من براثن حزني ؟.

وملكتِ الإحساس وأطلقتِ عنانه

أصبحتُ أبحث عنكِ لأحدثكِ بخلجات قلبي

أحدثكِ عن مشاعري المتأججة نحوكِ

تناديكِ

تعالي يا حبيبتي

وتوغلي بداخل ثنايا صمتي

تعالي وأبحري في أعماقي

ففي حضوركِ حبيبتي تزهر ورودي

وأشعر بوجودي

هيا ...

اقتلعيني من جذور الحزن

أزيلي عني لوحات الغبار

وحطمي بحبكِ جدران الظلام

وازرعي في عمري الحب والأمان

حبيبتي

امنحيني من زمانكِ لحظة

أتعمق بداخلكِ

امنحيني دقيقة

أعيش فيها مع ذاتكِ

أشارككِ فيها الفرح والسرور

امنحيني من ليلكِ شمعة

تضيء لي زماني

حبيبتي

زيديني شوقا

زيديني تغريدا

فأنتِ وما زلتِ أنتِ عشقي الوحيد ...

فتنظر له حبيبته تلك الحسناء قائلة له :

أترى سيأتي شهر العطر والشذا وبوح العشق وغناء الورد أنثى الريح التي أعياها الصراخ صامته إلى كهفها ...

فصمت الرعد والبرق والعواصف ...

ها هي الدنيا يغمرها الضياء

زاخرا بالوعد ونداء الحياة ...

منتشرا فيها عطر الأرض وعبيرها

مخضبة لياليه بحناء القمر وزعفران النجوم ...

سيأتي الربيع لنا حاملاً قوارير عطره

يرش بها الأفق ساكباً في أذن الكون أنغام فجر جديد سيأتي ذلك الربيع يوماً ...

حتماً سيأتي ...

سيأتي شهر الطيور العاشقة التي لا تؤمن بالوفاء لزهرة واحدة وإنما تمنح قلوبها لكل الزهور تبني فوق الأغصان وأعالي الجبال أعشاش الحب والوفاء...

وتهيم عشقاً بالأزهار والينابيع والسواقي وقطرات الندى فتغمر الكون بهجة الغناء ...

:

فيكمل حبيبها حديثه قائلاً لها :

نعم سيأتي الربيع يوما يا حبيبتي

وستستيقظ الفراشات على الغناء

تأتي لنا وهي تحمل فوق أجنحتها أقواس قزح

لا تحصى لتقيم بين الأشجار والزهور مهرجان الألوان وسنبدأ لحظتها الرقص من جديد وسنركب جياد السحب البيضاء

:

فتكمل الفتاة حديثها قائلة :

ما أجمله من شهر فلقد نصبه الشعراء أميراً على كل الشهور سنعزف على قيثارة العشق ليضج الكون بالألحان وتغمر أركانه بهجة المحبة والسلام ...

لن يحرمنا القدر من الاحتفال بهذا الشهر معاً ...

لن يحوله لرعب قادم في الظلام ...

فيكمل حبيبها حديثه قائلا لها :

لا لن يقتلوا الربيع

لن يمنعونا من الاحتفال به معاً

لن يمنعونا حتى من الأحلام ...

ستظل مملكتنا تلك التي بنيناها لنا

ستظل تنام هانئة في أحضان القمر الفضي

التي علقته آلهة الضوء في قبة السماء ...

ستظل مدينتنا تعبق برائحة القرنفل وشذا أزهار الفل والياسمين … وسنهدهد أطفالنا بأغاني الحب وحكايات خرافة البحار وابن السلطان ...

:

فتكمل الفتاة حديثها قائلة :

نعم وستنام ابنتنا الصغيرة وفي أحضانها عروستها آمنة ... هانئة ...

فيكمل الفارس حديثه قائلاً :

نعم لن يقتلوا الربيع

برغم الظلام وخفافيش القدر

برغم أنياب الفراق التي التهمت حبنا

برغم كل ذلك فإنهم لن يستطيعوا أن يقتلوا في نفوسنا الربيع لن يقتلوه في قلوبنا ...

وفوق أرض مملكتنا ...

:

الفتاة :

نعم يا حبيبي سيظل الربيع شهر الحب والعشق وأعراس الأرض وغناء الطيور وشدو السواقي وعبير الزهور برغم رعب الفراق فلن نتوقف عن الحب لن يمنعوننا عن حقنا في ممارسة الحب ...

برغم البعاد ... فإن الأرض سوف تستمر لتدور حول الشمس تأتي لنا بربيع جديد كل عام لن يمنعنا ظلام البعاد والفراق من أن نحتفل به كما تحتفل الطيور والفراشات والأزاهير ...

الفارس : نعم لن يحققوا ما أرادوه ...

ولن يقتلوا فينا الحب ....

ولن تسقط الراية التي رفعناها عالياً باسم الحب ....

وفجأة ....

تنظر الفتاة حولها فلن تجد حبيبها

فقد انتهى المساء وأتى النهار بشمسه المشرقة لتضيء لها حجرتها لقد اختفت النجوم التي رصعها الليل في السماء توقفت عن إرسال ضوئها الذي يغمر الكون جمال ...

فهل أطفأ الفراق مشاعل العشق التي أشعلوها فوق أرض مملكتهم ..؟ فالنجوم لا تهجر سماءها ...

والجذور لا تهجر أشجارها ...

وهما أيضاً لن يهجروا الحب

سيظلوا يعيشون به ومعه ومنه

وسيحتفلون به كل مساء ...

ليرقصون ويغنون على موسيقى العشق التي يعزفها لهما الشوق ...

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com