خواطـر

بيـــت في الأثير .. الفضـاء الثـاني .. امــرأة وفراشة سيدتي ...

 

د.مازن حمدونه

 

حوار التناظر مع الأديب غريب عسقلاني

 اخرجي من غربتك .. من وهم المكان المستغول خلف الوهم من كوابيس تغرد على الحان الوجع .. اخرجي من قوقعة السراديب المغلقة ، المغلفة بالصقيع .. من رحلات بلا نور في نهاية النفق ..

 إني أراك بعين قلبي ، وقلبي لا يخطئ نبضك

إني أقرأك بعقلي.. وعقلي لا يخطئ  مدوناته

إني اقرأ نبضك كما تقرأ العين نور الإحساس

 كم أنت تجابرين على نفسك .. أراك تلوكين الوسائد بصمت ..من داخلك تصرخين دون ان تصرخي .. تمضغين الوجع و لا تشتكي .. تصارعين الزمن .. والزمن وقت يمضي ولا يعود .. ويقلبك الزمن وتقلبين المكان والفضاء من حولك نار متوهجة و لهيب لا يرحم ، والهواء  من حولك مشتعل ككتلة محترقة وسط صهريج ..

روح تنبض كبريق وسط حلكة الظلام ..

في لحظات الوجع يجترك فحيح الصوت أثناء اللهاث وحبل الهوى مازال ينبض بلحن الحياة برجفة يدفعني إلى الروح المتأصلة في التوأمة المتماهية بداخلك إلى نور اليقين.

يتسلل حضورك في المكان ويبقى خالداً كخلود الزمن اللا متناهي .. لطالما أنت كل زماني  .. يتسلل إلي من جديد كجسد امرأة في فراشة بيضاء لترتوي من قطرات الندى .

صباحا في لحظة انكسار الضوء على وجه زنبقة حديقتي المغمسة بقطر الندى

أرى فراشتي تمتص رحيق الحياة من شذا الندى اللامع البراق لتعلن عزف الحياة من جديد والرقص على أوتار البقاء المتجذر في تربة لتعلن أنها الحياة وسط الموت ، من تحت ركام بعثرته أيادي القدر في لحظات لتعود للغناء والعزف والرقص من جديد .. وفي كل مقام لها حياة وحياء .. فهي ملكة تسكن في روح فراشة كل غذائها من هوى الروح وما اشتهت نفسها غير سكنات الهوى في توأم الروح .

 الوصول إلى مدارات امرأة

الحضور هو أنت..

كلما همت خطانا على حواف الاقتراب .. باعدها الخوف من لقاء النبضين المتوقدين في وسط مسافة لتعلن الحداد على الشوق المتوقد لتتباعد المسافات من جديد ..

إني بت اسكن على رفه قلبي  وتجثمت السفر .. وأعلنت ان اقتل المسافات اللعينية .. احتفل بتحطيم كل المعابر والحواجز الأرضية ..  ان أتحرر من ظلمي لنفسي .. ان أولد من ذاتي على راحة الزمان من جديد .. ان اختزل إرادتي في قرار لن أضيع من بعده ما تبقى من عمري في حسابات قد تبدد آمالنا على مذبح الخجل وتصبح كل الأماني مبعثرة كالركام على قارعة طريق الآلام .. فانا لست قديسا ملحداً يعبد الموت من اجل  أن يفنى الجسد والروح تهيم في فضاء الوجع بلا رحمة كي تبكي عيون الملائكة على أوجاعنا .

أنت امرأة من ضوء على وجه الحاسوب تجسدت .. أحفظها بعيدا عن كل الشهوات ..

أنت في الضوء امرأة من خيال ممزوج من صورة وصوت وعند انفصال الحاسوب  تتحولين إلى موقد من خيال ..

أي قياس...

المسافة بيننا هي كل ما عشناه خارج أعمارنا والتي تسللت منا في طي الزمان  .. ومهما طالت الطرقات تبقى أشواقنا أطول  مسافة من كل المسافات وأطول من كل الأزمنة طوال الوقت .

جئتك ملهوفا .. فهل أدخل في مدار الالتباس ؟

لا تجزعي على خط الهواء .. امرأة في صوت لا تسقط في غيري مع ترانيم الكلمات. فأنت معزوفة لحن لي متى عزفت مفرداتها رقصت وهي ساكنة في صدري .

فهل عرفت أي امرأة أنت ؟

 أنت البهية في الأثير والغنية على الأرض في عين العذاب  عند المفارز والمعابر ونواصي الطرقات . عند بوابة الحلم أحدق في الذين أكلوك وهم يتمنطقون بسيوفهم ، يتكاثرون عليك ذبحا وسلخاً وتقطيعاً يصنعون منك عشاءً يتجشأونك لذة ونصراً .

 أنت بهجة في الأثير ورحبة في التفكير .. غنية على الأرض في عين العذاب .. تحملين حلم الصابرين .. انتظار صامت على المفارز والطرقات عند بوابة الحلم تنتظرين قرار المتمنطقين بسيوف من نار ، يتكالبون كالذئاب .. وأنت تقفين في وجه الرياح وهم يختبئون من خلف صفائح مبسطة من حديد ..

هم فقدوا الرحمة .. غيبهم الحقد عن التفكير وغاصوا في وحل المعاصي ولا يدركون انك  جئت من ماء النقاء ومطر الأزل من روح التاريخ .. من عنق الماضي وتعمدت في النهر كما المسيح وبت كما رددت  كل البرايا استغاثته حين سكنت في كل الصدور ..

من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر "

سيدتي أنت كالمجدلية التي تعمدت بلا خطايا .. ولم تكوني يوما على نواصي الطرقات تبيعين بضاعة الشهوات على الطرقات ولم تمارسي احتراف الغاويات ممن قتلوا العفة والطهارة على مذبح نهش الجسد المتلوي على أبواب الملذات المعتقة بخمور السكيرين ، هم أرادوا ان ينالوا منك وان تكوني مريام وان يمارسوا كل ألوان السفه والسفاح ، أطفئوا بياضك الناصع في محراب التنكيل ووأدوا براعم الحقيقة تحت سيوف مغمدة بدمك الزكي النازف من عروق كانت ترسم على تراب الأرض خارطة وطن .

أنت لست المجدلية ولا العصر عصور الأنبياء .. والحقيقة ساطعة كنور الشمس طاهرة النقاء ولا تحمل وجهان إلا عند من امتطوا الأحصنة وتصنعوا الفروسية وهم يجهلون طباع الأحصنة الأصيلة !!

أتيك سيدتي بما لا يحمله كل الرجال .. ليس ككل الذين يلتهمون بالشهوات الهائمة قبل أن يتأملوا وقبل ان ترى أحاسيسهم وعيونهم تخشى النظر وهم مبصرين .. بلا بصر .. وعقول غيبها خمر معتق في احضنه ومعين  مبطن بفطر تتلوى من بعده الأحشاء .

يحتفون بك فريسة كمن فاز بصيد ثمين بعد مطاردة بشباك منسوجة من لباب الحديد المطرز بمخارز كلها أنياب وأسنان فوقعت في شباكهم تلهث والذبح جاءها من الوريد إلى الوريد والدم نازف وتتلوى من شدة الوجع أمام رؤى من فقدوا البصر والإحساس !! 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com