خواطـر

 

انشطار الزمن  .. قبل الشتات الأخير

 

د.مازن حمدونه

 أيها العالقون خلف هدير الشعارات .. احذروا القادم من خلف صمت الأعداء .. من خلف نحيبكم ورجائكم ولهاثكم لمن مزقوا أجساد أطفالي ومازال هناك أبطال يرقدون في أكفان المعتقلات .

 هدير البحر قادما من حيث تخيم عليك عالم عاصف بالأمطار الهادرة، تجتاز حدود المكان ..تخلجك آهات تحت خوف داكن ممزوج بحبات المطر ورذاذ البحر الهائج عاصف  بألم البقاء ورعشات الاستسلام لواقع مجهول قد يغير الواقع وينقلك عن عالم من فوق الماء للغوص في باطن ممزوج بالموت .

في كل ليلة توقظني أحلامي المبعثرة على وسادة الرجاء ، انتظر دعوة سفري بدعوة تنقلني من فضاء ممزوج بلهب عامر تحت موقد أحزان وألام عمرها الماسونيين الجدد الملتحفين بسيمفونية الكذب والنفاق ..

في العيد  قالوا ...

ستكون أعيادنا ليست ككل الأعياد .. وفي العيد قالوا .. وقالوا ..

وفي أول عيد فاضت الدموع من عيون كل الأطفال ..

باتت الأعياد تمر على مدينتنا ومن حولنا وتغادر وكأنه لم يمر عليها أعياد .. ولا يمر عليها  سوى ما عمدته الآلام والجراح والنحيب وعويل النساء ..!!

 ترى أطفالها يبكون متعثرين وقد انشطرت أفئدتهم بين الرجاء وأحلام ذهبت مع طلوع الفجر في ليلة عمرت البضائع في الأسواق وهم باتوا على قارعة الأفراح يبكون في الطرقات .. كمن فرح بيوم العيد وفقد معيله فطارت كل أمانيه مع صوت المؤذن في ليلة العيد فعمدوا أباه تحت سقف الظلام .. ومضى الحلم من أمامه ولم يتبقى له سوى مشهد والده المعمد بالأكفان .. وأيدٍ تودع الحضور وتمسح من على رأسه بود على أساه  .. ووجد في أركان البيت أمه وقد ذرفت الدمع  على حالها التي باتت رهينة أنياب الزمان ..

دموع المتعبين تنتحر على صفحات الرجاء والمكبلين بالرعب يقفون في سراديب الظلم ويقف على أبواب حريتهم وأفكارهم .كل أولئك الذين بكتوا ضمائرهم ومازالوا يتربعون من خلف عقول الظلاميين والظلام  .. يقفون وقد انتحرت إرادتهم وغابت أمانيهم تحت سياط الجلاد الذي قرر ان يبقى عابثا بأحلام وأماني كل المظلومين وكل الذين عولوا على تغيير الواقع المرير .. فباتوا تائهين في زواريب الأماني وتاهت بهم مراكب الأمان ..

تنكسر قلوب الضعفاء والصعاليك على أبواب المتخمين بألوان الحياة ولحاهم ليس إلا لونا وهميا من بقايا الألوان التي ترسمها ريشة هاوٍ تقاضى لقاء اجر ومضى بين السحب كانشطار الدخان .

تسير في أسواقها العامرة ببقايا الأماني على بساط البائعين .. تقلبها عيون الرجاء ، وجيوبهم نفضها كساد الحال .. وحاجاتهم .. أسعارها  كمن عاش في قبو قبر وانتشل الحياة من جيوب الشيطان ..

قالوا نحن الرعاة .. فتربعوا تحت خيمة مرصعة بأحلام العذارى .. وجلسوا على صدر الزمن يرددون  المعلقات والموشحات .. ونسوا ان صناديق حضورهم كانت ممن عقرت بطونهم ، ومن تلك الأرامل والمطلقات أو ممن مرت عليهم سياط المتعثرون على مقاعد الدراسة ووجدوا لأنفسهم حضور في مواقع هم عليها غرباء . يصعب عليهم فهم فلسفتها وأسرارها .. فرحل رعيل ممن لا يفسر الكلمات وحضر من يتقن لغة الحرابة ولا يفقهون مفاهيم القيم وفلسفة الواقع .. فتاهوا كما تاه الذين من قبلهم .. وبات الشعب رهين الفقراء من تلك المشاهد الشمطاء و رعيل من الرعناء ..

ذهبت أموالهم تحت مزاريب الأرض إلى عالم المجهول .. وكل وعودهم ذهبت  معها .. وأسواق تجارتهم  تمتد من تحت عناقيد الوهم .. كل يبيع مداهنة وحساباته لا تفيض عن مكاييل من احتسى الرياء ومحسوبية تغلغلت في عروقه إلى حد الثمالة  .

الآن نقف على بوابة الرحيل فاعلموا ان الزمن قد انشطر وانفطر الفؤاد ألما .. وعمرت الأحزان قلوب كل الحضور .. والمشهد بات قاب قوسين أو أدنى ..وستجدون أنكم على أبواب الشتات الأكبر .. فهل ستسلمون أوراق اعتماد التاريخ وقد باتت راحة اليدين بلا أوراق وبلا حضور؟؟

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com