خواطـر

 

فكرة من الشكّ المتحجّر

 

نائلة خطيب – عودة الله  

هل نحن حقا عالمٌ كاملٌ من البشر؟...مجموعات؟ أم ربّما نحن شخصٌ واحد فقط؟.....لماذا خلق الله آدم أولا؟؟....لماذا لم يخلقْ آدم من بطين امرأة مثلا؟؟؟....هل الرجلُ حقا لا يستطيعُ العيش أبدا دون امرأة؟؟.....دليلٌ على ذلك أنَّ الله ...الذي هو الله قرر أنْ يخلق للرجل امرأة تؤنس وحدته ...لم يجد حلا آخر كأن يبني له عوالم لا نهاية لها لتفرحه....!! الله لم يفعل ذلك...بل خلق له حواء.....إذا لماذا يتحقق الفشل الوجودي للمرأة والرجل في مؤسسة الحياة؟؟؟......هل هو عنفُ الرجل؟؟.....ضعف المرأة؟؟....الملل؟؟ ... لماذا نملُّ ؟؟؟.....لماذا لا نمل؟؟؟...لماذا نحرس أحلامنا ونحبسها حتى تضيق بنا الدنيا؟؟.......لأننا مجموعات؟؟....أم لأننا شخصٌ واحد...وحيد...ضعيف....خائف.....ممل....ضجر.....ماذا نريد؟؟؟؟ أسئلة هرمة تعبة , كميثاق النفاق الذي يزوج اثنين, يمكن أنْ نصوره ونصنع منه بطاقة بريدية كي نستطيعَ الاستفادة منه ولو قليلا, لنضعه على ظروفنا الحزينة وعلى أبواب المنافي التي لا نتردد أبدا في الدخول إليها, بل متضرعين, لننتمي إلى فريق الجثث المثقفة في ولائها المتواصل لمستشفى المجانين.

ولاؤك يا رجل لا تحد عنه, ولاؤكِ يا امرأة كوني جديرة فيه....ولاؤك للتشرد وباؤك في طرح الأسئلة ممازحة أو ملتفتة بحذر إلى كفن الوفاء.

يوم لا يبقى في رأسنا إجابات على هذه الأسئلة, ونقرر الاحتفاظ بكلِّ الإجابات لأنفسنا, لنحظى بالميراث الكامل من الحسرة نختفي بعد سنوات, وهكذا تأتي سريعا نهاية السنة , ونركض لشراء الأعياد والأمنيات, حتى ذبذبات الفرح والبهجة نشتريها على عجل ونخلف خرابا في الدكاكين وينتهي العيد فلا نضطر للشكوى لأنه بالتحديد فرغ منا وذهب دون أنْ يحتج, وفي جميع الحالات سيعود مرة أخرى, متهكما, ثم عابرا, يا إلهي كم أكره الأعياد.

 لا أظنُّ أنّ أحدا بإمكانه أنْ يرانا عندها, إحساسنا بالموت يغلفنا بطبقة سميكة سوداء فتنتعلنا الدنيا ويقتلنا الإجهاد, نعاشر غفوتنا ونعيد ونكرر : أيتها العناية الالهية : ترفقي بي....

لن أقولَ شيئا, وحدها السخرية تليق بنا فنحتسيها كما نحتسي النبيذ الفاخر( أنا أحتسي القهوة بدل النبيذ)  ففيه سعادتنا المطلقة, الثمالة الخالصة إحساسٌ عصيٌّ با للتعاسة اللذيذة التي تدوّخ, أجل تدوّخ, عطر المآسي الذي يفسدنا يدوّخ, هذا العطر الوجودي المقدس؟....

نحن أكثرُ شجاعة لنكونَ ضعفاء, وضحايا, حكمتنا لم تشفع لنا ولا حتى من باب الصفح, هذه ثقافة التطوير؟؟

 في لحظة سهو نضحك وتنهشنا مرارة الاستخفاف كالكلاب, لكنَّ أوجاعنا لا تلتئم تبقى طازجة مذبوحة حارقة , تجرنا ونواصل الصمت إلى أنْ نموتَ الموتة التي لا تؤلم أبدا, حتى أننا نصير مجرد أنْ نفكر به يعترينا دفءُ جميلٌ, والموت لا يتذمر أبدا منا, ولا يزعجنا كما تزعجنا الحقيقة, نحن نورط  أنفسنا دائما باستهتارنا وانشغالنا باحتمالاته حتى نتفحم.

في ذروة عزلتي أتوسّد ذلك الكتاب الصغير وانزلق فيه ببشاعة كمن يتناول جرعة دواء, أو قارورة وسكي, أو ربما شوكولاته فاخرة مثلي, أتقاسمه التحنط لكنه لا يشهق من البكاء ولا يشنق من أطرافه, ولا يعانقني كلعنة , ولا يغفو كفاجعة ..

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com