|
خواطـر للعَتمَـةِ
يحيى علوان
ذُبـالَتي ! " نقرأُ الحياةَ بصورةٍ مغلوطةٍ، فَنَندِبُ حالنا أنها خَدَعتنا ! " طاغور غادرتنا الحكمةُ وأَهلوها، وإلاّ ما كُنّا رضينا بما نحنُ فيه نُوَلوِل ْ.. لا حاجَةَ لأَحَـدٍ أَن يَستأسِدَ عليَّ بنصحٍ ..! أَعرفُ أَنَّ الذُبالةَ فَقَدَتْ سِحرَها الرومانسي مُنذُ دهـرٍ ! و أَعرِفُ أَنَّها لـمْ تَعُدْ تكفي لقهرِ ليلنا المديـ...ـــد ! وأَنَّ هناكَ مَنْ يرى ويخافُ أنْ تَفعَلَ فِعلَ الأفيونِ .. بَسمَلَةٌ وحَوقَلَةٌ ، لا تمنعُ الجرادَ عن إلتهامِ حقولِ خُبزنا وأحلامنا في - إنتظارِ "الرفيق غودو !"- ذُبالةٌ نحيلةٌ لا تَقوى على شيءٍ، غيرَ إطالةِ عذابنا .. وأعرفُ أنَّ من يُوقِدُ شمعةً، يقابلهُ آخرون يُشعلون فتائلَ ديناميتِ " المُفَخّخات " وأَنَّ مَنْ يُضيءُ قنديلاً، قدْ "يكشفُ" موقِعَه، فيُغوي بإستدراجِ رصاصةٍ نحو الرأس !! مالعمَلْ ؟! أَنَنتظرُ حتى تنجلي و"تعتدَلَ" الأجواء ؟ فتَصُحَ المواقفُ وتغدو "صائبةً " 100% !؟ ويسهلَ القول ؟؟ أَمْ نَتلفّعُ بالصمتِ، حتى يُحمِّلونا وِزرَ نواياهم ؟! ها هيَ " عاصفة " أُخرى شرَّدَت الغربان *، تقرعُ طبولَ الموتِ عندَ بابِ الجار، هذه المرّة، ولن نكونَ نحنُ وغيرنا بمنجى منها !! فكما أننا لا نملِكُ خياراً فيمن يكون الوالدان واللغة الأُم .. كذلكَ حالُ الجغرافيا ... بَلَدٌ آخر جميلٌ ذو ثقافةٍ عريقةٍ، رُغمَ سَفالةِ حُكّامِه، سيكونُ مرتعاً للدمار والخراب، وساحةً لتجريب ما تَفَتّقَ به عقلُ "عزرائيل "! من آلة للموت .. أَعرِفُ أَنَّ هناكَ مَنْ سيرميني بـ" نظرية المؤامرة !"، التي هي نفسها مؤامرة، فيطلِبُ مِنِّي أَنْ أَتوبَ وأَصومَ عن التشاؤم ...! كما أَعرِفُ جيداً أَنَّ هناكَ كثرةً، مِمَّنْ يدافعونَ بأسنانهم والسكاكين، عن رأيٍ لهم، لكنّي أُصلّي للسماوات والكواكب حتى لا تَتَحقّقَ "نبوءتي !" فتَسلَمَ أرواحُ الناس ...
الليلَةَ، سأهجرُ الدارَ، يا نـدى .. سئمتُ وحدتي والنسيان، باذِخاً، سأوْلِـمُ للذكرى، تحتَ خَيمَةِ الظُلمَةِ ..كي لا تَتَفَرَّجَ عليَّ كامرةٌ فضولية، ولا يراني الجيرانُ، أستحضرُكِ بكلِّ طقوسِ السِحرِ .. أَرفو فتوقَ الرؤى، أَستَنبِتُ الأمَلَ .. أَستَوْلِـدُ الشكَّ في يقينياتٍ كسولةٍ، فللشكِّ، يانـدى، حَلاوَةُ تَمـرةٍ، شهِيٌّ مثل الخيانة الزوجية، مثيـرٌ كالخطيئة، يشبه حُلُمـاً في خاطِـرِ شاعرٍ .. يبدأُ خيالاً مُباركـاً، حتى يتقمَّصَ العناصِرَ كُلِّها... تعالي، إِسبَحي بجدوَلِ حناني إِليكِ، شَرنِقيني بدِفئكِ في صقيعِ غُربتي .. يا بعيدَةً مثلَ فَنـارٍ، يا قريبـةً مثلَ فراغِ صمتي، ها هوَ عطَشي إليكِ يَقْرَعُ طُبولَهُ في صدري .. أَعَضُّ بهِ تلابيبَ أَيّامٍ كُنّـا سويةً، عَلِّيْ أَستَولِدُ حُلُماً جديداً، يُبهِجُني .. طالما غادَرتِني، فبقيتُ وحيداً أُسامرُ لوعتي .... وَحَقِّكِ تََعِبتُ من نَقْشِ إشتياقي إليكِ على خُدودِ الريـح، منذُ زمنٍ بعيدٍ، عَرِفتُ أَننا لا نحتاجُ أَن نَفقدَ الشيء، كـي نُحِسَّ بمدى تَعَلُّقنا به !! هأنذا، طفلٌ أَقرَعُ أبوابَ الحنينِ إليكِ، إخطفيني من رحمِ الكوابيس، إسحليني فوقَ إسفَلتِ ليلي .. تَعـالِي، لَمْلِمي النورَ بماسَتِكِ وشَقِّقي ظُلمَتي .. إتركـي رَأسَكِ يطفو على صدري .. صديقَةَ وحشتي، جَرجريني مِـنْ رمادي، قوديني مِـنْ عصا عَمـايَ لدروبٍ لا ينسَكِبُ فيها الخَلقُ، تعالِي سَقَيتُ حروفَ تَشَرُّدي مِـنْ بعدكِ، أهفو إليكِ، كـيْ آوي إليكِ، نُكَسِّرُ جوزَ الصمتِ، نُقَشِّرُ تُفاحَ الكلام بحكايا وقِصَصٍ، دونَ أنْ نُخَوِّضَ فـي وحلِ التفاصيل ِ.. تعالِي، أَميرتـي، أَنتِ خمرتي عَتّقتُها في سراديبِ الأمس، أَينَ أَنتِ ؟ هلْ أَنتِ سعيدةٌ ؟ ... أَنا، لا!! هلْ أنتِ غريبةٌ ؟ ... أنا، نعمْ !! غريبٌ منْ دونكِ، مُنذُ لَوّحتِ لي من خلفِ الحاجز، وألصقتِ على زجاج المطار قبلةً ودمعَةً، إنزَلَقَتْ أبطأَ من سُلحفاةٍ، حتى تاهَتْ .. وعندما إلتَقَتْ نَظَراتُنا سقَطَ الصمتُ بيننا مثل صخرةٍ .. تعالي، بُنَيَّتي، إِعتقيني منْ أُساري، فُكّي شفرة َ حُزني .. أَبكَمٌ أَنا، أتوقُ لِصَخَبِ حضورك .. أَمسكتُ عن الكلامِ، والحرف مخافـةَ "الرقيبِ " وكمائنَ قُطّاعِ الإنعتاقِ .. كيفَ لي، يا نـدى، أنْ أَكونَ قاريءَ بختٍ، ينتظرُ مثلَ يتيمٍ، على أَبوابِ الفَرَجِ، أَنـا القادمُ من كهوفِ اللا يقين ؟! لا أَقبلُ أَنْ أُرعى بقراتٍ تَسرَحُ في سهولِ الغيمِ، كي تُحلَبَ على الأرضِ !! تَبّـاً لـ"فلسفةٍ زئبقيةٍ " تُناصِرُ الإنسانَ مُطْلَقاً، وتنحَثُ "الملموسَ" ! تسترخي في خيامها على سفحِ البركان ... مُنتشيةً بأنها سَجَّلَت "موقفاً " وكفى !! كَرِهتُ عَسَسَاً يسرقونَ صباحاتِ الناسِ، حتى ! سنتدَثَّرُ، بُنَيَّتي، في الصقيعِ بأحزانٍ أَصيلَةٍ كي لا ننحازَ لأَحَـدٍ **! سَنَرفِضُ أَنْ "يَسرِقَ " الشُهداءُ غَدَنا، فَلَسنا حَفّاري قُبورٍ أو "سَدَنةً" لها !! يَعنينا، "الشهيدُ الحي" أساساً.. هذا، الذي يموتُ كُلَّ يومٍ قليلاً .. يتأَمَّلُ الجُثَثَ أو ما تَبقّى منها، فلا يَجِدُ نفسه فيها .. يتَصفَّحُ بابَ "الوفيّاتِ والتعازي" فلا يَجِدُ إسمه ... أَيكونُ "قتيلاً أَو شهيداً مجهولاً"؟! ماتَ الماءُ، هرَبَتْ الكهرباءُ .. وَلَّى الأمانُ خائفاً ... "عاشَتْ الديمقراطيّة "!! هذا "الشهيدُ الحي "، الذي إنْ عادَ للبيتِ، تَنُطُّ قُلوبُ أَهله بِصَعقَةٍ، فَرَحَـاً بعودته، فيتنفّسونَ الصُعَداءِ والنُزَلاءِ ! لأَنّ واحدَةً من " أَحصنَةِ طروادةَ " الحديثة !، المبثوثَةِ في كلِّ مكانٍ، لمْ تُسَفِّره لـ"الجنان " عنوةً !! هذا، الذي يَرتَجِفُ قلبُه، إِنْ قالَ كلاماً، بلُغَةٍ غيرَ مُحتشمةٍ "توافقياً"! سيجدُ نفسه، في الشارعِ، أو عندَ بابِ المنْزلِ، أَو حتى في سيارةٍ .. في "حوارٍ !" ديمقراطيٍّ مع مسدسٍ، على الأقلْ - إنْ لَمْ يكُنْ رشاشاً - وبكلِّ موضوعيةٍ، علانيةً، دونَ الحاجةِ لكاتمِ صوتٍ !! سأُقبِّل وجنَتَكِ، وأَغفو باكراً كي لا يفوتني طيفُكِ ! تُصبحينَ على عَوْدٍ إليَّ ..
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|