|
شعر ترنيمة حائـكةٍ سيلـيـزيّـة*
للشاعرة الألمانية لويزه أستون (1814-1871) ترجمة د. بهجت عباس عندما يُخَـيِّـم الهـدوءُ على الجِّـبـال، يصلصل جدولُ الطّـاحـونة بعنفٍ أكثـرَ، يَـتَـنَصَّت القمـرُ خلال السَّـقـف القـُشِّـيِّ في شكوى صامتـة. عندما يرتعش السِّـراج وَهْـناً في الركن، على المعبد، تسـقط يـدايَ تَـعِِـبـةً في حُـجْـري. لذا جـلستُ غالـباً حتى أعمـاقَ الليل، حالمةً بعَـيْـنَـيْـن مُفَـتَّحتَـيْـن، لا أدري، ما دار في خَـلدي; ولكنَّ الدّمـوعَ سـقطت ساخـنةً دوماً على يـديَّ- ساءلتُ نفـسي في مُخيّـلـتي، أما لهذا الشَّـقـاءِ من آخـِر؟ مات أبـي، منذ عام تـقريـباً- كمْ وديعـاً ومُبـارََكـاً كان عندما نام على نَـعـشـِه! أخذ أحـبّ ُالنّـاس إليَّ عـُدَّ تَـه ليساعـدَنـا في المُـلِـمّات، لم يعـُدْ إلينـا أبـداً، فقـد رمـاه النّـاطورُ مـيتـاً غالبـاً ما تقـول النّـاس: " أنتِ يافـِعـة وجميـلة، ولكـنْ شاحبـةٌ جـدّاً وحَـزينة، هلْ يجب عليكِ أنْ تَـهلـِكي ألمـاً ؟" " لستُ شاحـبةً ولستُ حـزيـنـةً" كذا يقـول المـرء بسهـولة، حيث في السّـماء الواسعـة لا أجـدُ نجـمةً صغـيرةً لي. جاء إليَّ صاحبُ المعـمل، وقال لي : "يا طفـلـتي الحبيـبة، أعـرف جيّـداً، كم أهلُـكِ هم في فاقـة وشَجَـن; لذا إذا أردتِ الـراحةَ قـربي، ليـاليَ ثـَلاثـاً وأربـعَ، أنظـري، قطـعـة الذهب البـرّاقـة هذه! هيَ مُـلـكـُكِ فـوراً !" لمْ أعرفْ، ماذا سـمعتُ- أيتها السّـماءُ كـوني عادلـةً واتركيني لشَـقائـي، فقط لا تجعليـني سيـئةً! أوه، لا تجعليـني أغـرقُ! لا أستطيع أن أتحمّـلَ أكـثرَ، عندما أرى أمّـي المريضةَ، وأختي الصّغيـرةَ عند الدار! الآنَ يستـريحـون كلَّهم في سكـون، إنطـفـأ ذاك الضِّـياءُ، فلا دموعَ تُسكَـبُ الآنَ، ولكنَّ الألـمَ في الصَّـدر يَحُـزّ. يا إلهـي، إذا لم تستـطع أن تُسعـِفَـنا، فهـلاّ تَدَ عُـنـا نمضي إلى الأسفل عميقـاً في الـوادي، حيث ينتـصب الصَّـفـصافُ الباكي. ـــــــــــــــــــــــــــــــ - تعتبر الشاعرة لويزه أستون من أشدّ المدافعات عن حقوق المرأة، إذ كانت تطالب بالحرية التامة للمرأة ومساواتها بالرجل في كل شيء. تزوجت، وهي لم تتجاوز السابعةَ عشرةَ سنةً، من الصناعي البريطاني الثريِّ أستون، ومن هنا جاء إسمها، ولكن سرعان ما تمكنت من الطلاق وذهبت إلى برلين ونشرت مجموعتها الشعرية (ورود بـريَّـة (Wilde Rosen ، ونشرت كُـتُبَ ( من حياة إمرأة ) عام 1846 Aus dem Leben einer Frau))، وكانت مطاليبها راديكالية جداً ومظاهرها غريبة، حيث كانت تلبس البنطلون وتدخن السجائر في الشوارع، فكان أنْ طُردت من برلين، فذهبت إلى هامبورغ حيث طُردتْ منها أيضاً، فكتبت عن ذلك كتباً عدة. عاشت في وسط ألمانيا بعدئذ حيث عملت ممرضة متطوعة، وخلال ثورة آذار 1848 عادت ثانية إلى برلين، فصارت محررة الجريدة الثورية Der Freischärler ( المتمرد) الني أُغلقت بعد فترة وجيزة وطردت لويزه أستون مرة ثانية من برلين. تزوجت من د. ماير، الطبيب المعاق، في مدينة بريمن ورافـقـته في حرب ( القرم) في 1850 وطافت معه في رحلة طويلة (أوديسه) في أوكرانيا وهنغاريا والنمسا وغيرها، إلى أن توفيت في فانغن Wangen عام 1871. يتميز شعرها بحرية المرأة والتحرر دون قيود والجرأة على قول ما لم يستطع قوله الشعراء ذلك الحين.
* مقاطعة كانت ألمانية تقع الآن في بولونيا.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |