مازلتُ دائخا من
الحروب
طارق حربي
tarikharbi@chello.no
http://summereon.net
أمسِ..
قبلما تبدأ الحروبُ
وتضيء الأنوارُ الكاشفةُ قبر الجنيد
كانت منحوتة الذهب على فمكِ
تلمع يامليحةُ
ولهاثك على صدركِ أطفأهُ الراعي تموز
وتمر البصرة بين شفتيكِ الشهوة أجمعها : ياأكملها!
أمسِ..
لما تاه القمر
على وجنتيكِ
من عطرك المستوردِ
كانت غيمة من عطرك المستوردِ
تطوحت بباب المعظم
وكنت إلى الطوابق العليا من الباصات أصعدُ
لأشم عطر بغداد
وأنكر على عاصمتي بارودها!
أمس..
وصرختي مأهولة بوجوه البشر الفانين
في ليل الجنود الطويل على ظهر (الإيفا) الألمانية
وماتمتمتْ به شفاه أمهاتنا المزرقة في المستشفيات
وأكثر مما ينبغي في مرايا البلاد
كانت السموات تهوي على رؤوسنا
فتفرقنا تحت دوي طائرة أمريكية
قالوا ستقذف حمولتها في الفرات
منذ ذلك اليوم
ونحن نولد من زواج تأخر
لآلهة البارود
وامرأة لبثتْ عاقرا في دخان الحروبْ!
بالأمسِ..
في شرق العمارة خطفتْ بالأمس القريب
صواريخ العالم المتحضر
من وراء شحمة أذني
صواريخ الانتخابات
الديمقراطيات
السياسيين المنافقين
ممن يخطبون وراء المكرفونات
هكذا مرة واحدة
غابت شفتاك في المنعطفات
غاب صوتك يامرأة
ولم يبقى منه سوى خصلة شعر
في كتاب العراق
أمسِ..
الغيوم العميقة بين عينيكِ
تتبادل الأسرار
ولعلك تتذكرين سحنتي قبل الزواج بأحلامنا
حينما تسلق شبابي حليق الشاربين
ظهر شاحنة في الغبار
وفي المطارات البعيدة
هبطت كهولتي محنية الظهر
في المطارات البعيدة
أمس..
حينما انسحبت المدرعات إلى الثكنات
وسلم كل جندي بندقيته إلى مأمور المشجب
وأسرع إلى ثدي أمه في السهول والمرتفعات
كانت مهج كثيرة أطفأتها أسلحة روسية الصنعِ
كانت لغة جديدة تشكلت بين فرضة وشعيرة
وأمة عراقية جمعت أشلاء قتلاها من البر والبحر
أمس حينما سألني الطبيب
ماإذا كنت دائخا من الحروب
أجبت بالنفي ذاتي وكينونتي!