شعر

قيسٌ أنا ليلى

الدكتور نزار أحمد / مشيغان — الولايات المتحدة الامريكية

قيسٌ أنا الشوقُ والاحلامُ والصورُ * * * وفي فؤادي الهوى ما زالَ ينتظرُ

وفي سمائي يظلُّ الليلُ ممتلئ * * * .حتى إذا قد نأى عن عرشهِ القمرُ

إنْ لم أُسمّى أنا ليلى.. لما جلستْ * * * على ضفافي نجوم الكون تعتمرُ

ففي وصالي بحور الشعر قد عزفتْ * * * .للعاشقين سبيلاً لي به وترُ

إذا وَهبتُ شراعي للمدى انبسطتْ * * * .أنحاؤه حين نادى مركبي السهرُ

 وإنْ  مَنحتُ غدي للريح يلمسه * * * استيقظ الذنبُ والساعات تختصرُ

وإنْ مَددتُ له خصْري يعانقه * * * إخضرَّ فيه صهيل اللهو يجتمرُ

قد انحنى يعزفُ الأوتارَ لي فمه * * * فوق الشفاهِ وفي تكراره عِبرُ

فاشتات في ليلةٍ أوقدتها سفني * * * مني بريقاً غشى آثامه الفجرُ

يا قيسُ كذبتك الجوفاء ليس له * * * في معشر العدل أنسٌ أو لها خبرُ

ليلى بما حمَّلَ الحادي قوافله * * * من خيرها القوم في إثرائهم يَسَروا

ما درَّها الكوكب الساري سوى شهبٍ * * * هَوَتْ عليه انتحاباً جوفه السِترُ

عُمْرانِ ذابا على أوتاره ندم * * * .نعشٌ عليه احتقار الروح ينفجرُ

ألقي على ترفِ الماضي نهايته * * * وَدَّعتهُ مجحفاً والضوء منكسرُ

أقطِّرُ الدمع تذكاراً لأزمني * * * ترسو عليه بقايا العُمْرِ تحتضرُ

وأنهلُ الشكَّ أسقيه لأوردتي * * * به شظايا من الآهاتِ تنتظرُ

ألمُّ سهو احتضانٍ لا حنان له * * * أُوَرِّقُ اليأس حتى اليأس ينعفرُ

أجتثُ منه مناديلاً لأغطيتي * * *  وأشربُ البين والحرمانُ مقتدرُ

وأرشقُ الكأس ليَتَ الكأس كان به * * * ذكرى حبيبٍ إليها قادني الأثرُ

أبِثُّ غيلي وتطفيه جوارحهُ * * * وأُدفِؤُ الزهد نحفاً كاد ينفطرُ

وأهملُ القلب أرميه تنازعهُ * * * بعضٌ من الأضلع استَشفى بها الذعرُ

والليلُ يغشيه تكرارٌ تُدمِّرهُ * * * .خيل الصفاد وصيدُ الفجر مُختصرُ

والصبح إن جاء جاء الصمت يذبحهُ * * * كما يزيح ضفاف الشاطىء المطرُ

رَمَيتُ يا قيس أوراقي وزدت بها * * * فهل رمى عابثاً أوراقَكَ الشجرُ

رغم ابتعادك عني لَستُ جاحدة  * * * ولا أعاتب ذنباً قِصره العِذرُ

هل تنكرُ امراةٌ شهباءُ عاشقه * * * وهل يُعاود فيها شوقها النظرُ

 إنْ مرَّ بيَّ خيالٌ أنتَ ذاكرهُ * * * .استشرقتْ نحوه الأطلال تزدهرُ

ما أثقلَ الغل عني شهوةً ابد * * * .إليكَ فيها خيوطُ الليلِ تحتمرُ

فكلما جاءني طيفٌ يداعبني...سَرَتْ إليهِ رياحُ العشقِ تعتذرُ

على وسادة قلبي اهتزَّ منطلق * * * لَوْعٌ به قطراتُ الوصلِ تنحدرُ

وفي قرارة نفسي نَزَّ حشرجةً * * * بها جميعُ عروق الذاتِ تقشعرُ

كأنَّ صبحَ الضنى ما عاد مختبئاً  * * * .فاستقبلته شجونٌ سلّها الصبرُ 

سَئِمتُ يا قيس أخباراً بما مضغتْ * * * من السهام التي أطيابها الوَطرُ

سَئِمتُ والله دنيا أنت تاركها * * * سَئِمتُ نفسي وعندي للهوى خبرُ

لو مدَّ لي يده الخرساء أقتله * * * .إني من الآن نارٌ زيتها القدرُ

إني أخاف من الابحار يا شجني ...أخاف في عمقه يغتالني الضجرُ

أخاف يُلقي ذراعيه ويأخذني * * * فلا أراك ولا يحتاجني السَمَرُ

أخاف من كل أشيائي وما رسمتْ * * * لِيَ المتاهات حين استسلم النَحِرُ

أخاف تصحو فتوحاتي وفي عبثي * * * تنتابني لحظةٌ أكوابها الضررُ   

قيسٌ أنا  للهوى ليلى وطاربه * * * وعند ليلى يقين العشق يزدهرُ

دع عنك لؤمك وانظر صبر فاتنة * * * .نعى فسائله أيوب والغجرُ

فلا خليلك يوماً نال مطلبهُ * * * ولا قتيلك يشفي كبده القبرُ

إني نُفيتُ بلا منفى أزِفُّ له * * *  حَين الزمان عليه الغل ينتحرُ

إني غرقت ببحرٍ بان هيكله * * * .يصطادني يا قيس ظلماً مائه العكرُ 

وسارق النوم من جفنيَّ مدَّ لهُ * * * .حرثاً من النزق المذبوح ينهمرُ

احمَرَّ خنجره واسودَّ مطرقه * * * يخُلِّدُ الروح مما أورق الزجرُ

يا قيس زيفك إني فيك خائنةٌ * * * والله ليس له صدقٌ ولا أثرُ

فأنتَ شخصٌ خجولٌ لم تكنْ رجل * * * هَرَبتَ أول ما انشقتْ بنا الحفرُ

لو كنتَ في الجرأة الثرياء محتكم * * * لما غدونا رماداً ناره الأزرُ

ياقيس لا تسْقط الازهار نظرته * * * إلا إذا قطفتها أذرعٌ  كِثرُ

قد انتظرتكَ أعواماً حوافره * * * كالبحر عمقاً وفيها العشق محتقرُ

يا قيس إنَّ ثرائي لم يكنْ سبباً * * * يُبرِّؤُ الذنب أو يحييه مفتقرُ

حيث الثراء ثراء الروح يا شجني * * * أرضى بعبدٍ فقيرٍ ملكه الفكرُ

فالمال لا يبعث السلوى بصاحبه * * * والمال يا قيس لا يهدي ولا يذرُ

كوخٌ صغيرٌ بمجرى القلب يطربني...ألقي عليه يقين النفس يصطبرُ

إن الزلازل لا تلوي لنا وطن * * * .إلا إذا تاه فينا السمع والبصرُ

ولا الاعاصير تنفي الطير عن وكرٍ * * * شَدَتْ به زفزقات الصبح تفتخرُ

نحن اللذين وفي طيشٍ وفي حمقٍ * * * ندعو إلينا هموم الدهر تبتترُ

ما قطَّعَته السنين الخاويات لن * * * حيناً وحيناً إليه الحمدُ والشكرُ

كفاك يا قيس بحراًً ما أنت عابره * * * إلا وفيك لِوحي الوشيّ محتضرُ

فأنت يا قيس آثرت الضنى طوع * * * أغرتك أطوارك الصفراء والسفرُ

رَحَلتَ في أفق الصحراء ملتحف * * * .حظ العديم وفيك استنبت القَتَرُ

تهذي أقاويلَ لم أسمع لها مثل * * * وتشرب الثأر وفيك الغدر مختمرُ

غرست أنيابك العمياء في جسدي * * * وما نهاك دمٌ أو عابك البشرُ

يجتث مخلبك القتال أوردتي  من غير ذنبٍ سوى يشتاتني الكبرُ

حتى إذا غَنَّتْ الايام أغنيةً * * * فوق الشفاه وكالأغصان تختضرُ

يا قيس جِئت سليلاً تدعي ألم * * * فهل صحيحاً دَعتكَ الأعين الحورُ

أم عدت منتقماً تنقضُّ قهقهةً * * * من نار عينيك ظلّتْ فيَّ تقتَفِرُ

لو يرفع الغدر عن عينيك خنجره...لَسالَ منك صباحٌ وارتوى السهرُ

يا قيس مالك ظلماً تهتدي وثن * * *  فيه الوشاة  لجرف الصدق قد حفروا

نهراً عميقاً من الأنات لو تركو * * * .لها بصيص جراحاتي لما نكروا

 أفعالهم واستباحوا قتل عاشقةٍ  * * * إلا لعادوا بقربي ليلةً سهروا 

إني أنا امراةٌ في الأمر ليس له * * * قولٌ بما تحكم الاعراف والِسَيرُ

حيث النساء طقوسٌ في مدينتكم * * * .ولعبةٌ سَمَلَتْ أردانها الإبرُ

كم عاشقٍ قبلنا اغتيلت مشاعره * * * واستوطنتها قرابٌ ملؤها الكدرُ

في حفرةٍ أراد أن يجتاز منفذه * * * عبءُ الشقاء فأمحى دربها الحجرُ


 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com