شعر

عبد الكريم قاسم

الدكتور نزار أحمد / مشيغان — الولايات المتحدة الامريكية

أبا الثوار يا بطلاً ينادى * * * وساند كل من عدلاً أرادا

وظافر عزّ شعبٍ باللآلي  * * * وواهب خندق الشهداء زادا

وهل تسمو المراجل باسم شهمٍ * * * .إذا ما كان سيفك قد أفادا

وهل زحف الرجاء لنا مجير * * * .إذا ما لم تكنْ زحف ابتعادا

ولدْتَ ضياء حقٍ يمتطيه * * * .طريق الفكر والقيم التلادا

ومتَّ ولم يمتْ نفسٌ كريمٌ * * * .تَقَلَّده سواك فما استفادا

على الأعداء كنت عنيد حرٍّ * * * .تنثُّ سيوفه قضباً شدادا

فلم تخذلْ لوطأةِ  قيد طاغٍ * * * .ولم تركعْ لمن وَرَدَ الزنادا

وقفتَ عُلاً لحيلة من تداعى * * * عروبة أمةٍ غوت الحيادا

وما أضحى عليها من رزاي * * * ..يفوق حوافر التتر ازدرادا

فما كان الذي رسم اتحاد * * * سوى قرحٍ أراد له الضمادا

فلولا وثبةٌ كبرى أطاحتْ  * * * هوايته التي كُسِيَتْ سوادا

لكان مصيرنا سُمّاً ذعاق * * * نُذَوِّقهُ لمن ورث المعادا

أبا الأحرار يا قمراً مليئ * * * ومأذنةً إن انتقدوا الجهادا

وساحة كبرياءٍ حاملاً فوقَ      عزتها العقيدةَ والبلادا

فكم ضمرتْ رؤوسٌ عند سغبٍ * * * تخور له انتقاصاً واقتيادا

فما رأساً حنوتَ بما استفزو * * * .فرأسك ملكُ من خلق العبادا

وعشتَ عفيف نفسٍ طرَّزته * * * ..أمانة من تُسلّمهُ الفؤادا

فلمْ تملكْ سوى دينار واحدْ * * * وغيرك شاطر الدنيا وسادا

وعاث كأنها دُرجتْ إليه * * * بتوكيلٍ أباح له الفسادا

وتلتحفُ الحصير وترتديه * * * ويلتحف النواعم والقتادا

وتعبدُ ربَّ أحمد لا شريك * * * ويعبد نفسه إثماً جعادا

وتُقتَل صائماً بصلاة فجرٍ * * * ويُصلَب  مُكْسر الرأس انقيادا

رمينا عنده الكذب ابتداع * * * فصدقه سبيلاً واعتقادا

فأيّ لذي مقارنةٍ وهذي * * * .إذا جهل الورى احترقوا اتقادا

فمَنْ همْ بين أشداق الضواري * * *  يسامر عظمهمْ لمنْ طرق الرقادا

أكان لديك كنزٌ أو قصورٌ * * * شواكلها تَكوَّرت احتشادا

وسربٌ من أوانيس العذارى * * * .كما صار الذي ملق الجمادا

وربي لم تكنْ شيئاً كهذ * * * ولكنْ ذنبك الصدق ارتيادا

تركتَ الصمت ينطقه كليمٌ * * * إذا كثر الكلام يعضّ ضادا

وأصبحتَ الإله بزيِّ آدمْ * * * .نبيّ قبيلةٍ روت الحدادا

سقتك سمومها من غير ذنبٍ * * * .سوى أحببت موطنك المصادا

رأتكَ عدوَّ آمرها فهمَّتْ * * * .لزانٍ هاجناً فيها الرشادا

فأغفَرَتْ الخوارج لاقتسامٍ * * * يخيط الرشد فاحتشدوا جرادا

كأنهمُ  لقتلك دَيْنُ أمسٍ * * * .مع الأيام تحسبه مبادا

فأيُّ سلالةٍ قتلتْ عليّ * * * .ولولاه لِما هزَّتْ مهادا

وأيُّ رسالةٍ قادتْ شعوب * * * .ولَمّا استحلبتْ حلبتْ صفادا

يعانقها من اغتصب الغوالي * * * وخاذِلُها صديقٌ لا يعادى

أتَعْلَمُ أنَّ من ذبحتْ يداه * * * إذا عثرتْ يعاودها العتادا

فلم يوماً يبعْها بل شراه * * * وأسكنها بعينيه وزادا

وزيَّنَ قُبْحها غزل الأغاني * * * نهاراً يوقد الشمع المبادا

وسامحها بما مطرتْ عليه * * * من الغدر اجتماعاً وانفرادا

عفا المكروم عن ما قد مضاه * * * .فهل عرفتْ بما جهلتْ مفادا

مضتْ خمسين عاماً في سباتٍ * * * وهل حصد الذي زرع الرمادا

أتنجب فارساً من أغرمته * * * .كؤوس اللهو طوعاً واضطهادا

وبات مساءها نزقٌ طريدٌ * * * أقام لها الفواحش ما أرادا

فكم من ساقطٍ شجوَ اشتهاه * * * وكم من فاسقٍ ركب الجوادا

فحتى من رياح العفن فيه * * * نما الإرهاب فاختلق الجهادا

بأرض الرافدين رسا حلوب * * * عقيدةَ تذبح الطفل اتئادا

كما فعل ابن سفيان المذكى * * * وفرعون الذي حضر المزادا

فكم من ليالٍ قد بكين * * * .لدينا أطيبُ الدنيا ارتيادا

أننكر إنكَ النجم المزكى * * * مصابيح العراق إذا تفادى

تقلَّدتَ العراق أباً وجاهً * * * وقبلتَ التراب دماً مدادا

وأوردتَ البساتين اختضار * * * وكحلتَ السواقي والوهادا

ومنذ رحلتَ عنا صال فين * * * بساط الغل يقتطف الودادا

فبعدك زارنا طاغٍ وزانٍ * * * .وجاهلُ علمه كان اجتهادا

فحتى إنني قد ضِعتُ صبح * * * .نسيتُ بأنَّ في صبحي ارتعادا

وحَيَّرني بما أدري حديثٌ * * * إذا عرِيَ الصحيح نما اضطرادا

نكرتُ بأنك الاهواء صفو * * * وذبتُ بمغرياتٍ ما تهادى

وليت العابرات بأرض قلبي * * * يخوننَّ الملامة لا الفؤادا

فما وقف الزمان رقيب عندي * * * بذاكرتي دليلاً أو تمادى

فلا حبٌ لديَّ ولا استطانٌ * * * لِغريكَ سوف يرويني  الوسادا

ولكنْ قد رميتُ هواي جنب * * * .وحتى الله يمنحني المرادا

بيومٍ قد أرى فيه الأيادي * * * بَنتْ وكما تمنَّيْتَ البلادا

ويا وطني الجريح كفاك غش * * * تغني واللضى أكل الحصادا

فقد رحل الذي لغدِ انتظرنا   * * * فمن سكن المدى لا يستعادا

ألا هُوَ كل ماكنا امتلكنا  * * *  متى نذكرْ شهيدَ نقلْ أجادا

يغرد طيف روحه في البوادي * * * .يكحل موطناً خان العهادا


 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com