|
شعر صورة البيت الخالد " للمطلّقين فقط " خلدون جاويد
أطفأت الضوء في الدهليز لاغادر لاحت الغرفة الجانبية ظلماء والصالة بشعاع خافت من مصباح على الدرب قلت في دخيلتي ماذا لو عائلتي هنا الأطفال يتحلقون حول عنقي لوداعي قبلات لغيابي المؤقت والاُم هناك كأنها آلهة الماء تنثر من يديها الحنان وبذور الزرع كأنها آلهة بابلية في الممرات والحجرات كلهم يحتفون بي ذاهبا او آيبا دفء في هواء البيت ، نغمة من مذياع شاشة تلفاز براقة الألوان ضحك ، صخب ، لعب ، تلاحق خطى تسارع كالفراشات ، اطيار وملائكة في مرح لاينتهي وانا الذاهب الى المدينة والعائد بعد حين عائد الى كنزي الى عائلتي ... الى عمري المتكون لبنة لبنة لكن اواه ... ألف اواه ... كان هناك عمر وحطمته بيدي حطمناه بأيدينا حطموه بأيديهم أطفال أرعبتهم بصراخي بصراخنا ، بصراخ سوانا آلهة خصب أسلمتها للعذاب والاهمال آلهه ماء أسلمتني للظمأ بيت سقطت أعمدته في الهباء ... كلهم كانوا هنا وكلهم أصبحوا هناك ... أطفأت الضوء ونظرت الى صحراء تئن بصمت الى خفقات خطى متباعدة همسات ميتة اوراق خريف تنجرف في الريح انطفاءآت آفلة غياب لاظلال له سكون وموت الى أبد الآبدين . أطبقت الباب الحزين وغادرت البيت ظل مرتكسا في الظلام وهناك ظلت الأشباح تتلاعب انهم هناك معا ... أبدا معا عداي... فأنا الوحيد المطلّق المطلق الأبدي والمنبوذ الوحيد في رياح الشوارع . مثل عجوز يحصي موتاه في مدينة خالية مدينة في زمن الحرب البرد والجوع والمطر والظلام يا إلهي كان لي ذات يوم بيت جرى اغتياله صورته الباهرة أمامي أحلم بها كل ليلة اعيد تكويناتها كل يوم كلما دخلت يطلّون من ظلمة الدهليز كلما خرجت يلعبون تحت مصباح منير هم خلفي في حضورهم والغياب في واقعهم والخيال وهم امامي في المنعطفات في مصعد العمارة والسلالم المحاذية والنوافذ والباب الخارجي والمصطبة والارصفة انهم معي لايزالون معي يسيرون في الواقع والمنام وكل صباح افتح عيني لا أرى سواي وسريري المنجمد الوحيد والصالة الخالية والدهليز المخيف والحجرة الموحشة كأنها ثلاجة موتى لانغم في مذياع لا آلهة بابلية لادفء في فضاء البيت لاتلفاز يرفرف صوتا وصورة عداي لا اجد الوحيد المشدود بسلسلة من حديد الى صخرة البيت . الماضي عمري الماضي حاضري المعاش الماضي مستقبلي المشرق ! هاهم يتناثرون كأوراق الخريف في الشوارع وأرصفة الأحلام وها هوالضوء منطفئ وهذا أنا الغائب المنطفئ وأما البيت القديم والجديد وأي بيت قادم فلا وجود له . بل لن يوجد لقد حطمته الحقيقة مرة واحدة والى الأبد مثلما أسقطه الخيال من قمة القمة الى هاوية الهاوية ! .
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |