شعر

عراقي أنا

ماهر العراقي

عراقيٌّ أنا وشماغيَ أحمرُ

عيونيَ النجومُ الثلاثةُ الخضرُ

ناصعٌ كالشمسِ وجهيَ أبيضٌ

سوداءٌ عبائتيَ وإلهيَ أكبرُ

عُجنتُ بتربةٍ أعشقُ رملها

عمَّدنيَ مائها المقدَّسُ السرُّ

مددتُ أعراقيَ بأعماقِ عراقيَ

حفيداً للأعاظمِ أسدٌ أنا نسرُ

أميراً وُلدتُ فالمسقطُ بغدادٌ

والأبُّ سنحاريبٌ والجدُّ آشورُ

عراقيٌّ أنا والكلُّ بيَ كانَ

ما كانَ ليكونَ بلايَ ويظهرُ

آلهةٌ عشتارٌ أنا ومردوخٌ

البدءُ والكلُّ والحرفُ والنورُ

أنا من علَّق الجنائنَ في سما

بابلَ وأربيليَ أحودُ أُسوِّرُ

عظيمٌ عراقيَ والأكبرُ إسمهُ

والأثقلُ إرثهُ  ومجدهُ الأندرُ

صعبةٌ كينونةُ المرءِ عراقياً

فعراقيَ تضحيةٌ وعزَّةٌ ظفَرُ

 عراقيٌّ أنا لمْ ولنْ أكنْ عبداً

بلْ أنا هوَ منْ تعبَّدتهُ معاشرُ

آلهةُ للآلهاتِ أنا هوَ الشمسُ

واضحٌ وصالحٌ عادلٌ ومنيرُ

تعبَّدتنيَ أممٌ تقصوا وتدنوا

وتتشهَّدُ لألوهيَّتيَ الدهورُ

قسمتْ ببطولتيَ ساحاتُ الوغى

فخلَّدت مُدوَّنات ومجَّدت آثارُ

كيفَ للمُتعبِّدِ وصفَ إلههِ

فالعراقُ إلهٌ أوصافهُ تكثرُ

عراقيٌّ أنا وبركانيَ غاضبٌ

لا تستفزَّ نوميَ فصحوتيَ خطرُ

إحذرْ كفاكَ يا أخَ العربِ عِداً

جريحٌ ونزيفيَ منْ ظلمكَ يقطرُ

متعبٌ  ومرهقٌ  وقابلٌ  للأشتعالِ

جائعٌ   وعطشٌ   وإنفراجاً  أنظرُ

كُنْ عوناً لا فِرعَوناً عليَّ أخَيْ

لا قتليَ  جهادٌ   وما  أنا  أكفِرُ

أبغيْ   سلامكمُ   ولستُ  بمُرجِعٍ

عدائكمُ  ولكنْ  حذاريَ القهرُ

عراقيُّ  أنا   ومنكمُ   وأليكم

يبقى التآخيَ والوصلُ والأُصَرُ

أنا   التَّاريخُ   آنكمُ   وآتيكُمْ

عِزُّكمُ أنا  والشُّعراءُ  والصورُ

لا  دمائنا   ماءٌ  و لا   أبيعكمُ

إبنٌ  أخٌ    أنا  سليلُ  عمٍّ   برُّ

إيّاكُمُ الظنونَ بيَ  غازٍ  معتدٍ

بيديَّ من الغازيْ يؤخذُ الثأرُ

لم أكنْ  بصدَّامياً  بل  عراقياً

طبعيَ الحبُّ والأخلاصُ والخيرُ

عراقيٌّ   أنا  نخلة ٌ أنا  قصبٌ

حبَّة ٌ تنبتُ في القلوبِ وتخضرُ

خصبُ التُّرابِ أنا  وافرُ  الماءُِ

و الهواءِ والسما شمسٌ وبذرُ

زارعُ الحُبِّ  أنا   فلَّاحُ عاشقٌ

حبيبٌ  يسرقُ المحبِّينَ ويَنشرُ

رسالةَ  السلامِ منْ دارِ السَّلامِ

عِنوانها  أحزانٌ  دمعاً  تَعصرُ

أعصرهُ أخفيْ عَنِ الأنامِ كُبراً

فما  في  الأنامِ  عليَّ   متكبِّرُ

عراقيٌّ أنا  و المحيي  للحياةِ

لا  لمْ  و لنْ أموتَ و لا أنحرُ

دمِّيَ وإِنْ جَرى  على  تربتي

يُنبتُ   نخلاً   ينموا   و يثمرُ

يَعلوا بِها  العراقيُّ  و بعِلوِها

فقوتهُ  دمائيَ   ليسَ   التَّمرُ

ما فنى  بُرجُ  بابلَ  في الثَرا

فالثَرا   نحنُ   أبراجٌ    تكبَرُ

كلَّما حطَّمتمُ برجاً في العراقِ

أمامكمُ بوجهكمُ  يعلوا  آخرُ

عراقيٌّ أنا حروفيَ  مواضٍ

كلماتيَ معاقلٌ سُطوريَ عَسكرُ

أتَوا  تكفيراً  لذبحِ  عراقيَّتي

يبقى عراقيَ وتكفيرُهم يُقهرُ

سعفيَ سيوفٌ  وجباليَ خوذة

رماليَ  درعٌ  وعاقوليَ خنجرُ

خُلقنا  أماجداً  ورثوا  أمجاداً

نحنُ  أولى  مَنْ  يُعزُّ ويُنصرُ

ظنُّوا   بالدَّمِ   العراقيِّ  مُباحٌ

دمُّنا  قُرآنٌ   إنجيلٌ  وأسفارُ

عراقيٌّ  أنا   و قديمٌ   جُرحي

مضتهُ  عصورٌ ما داواهُ عصرُ

و كيفَ  إلتئاماً   لجرحٍ  عتيدٍ

بسكينِ  حقدٍ    غُدرَ  و يُغدرُ

بأستباحِ أيادي  العِدا  نينوى

أتبعُ  توابعي  ويخونني القَدَرُ

بزوالِ   مُلكِ   آشورَ  بانيبالَ

غابَ  مجديَ  والعزُّ  والنَصرُ

أعادَها   لبِثْ   نهرينِ  عَليٌّ

هارونٌ رشيدٌ وجعفرٌ منصورُ

عراقيٌّ أنا   تشهدُ  لي السما

والشَّمسُ  والنجمُ  أني المِنبرُ

منبرُ  الدُّنا   خالقها   مُعلِّمها

مُعَمِّرها بلايَ  ما كانتْ تَعمَرُ

آهٍ  ألفُ آهٍ  وآهٍ  يا  عراقي

عزيزٌ   يُذلُّ    وقويٌّ   يُكسرُ

غنيٌّ   يُعوَّزُ    وكريمٌ    يُردُّ

مخلصٌ  يُخوَّنُ ووفيٌّ   يُغدرُ

نحنُ من روَّضَ الأُسودَ قططاً

واليومُ بالقططِ نُسحقُ  نُدحرُ

عراقيٌّ   أنا    وعائيَ   عزيمةٌ

لا تُثنى    تُقوَّضُ   ولا   تُكسرُ

ورائيَ  رسالةٌ   وأخيرُ  رسالةٍ

هُداً    للأنامِ     تُضيئُ    تُنوِّرُ

ألِفيَ   اباءٌ    للتكفيرِ    للقتلِ

وعشقٌ  للحياةِ   وللموتِ   قهرُ

قافيَ  قُبَّةٌ   تكسوا العراقيِّينَ

مسجدٌ  كنيسةٌ   وضريحٌ  طاهرُ

عزيمةٌ  ها أنا   رسالةٌ   و إباءٌ

قُبَّةٌ  إذا  ما   حُطِّمتْ    تُعمَّرُ

عراقيٌ  أنا   أزليٌّ   لا   أزولُ

ليَ  بعدَ    كلِّ    خفاءٍ  ظهورُ

عَجاجةٌ  أسكنُ   الرِّمالَ   وإثرَ

السُّكونِ أهبُّ   عاصفاً  وأثورُ

دؤوبةُ   الأممِ   تحلِّق   للأعالي

و ها أنا  مطويُّ  الجناحِ كسيرُ

لا تعجبْ لحاقيَ  بعلوهم راكباً

سماءَ  طيورِهم  فها  أنا النسرُ

أشقُّ  السُّحُبَ  وأعتلي  عرشها

فبلاي   عروشُ  السماء   تبورُ

عراقيٌّ   أنا   خالدٌ   بلا  شبيهٍ

مَنْ إدَّعى الخُلدَ  غيريَ يكفرُ

عراقيٌّ  و حقِّيَ  بالبقاءِ مُصانٌ

والخلدُ بعراقِ الخالدينَ جديرُ

ما  عذريَ  ألا  أنبضَ  بالحياةِ

ودجلتيَ وفراتيَ  تنبضٌ تُغزرُ

عراقيٌّ و تذكرونيَ بملمَّاتِكمُ

العظامِ و تشهدونَ  أنِّيَ الأغرُّ

أرفرفُ  للأحرارِ رايةً  و عَلماً

بلْ سَيفاً  ولطالما  جَلتهُ  الغِمارُ

عراقيٌّ أنا بالعربيَّةِ أنطقُ

فلا تسألوا بل إسمعوا وأنظروا

لجسارةِ الآشوريِّينَ فيْ عينيَ

هيبةُ نمرودَ هيبتيَ أتشعروا ؟

ميِّزوا الخنجرَ الكُرديَّ فيْ يديْ

وتراكضوا تراجعوا و تقهقروا

التُركُمانيُّ اليزيديُّ الصابئيٌّ

الأرمنيٌّ تمعَّنوا بيَ كيْ تروا ؟

عراقيٌّ فوقَ إدراكِكمُ مبهمٌ

كاملُ الوصفِ إكتبوا وأَشعِروا

عراقيٌّ أنا فأفتحوا عُيونكمُ

تمعنوا لكي تروا وتبصروا

بُرجيَ بابليُّ وزقُّورتيَ أورُ

ثَوْريَ جنَّاحٌ وسومَرِيَ قيثارُ

حكمةٌ حامو رابيَّةٌ حكمتيَ

بجبروتِ نبو خَذُ نصَّرٍ أظهرُ

إرثيَ شجاعةٌ سَنحا ريبيَّةٌ

وبخطابِ الإمامِ عليٍّ أنبرُ

أنا مُحرِّرها و صلاحُ دينِها

وكذا بانيها جعفرٌ منصورُ

عراقيٌّ أنا والألِفُ والياءُ

النَعَمُ والكلّا والأوَّلٌ والأخيرُ

السؤالُ الأدهى وجوابهُ الوافي

العِقدُ والحلُّ مُحزنٌ ومُسِرُّ

دائيَ الدواءُ ودوائيَ الداءُ

حَمامٌ وسهامٌ صالحٌٌ وجزَّارُ

أنا من ضحَّى وفداكمُ وأعطى

بمقدرتيَ عاجزٌ وبعجزيَ قادرُ

باسطُ الحياةِ أنا وبيَ تُطوى

أنا البدايةُ وبيَ يُسدلُ السِتارُ

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com