شعر

 

غداً صباحاً

للشاعر: مؤيد طيب

ترجَمة: صلاح برواري

من الشعر الكوردي المعاصر:

"مؤيد طيب، شاعرٌ مفتون بحب الوطن، يقبض على الجمر وهو يمضغ الثلج!؛ لتخرُجَ سُحُبُ القصائدِ من قلبهِ بيضاءَ... بيضاءَ لاهِبة، تطبق السماءَ، وتمطرُ على القمم دماً وحُباً ومَراثي!؛ فتنتشي الأرضُ، وتزهرُ قبورُ الشهداءِ في كل شبر من أرض بلادي، شُقاراً وعَراراً!.

حين يُغني حَجَلُ شعرهِ، الشرسُ والوديع في آن!، تصطفُ حِجالُ الشِعر أمامه، لتردَّ عليه؛ فتمتلئ جبالُ وصُرودُ كوردستان ضُجاجاً وصخباً!. ويكسر "بابى علو" صرنايته؛ لينضمَّ إلى دبكةِ العشاق الصاخبة، التي يقودها أمراء وأميرات العشق في كوردستان: (مَم وزين، خج وسيامند، هسَم ولاليخان وفرهاد وشيرين)!.

 1-    غداً صباحاً... لا تبكِ يا أماه

غداً... أماه

في جُنح الليل

وقبل انبلاج الصُبح،

قبل أن تترَك الأعشاش،

قبل إفاقةِ العمال،

أنا والمِشنقة

على موعد!.

غداً... أماه

ستحضنني

الصخورُ والأحراش

الثلوجُ والدماء

وحبيبتي الحسناء،

سنحلقُ معاً في السماء.

كلُ الجبال

كلُ البحار

ستبتهلُ إلينا،

ستنادينا؛

فنهطلُ...

شمساً

وربيعاً

وشآبيبَ مبارَكة

على مروج

أحالها النابالمُ

فحماً ويباباً!.

------------

غداً... أماه

سيكونُ حِذائي

أعلى من تاج "السلطان"!

وعُرسي...

أبهى من كل الأعراس،

قدي وقامتي

أزهى من الربيع

فلِمَ تبكين؟

وتلطمين صدركِ

الأوسعُ من بحر،

وتشدّين شعركِ

الأنصعُ من ثلج!

لا... يا أمي

لا... لا تبكِ!.

لا تتشحي بالسواد،

لا تفتحي بابَ كوخِنا الجميل

للحزن والعويل!.

---------------

غداً... أماه

سيزفني "خاني"

بأغنيةِ العرس؛

فلتردّي عليه!.

غداً... أماه

لا تبكِ...

ستحيط بي

كلُ جميلاتِ قريتِنا،

وإذا انفلتت من عينيكِ

دمعتان...

فباللهِ عليكِ

اخفيهما بسرعة!

كي لا تقول حبيبتي:

" ماتَ فتايْ...

فتشظتِ البُشرى

في فوهةِ بندقيتهِ؛

أواه... ستقبعُ أسيرة

في قصر السلطان"!.

عندها...

ستأخذ فستانها الذي

نسجتهُ لها

من ذرى القمم،

من خيوطِ الشمس،

وستمرِّغهُ في سوادِ الليل

وتجعلهُ سُخاماً!.

لا...

يا أمي

لا...

يا حبيبتي!.            (بغداد: 1979)

 2-    العشقُ والنار

حبيبتي...

مِن جَمال مُحَيّاكِ

عرفتُ بَهاءَ وطني!

ومِن سوادِ شعركِ

عرفتُ حُلكة الليل

الذي يلفُّ وطني!.

لكنَّ عشقكِ في قلبي

نارٌ... تطلبُ أواراً!.

وقلبي... المتلظي

إذا تفجّرَ؛

فأيُّ ليل

سيصمد أمامَهُ؟

وأيُّ شبَح فاحِم

سينبَري لناره؟!.              (دهوك: 1977)

 3-    هَوى

حبيبتي...

مُذ أن هَويتكِ

هويتُ النارَ والمطر!

هويتُ المشانقَ والسجون،

هويتُ البندقية والمِتراس

هويتُ المناضلين والكادحين،

هويتُ الجبالَ الشماء

هويتُ كلَّ المُدن والقرى؛

لكنني مُذ أن...

انحنيتُ لأجل قامتكِ

وقرأتُ صفحة عشقكِ

وهززتُ شجرةَ الأماني،

لم أنحن لأحدٍ،

ولم يستطِع أحدٌ إحنائي!.            (بغداد: 1979)

----------------------------------------------

شروح: الشقار (بضم الشين): أزهار شقائق النعمان. العَرار: أزهار جبلية جميلة (عدة أزهار تقوم على ساق واحدة، وتميل نحو الأسفل)، يغلب عليها اللون الأحمر وبعضها أصفر، تسمى في بلاد الشام (الضرائر)، وتسمى في اللغة الكوردية (شلير). بابى عَلو (أبو عَلو): أحد أشهر عازفي الصرناية في منطقة بهدينان (محافظة دهوك)، والصرناية: آلة نفخ موسيقية معروفة، وهي معرّبة من الكلمة الكوردية (زرنا- زورنا). شآبيب: دفعات أو دفقات المطر. خاني: أمير الشعراء الكورد. أوار (بضم الألف): لفحُ النار ووهجها.

* مؤيد طيب: شاعر كوردي معروف، من مواليد دهوك/1957. يدير حالياً مؤسسة (سبيريز) للطباعة والنشر. اخترنا القصائد أعلاه من ديوانه (أغنية وثلجٌ ونار)/ط2، دهوك- 2004.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com