شعر

 

هجاء الى اُمي ...

 

خلدون جاويد

ايتها الفاتنة : " - - - - - - " اهديك قصيدة " هجاء الى امي "  مع خالد وخالص المحبة  واعمق مشاعر الحنين الى الموت على وصيد بابك،  تقبلي اهدائي من ملجأ العجزة والأيتام في كوبنهاغن ... المرسل : غريب غربائك و يتيم حبك وطفلك الضائع الى الأبد .. تفرجي كم انا تالف بدونكما...  محبتي ، وفرحي بحرماني منك ! " .. 

في باب المعظم

قرب مقبرة الانجليز ... غادرتني امي

بل غدرت بي

انها الخائنة الاولى في حياتي

تسعة اعوام ... وأخ صغير بعـُهدتي

ارتدت اجمل وأعطر الملابس

قالت مستفسرة بتآمر ! :

هل أذهب ؟ ماذا تقولان ؟

سكت أخي الصغير كعادته

قلت : اذهبي ... ولا تعودي !

غادرت على عجالة

كأنها حصلت بإجابتي

على راحة الضمير !

ظلت القدور بلا طعام

الحجرة بلا امومة

صيف بغداد الساخن

والحمى التي اصابت أخي

وأنا المذعور مثل قطة

ظللنا على عتبة حجرة للايجار

وسط بيت يعج بالعوائل

الجميع يركنون الى قيلولة الظهيرة

عدانا أنا وأخي مثل فرختين

شمس حارقة ، غرفة مثل فرن ، اُم مغادرة وغادرة

قدور فارغة

اُم .. هه ...

من يومها وأنا أخاف من الحب

من غصة في ماء دجلة

من كأس الدموع

لاأثق بأحلى جورية

 الدودة كامنة في عمقها

 ولا بالقادم لتوّه ِ

فانه سيباغتني بالوداع

وسوف يفاجئني الممطر بالمتصحر !

والأبيض بالأسود

والنهار بليل الليالي

اُم ؟... هه ..

بملابسها الأنيقة تركتني رثيثا

وأخي البريء ... مثل وزة خرساء

كيف انقضى ذلك العام ؟

بل سنوات العمر جميعا ؟

اُم ... هه ..

لا احب الأنيقين

ربطة العنق بالذات ... والفستان المورّد العطير

لا احب الاّ ثياب الفقراء

أكره الثريا ... احب الضوء الحزين

والمصابيح المهتزة في الريح

لا احب المهرجانات والمراسيم

احب الأكواخ

لا احب الفرحين

احب الأيتام ... الحزانى

انتمي الى معسكر الثكالى

ومخيمات الجوعى

يُتمي الامومي استحال الى حب الأبناء المكلومين

حب امهات الشهداء

اُمي ؟ .. هه ...

اُم تترك ابناءها

هرة تأكل فلذة الأكباد ...

اُمي ..هه ..

تركت الغالي والأغلى

لن أقول الى أي عش آخر ذهبت

غادرت ... غادرت ...

ظللنا تحت نجوم باب المعظم

وليل الكرنتينة الحزين .

الوحدة انجيل طفولتي

الوحشة سلم الى دهليز موتي اليومي

لم يبق لي أحد في العالم

الاّ أب ٌ غائب طيلة النهار

لم يبق لي أحد عداي ..

واستعدادي التام للحفاظ على أخي الصغير

مثل جندي في حراسة

أنا وأخي والخواء الامومي

والحنين الى المجهول

ودموع مدى العمر

لا يد لنحني الجبين عليها

ولا ظل كي نجلس تحته

أنا وأخ صغير مثل وزة خرساء

منذ غادرتني هي !! لم اعشق بصدق

الف امرأة وإمرأة في حياتي

ولا واحدة احببت من اعماقي

أو أحبتني من اعماقها

ولازهرة اصطفيت

لتابوت عرسي

كلهن امي .... كلهن امي !

 *******

 كتبت في يوم 15/4/2008 عن ذكرى أليمة ليوم حزين في صائفة عام 1957 . 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com