شعر

الزنديق الطّيِّبْ

 

سهيل أحمد بهجت

 

شربتُ خمرة الإيمان العتيقة

كانت تباع لدى خمّــار زنديق

رجموه حقدا و مزقوا ثيابه الرقيقةْ

لكن الله نجاه منهم في لحظة من نهار

هاجر بعيدا حاملا آماله

و موسيقاه الإلهية التي تصدح في الغار

قلت له و أنا أشربها

أين كنت أيها الزنديق الطيب

ليتني عرفتك منذ أمد بعيد

لأعيش أملا بغدٍ جديد

أنا مواطن متهم بالإلحاد و الزندقة مثلك

لكن الحقيقة أننا نعرف الله أكثر من رجاله

خمرتك الإيمانية أيقظتني من سباتي

و علمتني أن الله محب و هو غدنا الآتي

عرفت أن الله يتجلى في خد الفتاةِ

أكثر من مواعظ المنافقين الذين يلقونها

إما شهوة أو رغبة في فضلات الطغاةِ

إن الله مُلكٌ للجميع و ليس بضاعة للاحتكار

فهو ربّ المسجد و الكنيسة و المعبد

هو مكمن الأسرار

باسمه يجرمون و يقتلون و يذبحون

ألا يعلمون أنه سيرميهم إلى جحيمه؟

أنا أعاني لا بسبب الله

و لكنهم الشياطين البشرية

يتحايلون على الناس ليمصوا دماءهم

بألف نظرية

يحشرونهم مسخرين أمامهم

مدعين أنهم سيذبحونهم في سبيل الأُمّة

عــــــــاش عـــــــــاش الزعيم في القمة

قلت لبائع الخمرة الزنديق:

أي قمة يعنون؟؟ قال مبتسما:

ألا ترى جبل الجماجم هناك

حيث يعبدون الله المزيف المصنوع من ذهبْ

ذلك الإله البشري المصاب بالتعبْ

إنه تعب لكثرة ما التهم من عباده المؤمنينْ

فلحمهم اللذيذ يطيل أعمار أبناءهْ

و يقوي النسل في أصلاب أصهارهْ

كلما انتحبوا ضحك و ابتسمْ

كلما ارتعبوا زاده فرحه بالنهمْ

لو شربوا خمرتي لعرفوا الحقيقة

أن ليس لله بوليسا سريا و لا يملك مخابرات

لأنه محبٌ لكل شيٍ و هو في كل شيءٍ

ألهُ حاجة في أن يؤذيهم؟

أن يشردّهم و لا يؤويهم أمر مكذوب

لأنه حبيب كل محبوب

ففي أنفاسه الندية يعيش الخلق أجمعون

قلت له سائلا قبل أن يودعني نحو الشرق:

ما اسمك يا أطيب الرجال نفسا؟

فقال مبتسما كعادته:

أنا الحلاج الذي كره الحجاج و علي الذي أبغض الفقر

أنا ابن عربي الذي جاب البر و البحر

ستجد مثلي في كل مكان.

ثم رحل

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com