شعر

 

رحلة الى بغداد

 

مامند محمد قادر

 صباحاً مبكراً

أغسل وجهي بماء الغربة ,

اركب سيارة في كراج الشمال

الذي تتراكم

على وجوه

اسقفة انتظاره

اغبرة السنين ,

أتحدث مع ركاب من الذكريات

و أجتاز شوارعاً

و أحياءً

اعرف تسلسلها

كحروف اسمي ،

اترجل على أكتاف التون كوبري

أرتاد مقهىً قديماً

و أشرب شاياً

بنكهة الزي التركماني ،

أسير مع طيور

تتقطر

من صفقة اجنحتها

سفر الماء

و ابتسامات السنابل ,

من فوق سطوح المنازل

تنهض عروس كركوك

بثوبها الابيض

لتلوّح بيد بللتها الشمس

نظراتي ،

في مطعم قديم في الطوز

يُجلب لي طبقاً

من ضيافة كرميان

الشهيرة ،

في الشارع الملتهب

يتبدد السراب

تحت الأسراب الشاردة

لفراشات عيني ,

و نسيم ( خالص )

كأس من ماء مثلج

يروي ظمأ المسافر ،

و تلتقط أنامل بصيرتي

صحون الحمضيات المحلية

الموضوعة على أكتاف

الباعة – الأطفال ،

تفتح بوجهي بغداد

أبواب استقبالها

و يسلمني زقاق

بيد زقاق آخر،

ارتاد فندقاً

في شارع الجمهورية

و آخذ قيلولة

تحت الهواء المشتعل

للمروحية السقفية ،

تناديني رغبة في النزول

أجلس في كازينو ( الكندي )

و نظراتي

تتبادل التحيات

مع الشيوخ المنهمكون

في لعب الطاولة ،

أقرأ قي صحيفة ,

و اذا بِأيد مألوفة

تشد على عيني ،

أعرف من نبرة ضحكته

انه حيدر عدنان صاحب

زميلي في الكلية ،

و كسابق عهده

يعزف بصفيره الرتيب

موسيقى ال ( Love Story )

لحين تدمع عينيه ،

أقف على جسر الجمهورية

محدقاً في الماء

و النوارس التي

تأخذ ببصيرتي

بطيرانها المتواصل

الى الكورنيش

و البتاوين ،

التقط صورة فورية

في ساحة النصر ,

و أخرى في كراج العلاوي ،

أدخل في زحام المسافرين التعبى

لأتناول تمراً

و لبناً محمضاً

على عربات الباعة المتجولين ،

أعود على أدراجي مشياً

الى ساحة الميدان ،

رائحة البيض المقلي

و الخبز المنتفخ الطري

و أصوات تلاوة القرآن

تملأ الهواء النقي ،

و تلتصق بالأبنية و الشوارع ،

في مطعم

تطل واجهته

على الساحة

أطلب العدس الصباحي ،

و أشرب شاياً

من كشك بجوار المطعم ،

انتظر تحت مظلة الوقوف

و يقدم الباص 102 ،

أعثر على مقعد

في الطابق العلوي ،

تكتظ الممرات

بطلبة

كليّتي الزراعة

و الطب البيطري

و تسبق خطوات أذهانهم

عجلات الباص الثقيل ،

للحاق بالمحاضرة الأولى ،

أجتاز حي العامرية ،

أترجل في شارع ابو غريب

قبالة باب الكلية ،

أنوي قاعة المحاضرات

للمرحلة الخامسة ،

و أشغل مقعدي الشخصي 68 ،

تتغيب زميلتي

في الساعة الأولى

مقعدها 67 يبقى خالياً ،

أشغله ،

و اُسجل غائباً

لهذا اليوم ،

التقيها عند مدخل

بناية قسم الفايروسات ،

لم تتغير أبداً

بخجلها الفاتن ،

و وجهها الطري

بعد كل هذه الأعوام ،

نتمشى ،

و نجلس

تحت الظلال الداكنة

لأشجار التوت المعمرة

بعيدة عن الأنظار ،

و ( على هدير البوسطة )

رذاذ من مطر ناعم

تبلل ذكرياتي

بأسماء زملاءٍ

ترتسم وجوههم

في أذهان الغياب ،

مساءً متأخراً

و دون ان أكترث

بقراءة رقم الباص

ألازم مقعداً

عند الشباك ،

لأنزل بعد ساعة ،

و لأركب بعده

باصاً آخر ،

أتجول تائهاً

في شوارع

و أزقة

تلك القلعة البعيدة

و أقطف

من وجوه المارة

أزهاراً من الأغتراب

لمزهرية ضياعي .

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com