شعر

سائحة دانماركية في بيروت .. 

خلدون جاويد 

جلست سائحة ٌعن يـُمناي

ببنطال الجينز الضيقْ

وبثوب ابيض

تحته رابيتان  من الليلك !

وكان الشعر طويلا

اسوَدْ

جلست لاتعلم بالحظ الاسوَدْ

وبماضيّ ِ الاسوَدْ

الوجه تماما مثل عروس من بابل

بروفيـِليّا تشبه عشتارْ

وطوليا كمحياها

وملوكيا ً في حاجبها والانف

وثغر يجمع مابين الجنة والنار

العينان هي َ

والشفتان هيَ

لكن لا تعلم ان حريقا

يتشاهـَق ُ بي

يتعالى بالوهج ِ

الى اعلى سقف في مقهى " كوستا "

والى اعلى ناطحة في بيروت

الى سبع سماوات في المتوسط ْ

ودموع ٌ تتلالئ ُ بل تتعالى

لله تعالى

لعراق عذبني في المهد وفي التابوتْ

حيث امامَ العشتاريّة تولدُ اشواقي

كلّ صباح ٍ

وتموتْ

لاتعلم ان شبيهتها

من دفنتني

واهالت فوقي ترابا ً

وهاهي تجلس عن يمناي

تحدثني عن مسكنها الدانماركي

في " اوذينسا "

حيث العيش ممل ْ

والليل مُذل ْ

ولا من يدعوك الى ان تفرح .

لم تعلم سائحتي أن ّ السل ْ

ينخر بي لما تتحدث

والسرطان بجسمي يسري

لم تعلم !

لو هي تأخذني تترفق بي

وتشد ولو كذبا من أزري

وأبدأ ثانية ً

بامرأة ٍ اخرى تشبهها

واعشقها وهميا ً أحنو

كي اجهش

ازهق روحي فوق السروال الأزرق ذاك

وأمام الشعر الأسود ذاك

لكن لا

فهي بعمر الورد

وعمري ستون ْ

ضاع زمان ٌ

ماكنت به موجودا

فلمن سأكون ؟

ـ عن اذنك سيدتي

لحظتها كنت خرجت الى كون خلف الكونْ

لفضاء خلف فضاءْ

وهباء مامثله في التاريخ هباءْ

خرجت الى منفى المنفى .

خرجت من المقهى المكتض بآلاف النسوة

من جنة كوستا ـ بيروتْ

وعدت جريحا طرواديا مشلولا مقتولا

من دون رماح مطعونْ

كبقايا جثث القيت بنفسيٍ

دون كيشوتْ

ذبيحا ً

فوق سرير ٍ في  فندق صمت ٍ ودهاليز ٍ

في مستشفى اشباح ٍ

في ردهات جنون ْ..

جثث الحرب معي

وصراخ  القتلى والقتلة ْ

والنار معي والعربات المشتعلة ْ

والموت  معي

والعدوى والطاعون ْ

والنوم بإبرة ِ مورفين ٍ

بزجاجات ِ كحول ٍ

وبافيونْ !!! 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com