شعر

ألهوى والشباب (5) .. من تراث الراحل علي محمد الشبيبي

1913 – 1997

محمد علي الشبيبي

ملاحظة: ألقصائد التالية هي المجموعة الأخيرة من القسم الأول (الهوى والشباب) من ديوان (أنا والعذاب) للراحل علي محمد الشبيبي / الناشر

أمام الصـورة

يـا من أناجيـك في سـري وأعلاني ........... أشــكـو اليك تبـاريحي وأشـجـانـي

إني كما أنتِ في حــزن وفي فِـكَــر ........... تـعــــاود الـنـفــس مـن آنٍ إلـى آنِ

إني على عهـدي المـاضي وسابقه ........... ولسـت أســـلوك ما كـرَّ الـجديـدان

ضـل الفــؤاد وقــد هـــاجت بلابلـه ........... فعــدت مســتـوحشـا أهلي وخلاني

*                 *                 *

أراك طـاوعت أحـزان الحيــاة كمـا ........... على الـبعـاد أنا طـاوعـت أحـزانـي

جـلســت مثلي إذا ما هـاجني ألـــم ........... فـانـزوي هــاربا عن كل إنســـــان

يـداك يمنى على يســرى تعــاقبتــا ........... من فـــوق صـــدر من الالآم ملآن

هــام الـفــــؤاد به والـنـــار تتبعــه ........... كمـا تـبــارى على شـــرٍ

 

 عَــــدوّانِ

جلسـتِ جلــسة محــزون يفكر في ........... جور الحياة على من لم يكن جاني

يحـوطـك الــزهـر والامواه جاريـة ........... فما اهتـززت لهـا إذ أنتِ في شـأنِ

أرسلتِ شَـعـرك منسابا على عنـق ........... أفــديه ان نـابه خـطــب بـأبــدانــي

أشـعلت سـيـكارة تبغيـن سلـوتهــا ........... وتبعثيـن زفيــرا بأســـم دخـــــــان

*                 *                 *

هلا ســمعتِ خــرير الـمــــاء رَدّدَهُ ........... نهـر حواليك يجـري وسـط بسـتان

هلا ســمعت نشــيد الطيـر تنشــده ........... على الزهـور بأنغـام والحـــــــــان

هلا انتشقت عبير الزهـر تنشــــره ........... مع النسـيم كسِـرَ العــاشـق العاني

لِمْ لا نظرت جمـال الــروض ليـــلُ ........... فهـل ذكـرتني نائيا عن كل إخواني

إي. لـم يهــزك بـذا إذ أنت والــهة ........... أضنـاك شــوقي وما للمـرء قلبـان

*                 *                 *

إني نأيـت بعيــدا عن دياركمـــــــو ........... ومـا وجـدت أخـا نصـح ووجـــدان

هــذا يبجلني عـنــدي ويمـــدحنــي ........... فـان رأى مثله جَــدّا بخــذلانــــــي

وآخـــــر يــدعي حبي ويـشــتمنـي ........... في غيبتي فله في الـود وجهان(1)

ولـــو درى أنني أدرى حـقــائـقــه ........... حــرباء من طبعهــا تبـدو بألــوان

مــا قــال ماكــرته مكـراً أبنـت لــه ........... أني إذا نـابـه خـطــب أخ

 

 ثــــــــان

*                 *                 *

النـــاس كلهـم خــدع وشــيمتهـــم ........... مكــر وهـم أبــدا عبـاد أوثــــــــان

شـــر جميعهـم والشــر غايتهـــــم ........... يعبـرون به عن ألــف شـــيطــــان

لـو أستطيع بهم فتـكا أبدتهمـوا(2) ........... ولــم أدع أبـداً ظـــلاً لإنســـــــــان

*                 *                 *

يـا ليـــل أرقّني شــوقي وأنحَلَنـــي ........... وجـدي فيا لـوعتي ما كان أشقاني

عكـفت أنـظـر تصـــويرا لعـــلّ بـه ........... ألقى ســلـوا فقـد ضيعت ســلواني

رجوت أن أنظر التصوير يسـعدني ........... بشَـــقوتي فالكــرى عـافته أجفاني

وربمـا خفف الـتصــويـر من ألمي ........... إذا نظــرت له صـــدري كبــركــان

وطالما قلت: يا نفس أجملي جزعاً ........... فـربمــا ســــعـدت حــال لــولهــان

لابـد أن تنقضي أوطــار شــقوتنــا ........... وأغتـدي فــرحـا أشــدو بالحــانـي

 

 

26/02/1936

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- عينت عام 1934 معلماً في قرية تدعى "سوق شعلان" لعشيرة آل إبراهيم. كنا خمسة معلمين ومدير المدرسة. وعلى أنهم شباب فقد كانوا يحملون أفكاراً طائفية رعناء. كنت أمقتها. وأشعلوها ضدي حرباً شعواء عادت على رأس الفتنة – المدير - بالشر.

2- هذا المقطع كله من نتائج أذى الذين فكروا خطأ بما توحيه الطائفية من تفتيت للوحدة الوطنية طبقاً لأماني ومساعي الأستعمار. وقد أدركت دوافع الطائفية التي كنت ضدها منذ نشأتي، لكن أذى هؤلاء غرر بي لإعادة النظر. ثم عدت ثانية ضد كل ما يفتت الوحدة الوطنية.

 

** *   *   *   *         *         *         *   *   *   *   ***

 

إلى أبـي

أبي. إنمـا أشـــكــوك بثي ولـوعتي   ........... فهــل لك أن تصـغي إليّ وتســـمـع

أبي. هـالني مـا قـد لــقيت وهــدني ........... وما عـاد في قـوس الـتصـبر منزع

أطـاح بقلبي طـائر الحب والهـــوى ........... فـكيف تـرى أني أقــــر وأهـجـــــع

أبيت لــيــاليّ الــطــوال مبلبــــــــلاًً ........... ومـــا مسعــد إلا حــنـين

 

 وأدمـــــع

*                 *                 *

حنانا أبي لا تمس للــدهر صاحبـــا ........... عليّ وكـن لي ملجــأ حيـن أفـــــزع

لعــلك لــم تلــق الــذي قــد لـقيتـــه ........... لذا أنت لا تـدري بمـا أتـجـــــــــرع

سقاني الهوى كأسا سكرت بشربها ........... ومن ثــم لا تـعـنيف لا لــوم ينفـــع

وماذا ترى هــل كان حبي جنـــاية؟ ........... أتيت بهــا والـدين هــل كان يمنع؟

إذا كنت لا ترضى فاني على الهوى ........... مقيـم ولـلأمــر الــذي شئت طيــــع

معــاذ الهــوى أن أعصي أمـــــرك ........... والدي ولكنني لا شك للموت مزمع

بعين الهوى ما قد ألاقي من الهوى........... ومن عـاذلي ما قـد ألاقـي وأســمع

19/11/1936

** *   *   *   *         *         *         *   *   *   *   ***

 

ألكـلمة الأخـيرة

ســلام عليك فــؤادي الـقريــح ........... فقـــد ذهــبتْ ويـك أيامـيــــــه

وخـاب الــرجـاء فـلا ترتجـــي ........... وقــد ضيـع الــحظ آمـالـيــــــه

لقـــد كنّ مثــل نسـيـم الــربيع ........... إذا مـر في الأنهــر الجـــاريــه

يغني لهـا الموج لحن السرور ........... وتنشـــدهـا لحنهــا الساقــيــة

وقد احـرق اليأس تلك الزهور ........... فأمســت على تربـــها ذاويـــة

وأودت بـروحي كفَ الشقــــاء ........... فهـــا هي منـبــوذة نائــيــــــة

جـفاهــا القريب وملّ الصـديق ........... فلم يســتمـع إن غـدت شاكـيـة

ســبيـل التأمـل فـيهـا التــــوت ........... فســـارت وقـد لا تُرى ناجـيــة

وبالأمل الحـلـو ولى الـزمـــان ........... فـلا تأملـن رجـعـة ثانـيـــــــــة

*                 *                 *

حنـانيك قلبي عـدمت النصـيـر ........... سوى أدمع العين مُـرْ ها هـيه

تجيب إذا الليل أرخى السـدول ........... فلم تطفِ منك لــظى الحـامـيـة

لـقــد نـفـذ الصـــبر مـا حيلتـي ........... إذا لــم أجــد إذنـا صاغــيـــــة

ولا من يـرقُ لهــذي الــدمـوع ........... ويشـــفـق للـزفــرة العــاتــيـة

طـريـدا من الأهـل لا مســـعــد ........... من الأهل والصحب والصاغية

*                 *                 *

اُعَـــدُّ الاثيــم وذو المــوبـقـات ........... وكل الـمعــائب من شــــانــيـة

وأصبحت مرمىً لدى العاطلين ........... والســـنهــم بي غـدت لاهـيــه

يراني الصـديق فيبـدي المـلام ........... ويـرجــو اخـفف غـلــوائــيـــة

يكيــل لي الـلوم مـا أمـكـنــــت...........  بـذاك بـلاغـتـه الـعـــــالــيـــــة

فـطـورا يـلـح وطــورا يليــــن ........... ونفــسي عن اللـوم في ناحـية

*                 *                 *

فـيا ليت كأس الـهوى في يدي ........... لأســـقي بهــا بـعـض عـذالـيه

اريهـــم بـــذلك ان الــــغـــرام ........... حـمـيــــا بتأثيرهـــــا قــاســية

تصارع عقل الرزين الشجــاع ........... فيـردى وتمـسي هي القاضـية

يمينـــاً بليلى لأنهي الــحــديث ........... لنفسي على عـهـــدها ماضـية

27/11/1936

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

صاغية الرجل. قومه

 

**  *   *   *   *         *         *         *   *   *   *   ***

سـمـعـاً اُخَـيَّ*

أ اُخيَّ يـا من لـم أجـــــــد ........... عــونا سواه على السنين

أنت الــوفي وما ســـواك ........... وجــدت لي خـلاً أميـــــن

كــم محنة صــبت عــلــيّ ........... دفعتهــا بحجىً رصـــيــن

وملمْةٍ لــولا حجـــــــــاك ........... لـكنت شــــر الـهـــالـكين

*                 *                 *

أبتِ الليـــــالي أن أعـيش ........... كمـا يـعـيـش بنـو الحيــاة

صـفـو بلا كـدر يـــــــدوم ........... لي السرور إلى الممـــات

فعدتْ عليّ بـحـربـهـــــــا ........... وتلاقفتني الحــــادثـــــات

وخضعت عن كـره لهــــا ........... شــأن الحمام مع الـبــزاة

*                 *                 *

أذري الدموع وهل تـفيــد ........... بساحة الحــرب الــدمـوع

أواه من جــزع بكـيــــــت ........... وهل ترى ظَفِر الـجــزوع

شأني بلا ســعي أنـــــوح ........... كشأن من يبكي الــربــوع

قـعـــدت يـداه به فـظـــــل ........... يعــاتب الــدهـر الــقطوع

*                 *                 *

ولكــم خـدعت بأن لــيلـي ........... وهـو ليــل الـعـــاشـــقين

ليــل الـوداعة والصــفـــا ........... إذ كان ظِـل الـبــائســــين

فســــــهـــرته مــتلـــــذذا ........... بالنوح والـدمع الســخين

أشـــكـو الــضنـا لنجـومه ........... وأبثهــا الســـر المصـون

*                 *                 *

لا الليــل أذهبَ وحشـــتي ........... كلا ولا البــدر الـمنيــــــر

كلا ولا الـروض البهيــج ........... ولا أغــاريد الـطيـــــــور

كلا ولا هـزج الــميـــــــاه ........... وكنت يطربني الخــــريـر

ويحي غمـرت بكل وهـــمٍ ........... بـاطــــــل نــفــسي وزور

*                 *                 *

جـفت آمانيّ الـعــــــــذاب ........... ورحت أدنــو للفنــــــــاء

ظللت بالـيــــأس المميـت ........... وعـافني حلـو الرجـــــاء

وا حسرتي ولى الشــباب ........... وما رأيت سوى الشــقاء

قِصَـرُ الخطــا قـد عـاقنـي ........... فـوقعت في هـذا الـبـــلاء

*                 *                 *

آخـيت اخــوانا كـثــــــارا ........... أرتجي بهــم الـنجــــــــاة

هــزلــوا وما جـــــدّوا بــأســــــــعـادي لدى عرض الشكــاة

شــيـم لهــم عنـد الـرفــاه ........... وشــيمة في الـنـــائبـــات

لكـن وجــدتك صــاحــبــا ........... غـذّي بمــاء الـمكــرمـات

*                 *                 *

أنكرت لي شبح القنوط(1) .......... وقلت ما في الارض يأس

حبـذت لي حـرب الزمـان ........... وقـلت: ما في ذاك بــاس

والـدهـر يخضـع للقـــوي ........... فـكن له صعـب المــراس

جازف ولا تخش الـزمان ........... وكن مـع الأيام قـــــــاس

لا تـجــديـنــك أدمـــــــــع ........... تهـمي مع الغيث الهتـون

كلا ولا نـــــوح مع الـــــــــــــــورقــــاء حالفت الــغصـــون

ذَلّ الــذي الــف البكـــــــا ........... فـاربأ بنفســـك أن تكـون

*                 *                 *

ســمعــا اُخيّ فقـد عـملت ........... بنصحـك الغـــالي الثميـن

ونـبــذت عــاطـفة بهـــــا ........... قد كنت كالطير الســجيـن

أبـدلت بالـضحــك الـبـــكا ........... وسخرت بالدهر الخـؤون

و غـلبتـــــــــــــه بــارادةٍ ........... جلبت لي النصــر المبيـن

20/02/1938

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*- أنا شديد الأسف ان فقدت القصيدة التي قدمها صديقي الشاعر المرحوم مرتضى فرج الله بمناسبة زواجي. وقصيدتي هذه جواب على تهنئته لي ومنها هذا البيت:

درب الكفاح سلكته ........ فمن الغرام الى المعال

ولابد من محاولة للحصول عليها من أبنه عزيز وتثبيتها على الهامش. كان من خيرة الأصدقاء، ولكن للأسف الشديد أنقطعت صلتي به. وقد أصبح في طي اللحود. على أي حال: أني أحن أليه رغم هذا فهو رفيق الطفولة والشباب.

قصيدتي هذه رد شكر على قصيدته، وعلى صداقته.

(يذكر والدي في مخطوطته الشعرية وفي مذكراته الأسباب التي أدت الى القطيعة بينه وبين صديقه الراحل مرتضى فرج الله، ووجدت ليس من المناسب تدوين ذلك الآن بعد ان فارقا الصديقان الحياة طيب الله ثراهما/ الناشر)

1- من الواقع الذي عليّ ان لا أنكره: انه كان يحثني على الصبر والعمل. ونبذ فكرة اليأس، وضرورة الصبر والثبات والعمل على تحقيق الارب والغاية دون جزع وسأم. هكذا كان، وبالمقابل كنت أصد كل محاولة ضده من سفلةٍ كانوا يحاولون أسقاطه ..... فكنت الدرع الواقي، حتى انه كاد يقع في شراكهم، وكوشفت من قبلهم فثرت عليهم ونبهته للخطر. واسباب ذلك فقره وحاجته.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com