شعر

أحزان النهر الضبابية

 

نجم عذوف

إلى سعد سباهي وأصدقائي في منفى الوطن 

الليل الأرجواني يجلد لهيب الألم

فتغتسل العذارى بالحزن المشرد ،

تلك أغنية الحكمة القديمة

تجردت الحروف من السعادة ..

وسكتت أصوات الرثاء ،

عجباً ..

من يمسك خيوط الظلمة ..

والدروب قد أسرجت ،

أقفالها على العابرين .

مرت السنوات رهيبة سواءٌ ،

في وطني ..

أو غربتي ...

كأنها العاصفة التي تجيءُ بالموت ،

سنواتٌ آسنات كماءٍ عبرت عليه أقدام الغزاة

خطواتنا المثقلة تجلدها سياط الجوع

أيها الزمن الأعور إلى أين تسوق ركام أجسادنا ،

المنهكةُ ...

الموجوعة ..

ونحن الفارون من الجراح المثقلة بأرواحنا .

الدعاء الدافئ يشبه وجه أمي التي غادرت خلسة ،

إلى مقبرة لا تشعر بالأمومة ..

يتردد صداه  منكسرا بالحسرات

الظلمةُ المرتعشةُ دوار الفجر الشاحب ،

تجلدُ أعاصير الشهوة الصوفية .

أيها الأمل الذي لم تشرق أحلامه ،

كنت حزني الذي يغفو منهوك الأعصاب ...

في جمجمتي  .

أبداً ، لن تُثمرَ غيبوبتي ...

غير غيبوبةٍ هصرتها سنوات الجحيم .

مَن يشفق على ضوءِ الشمس ..

الذي لم تمنحه الظلمة الرؤيا .

يا لسذاجة الأسطورة البائسة ..

التي أَضاعتْ الخلودَ في التاريخِ الجرد.

أيتها الساعات العصيبة اجمعي شتات لهاثي ،

وأغلقي أنفاس المساء الذي تشتد أوجاعه ..

كالسأم الذي يختفي خلف أحزان النهر الضبابية

لا شيء يبعث الإحساس بالضوءِ ..

وقد غطت الدمعة الرمادية أمنياتنا .

غبار الخطيئة يطاردُ التنهدات البرية

التمني النجس أسير الخطيئة الفقيرة ..

يزرعهُ الخريف العبوس

تشير النافذة إلى شظايا الجسد الذي تلون بالزرقة ..

وهو يغني :

لا تستحم بالمطر الأزرق ..

لا تجلس تحت السماء الزرقاء ..

لا تُقَبِّل الموتى الذين ازرقت شفاههم ...

لا تصغي للصوت الأزرق ..

لا ...لا ...

ل ... ا ..

ل ..

ا ..

لا تكن قلما حافيا يدعو الصحف إلى ...

وليمة جائعة .

يكفي المدن إنها تكتظ بالهلع ..

يا لحظي ..

رحل المجانين  ..

الشعراء ...

القوادون ...

جسر السماوة القديم ...

مات الشرطي الذي كان يلاحقني عند البار

حقاً ..

مدن غريبة الأطوار

وسنوات مملوءة بالأندثار

لا جدوى ، أن نتخفى تحت الاناقات الكاذبة ...

والأحاديث المنمقة ..

ونحن نشعر ببرودة الموت

نحمل أجسادنا المتغيمة على أجنحة النهر ..

ليطير بنا إلى جفاف الطحالب الجريحة .

وحيدون في الصراع العقيم ..

ضد أسماءنا العتيقة .

أحدق بعيداً :

فأرى شواهدَ لقبور استلبت أسماء ساكنيها

تحت الخطوات المجمدة ترتعش التواريخ اليتيمة

مشبعة بالذاكرة المقفرة .

لا منفى يقودني إلى أروقة اللحظة   ...

ولا وطن يحدق في سريري الكئيب ..

حتى أتكامل

صوتي الحبيس في لهاث المدينة ،

يلبس الحداد

لا تذرف دمعتك حينما ترى اثري

كما وجدت اثر أمي ..

حَجَرة صغيرة مكتوبٌ عليها ..

توفيت بتاريخ بائس

فأنَّ أثري قطرة دم جائع

توسدت إحدى أرصفة الوطن

قف .. وقل

آه ... يا وطني 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com