|
شعر
ثَـوْرَةٌ
عائشة الحطاب
دَعْوَةٌ حَدِّقْ فِي لَوْنِي، وَلَا تَكْسِرْ بَرِيقَ المَاءِ.. حَدِّقْ فِي وَجْهِي الْكَوْكَبِيِّ فِي جَسَدِي الاسْتِوَائِيِّ فِي لُغَتِي الَّتِي لَا تَهْدَأُ.. تَقَدَّمْ، وَادْخُلْ عَيْنَيَّ الْبَدَوِيَّتَينِ فِي فَضَائِي الْحَجَرِيِّ اعْزِفْ عَلَى أَلَقِ الرِّيحِ عَزْفًا نَازِيًّا، وَاقْتُلْنِي!
أَفْكَارٌ نَقَشْتُ نَسِيجًا أَزْرَقَ، فَأَنَا نَسِيجٌ عَارٍ بِتَقَالِيدَ خُرَّافِيَّةٍ.. رُبَّمَا أَعْتَصِرُ الْهَوَاءَ نَبِيذًا رُبَّمَا أَسْكُنُ الصَّخَبَ كَبَحْرٍ، وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الْبُوذِيَّةِ أَسْكَرُ بِالنَّارِ لِيَحْمَرَّ خَدِّي، أَوْ أَسْكُبُ الْحُرُوفَ فِي القَوَارِيرِ.. هَمْزَةٌ رَقَصَتْ عَلَى وَتَرِ الْغِيَابِ لَا أُرِيدُ التَّوَقُّفَ فِي هذَا الْجَلِيدِ؛ رَعْشَةُ الْجَلِيدِ حَارِقَةٌ.. خَبَّأَتْنِي فِي مِعْطَفِهَا الرِّيحِ، فَزَالَ فَحِيحُ الصَّقِيعِ عَنْ سَاقِ اللَّيْمُونِ!
فَضَاءٌ تَرَكْنَا اللَّحْظَةَ حَافِيَةً مُحَدَّبَةً، وَسَافَرْنَا مَعَ النَّجْمَةِ أَبَارِيقَ غَيْمٍ نَحْمِلُ الصَّلْصَالَ جُسُومًا نَصْنَعُ فَضَاءً تَأَجَّجَ بِالطِّينِ فِي هذَا الشِّتَاءِ الَّذِي يَتَثَاءَبُ عَلَى الْأَبْوَابِ تَعَرَّفَتْ إِلَيْنَا فَوَانِيسُ اللَّيْلِ المَكْبُوتَةُ هَبَطَتْ جَرِيئَةً آخِرَ اللَّيْلِ كَالمَوَاعِيدِ تَدْخُلُ الرِّيحُ مَمَالِكَ الشَّهَوَاتِ تَدْخُلُ الْفَضَاءَ لِتَكُونَ جَمْرَ المَعْنَى، وَنَحْرَ الْغَيْبِ!
مَطَرٌ مَا بَيْنَ المَاءِ مَاءٌ، وَنَدَى امْرَأَةٍ تَقْطُرُ كَأَنَّها رَقْصَةُ رَهَوَانٍ.. قَطْرَةٌ تَتَغَاوَى بِهُطُولِهَا تَأْتِي مِنْ رَذَاذِ النَّهْمِ تُمَارِسُ طُقُوسَ الْفَوْضَى عَلَى عَتَبَاتِ الزَّفِيرِ إِنَّهَا الْفَرَادِيسُ النَّاعِسَةُ فِي رِقَّةِ السَّمَاءِ! رَغَوَاتٌ ثَرْثَرَةُ الانْزِيَاحِ، وَالْكَأْسُ ذُو الْفُقَاعَاتِ أَشْرَبُ رَغْوَتَهُ الْفَائِرَةَ لَذْعَةَ الْقَصَبِ المُعَبَّأِ بِالعَسَلِ كَأَنَّ الْكَأْسَ يَخْلَعُ ثَوْبَهُ، وَيَذُوبُ فِي الشَّفَةِ الْقِرْمِزِيَّةِ فِي طَوْعِ الْحَرِيقِ يَلْهَثُ مَشْنُوقُ الثَّغْرِ إِذَا جُنَّ الْكَرَزُ تَزَبَّدْ نَابُ الْكَأْسِ!
مَلَامِحُ مَلَامِحُكَ تَقُودُنِي إِلَى الطُّقُوسِ الْخَمَاسِينِيَّةِ حَيْثُ غُبَارُ الذَّاكِرَةِ، وَحَيْثُ هَذَرَاتُ العَوَاصِفِ إِلَى عَاطِفَةِ التَّوَجُّسِ إِلَى الْفَائِزِ أَخِيرًا بِالنَّيَازِكِ الْبَابِلِيَّةِ إِلَى أَجْوَاءِ الصَّحْرَاءِ إِلَى طُقُوسِ الشَّمْسِ قَبْلَ حَرَارَتي بَعْدَ الثَّلَاثِين إِلَى مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ حَيْثُ المَجْدُ لِلرَّاقِصِينَ!
صَدِيقٌ أَنْتَ خَصْبُ الْوَجْهِ تَنْسَى اللَّحْظَةَ رَغِيفِي المُعَدَّ فِي الصَّبَاحِ تَنْسَى طَاوِلَتِي جَوْعَى لِتَقْرَأَ لِي فِنْجَانِي، وَتُعَزِّينِي دَاخَلَ الْجَرِيدَةِ.. أُقَدِّرُ فِيكَ نَظْرَتَكَ الَّتِي رَسَمَتْ وَجْهِي مَعَالِمَ لِسَفِينَةِ هَجْرٍ!
رَسْمٌ حِينَ رَسَمْتُكَ أَنْكَرْتُ يَدِي رَأَيْتُكَ تَسْكُنُ فِي رَائِحَتِي، وَتَدْفِنُ رَأْسَكَ بَيْنَ عَرَاجِينِ الصَّدْرِ.. بِاللَّوْنِ أَكْسِرُ مَعْبَدَ الصَّمْتِ كَيْ أَرَاكَ أَشْهَلَ عَالِقًا فِي أَعْمِدَةِ الدُّخَانِ!
طَيْرٌ مَسَافَاتٌ فِي الظِّلَالِ، وَفَضَاءُ طَائِرٍ.. جَنَاحَاكَ الطَّرَبُ الشَّاعِرِيُّ، وَالرِّيشُ ذُو الْأَغْصَانِ.. يَاقُوتِيَّةٌ هذِهِ الْعَيْنَانِ أَدْمَاهَا الْقَمَرُ!
بَحْرٌ عَلَى الرِّمَالِ كُنْتُ أَكْتُبُنِي عَلَى المَوْجِ الْفِضِّيِّ.. كُلُّ الصَّفَحَاتِ بِلَوْنِ النَّوَارِسِ الْبَحْرِيِّ، وَالنَّظْرَةُ أَدْغَالٌ مَقْرُوءَةٌ، وَهذِهِ الشَّمْسُ رَغِيفٌ يَسْتَحِمُّ فِي أَلَقِ الْبَحْرِ.. ذَوَبَانُ المَوْجَةِ فِي الزَّبَدِ وَرَقُ الْخَرِيفِ يَضْحَكُ، وَيُغَنِّي لِلشَّمْسِ قَطَرَاتُ الْبَرَاءَةِ تَلْمَعُ وَسَطَ الضَّبَابِ كُرُومًا، وَبَيْنَ أَطْرَافِ السِّنَّارَةِ قُبْلَةُ عِنَبٍ!
احْتِرَاقٌ مَحْرُوقٌ لَوْنُ الْعَالَمِ؛ فِي أَرْكَانِ السَّمَاءِ فِي المَعَابِدِ وَفِي الظِّلِّ.. نُجُومٌ لَهَا أَرْبَعَةُ مَلَامِحَ لَازَوَرْدِيَّةٌ بِدُونِ أَيَّامٍ.. ذَوَبَانُ الزَّوَايَا مَحْبُوسٌ فِي المَاءِ طَرَقَ الْأَبْوَابَ المُتَأَثِّرَةَ! أَحْلَامٌ أَحْلَامِي خَرَزَاتٌ فِي شَالِ أُمِّي كُلَّمَا ابْتَسَمَتْ أُمِّي؛ سَقَطَ حُلُمٌ وَأَرَّقَنِي كَمَطَرٍ أَرَقُّ مِنَ المَطَرِ!
حُبٌّ بَعْدَ أَنْ ارْتَدَيْتُ فُسْتَانِي الْأَبْيَضَ، وَانْتَعَلْتُ الْقِبَابَ الصَّلْبَةَ، وَتَعَطَّرْتُ بِجُنُونِ الْحُبِّ مَاتَ الْحُبُّ الْعَظِيمُ؟!
جُنُونٌ مُقَابِلَ جُنُونِكَ أُعْطِيكَ جُنُوحِي، وَمُقَابِلَ حُبِّكَ أُعْطِيكَ قَلْبِي.. سَنُسَافِرُ هذَا المَسَاءَ بِدُونِ طَائِرَةٍ!
ضَحِكٌ عِمْلَاقٌ أَنْتَ عِنْدَمَا تَضْحَكُ نَاعِسَةٌ أَنَا عِنْدَمَا أُغَنِّي، فَلْتَدَعِ الرِّيحَ تَكْشِفُ سِرَّ المَعْنَى، وَتُجَدِّدَ الرُّؤْيَةَ بِنَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ!
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |