شعر

 

كتابة على صليب وطن

خلدون جاويد

khaldoun3@hotmail.com

 

* عراق الشهداء

 

جاورتكَ في الظل ونادمتكَ في التذكار

سهِرتُ على بابك مثلَ مطلقة ٍ

فوقَ وصيدِك لملمتُ الأيتامَ

فهل يحترقُ العمرُ على أجل ٍ غير ِ مُسَمّى ؟

مثل الموقدِ جائعة ٌروحي لأريجكَ

هل يحترق العمر ولم تتدفأ بجليدك ناري

أتنام من الجوع صغاري ؟

وهل يتطايرُ كالأوراق حنيني

اذ تجهشُ كلّ ُمساماتي بالحنظل

إذ مثل لفافة تبغ ٍ يحترق الصبرُ

وتستشهد كلّ ُالكلمات على قدميك

وتصدأ أوتاري

ياوطنا ً لايبصرُ أبعدَ من قدّاحة ِ عينيه

ياوطنا ً يلعب بالنار ِ

وأظافره بشرايين القلب ....

ياوطنا ً لايبصر !! بل لايبزغ ُ

الاّ من عينيه شروقُ الشمس ِ

من أوقدَ كلّ َ فوانيس ِ مدينتِنا

بجماجم أطفالْ ؟

ياوطني أكثرُ من أرغفة الخبز

وجوهُ الشهداء !

ياوطني

من علّمك الكلمات ِالملغومة ِ

بالدمّ وبالفتنة ْ؟

من مزق مصحفَ وجهِك في المحنة ْ ؟

ولمن ترقص مبتهجا بخلاخيل دماءْ ؟

ياذا القمرين ويامن تقبع في الظلماءْ

وياذا النهرين ويامن تبحث

عن قطرة ماءْ !

يكفيك جفاءً

وعزاء ً

وثيابا ً سوداءْ ...

 

* وطن

 

وطن ٌ أهوي كسماء ٍ بين يديه

ويدفعُ بي

وطنٌ للفقراء صليبٌ من نار ٍ

وطن بملايين الرشاشات يسير

الى قلبي

وطن ٌ بادلني حضنَ الأ ُمّ ِ بخندقْ

وطن وضع الفوهة مابين فمي والمصحفْ

وطن نهرُ دماء ٍ وغبار

وطن ٌ يغتال ظلالي لو حلمت

بقطار العودة ْ

وطن أرضعني الموت

وعلمني أن أتجسّد في وردة ْ

وطن ٌ يطفو بجماجمه في نهر الناسْ

وطن الوسواس الخناسْ

وطن أوحال ٌ فوق عباءآت النسوة ْ

وطن ٌ معتوه ٌ يضحك خلفَ جنازة ِ أبنائهْ

وطن يحلم بالنصر المهزوم

المكلوم الخائبْ

وطن ٌ غيّبني

جرجرني في البرد الى قارعة البلوى

وطن يحشو بشفاه الأطفال

رصاصا ً لاحلوى

 وطن سد ّ على وجهي الباب

وقال حزينا ً :

مُت ْ أو سافر !

هل هذا وطن ٌ أم غصّة ْ ؟.

 

* عراق على صليب

      

صاح من قمة الصليب :

" أبتي ....

لماذا تخلّيتَ عني "

كانت جدائلُ من دمِه تتهاوى

خيوط ٌ من الوَهَج القرمزيّ ِتسيلُ

جداولُ من شفق ٍ دافئ ٍ

ودموعٌ من الجمر ِتهطلُ ....

كان العقيقُ

يلطّخ قامته بدماء الأصيلْ

ويقطر من تحت رجليه بستان رمّانْ ...

كل الطيور ارتأتْ أن تنامَ

على صدره الدافئ الثقيلْ

وكل الغيوم تمرّغ ُأحلامَها فوق كتفيه

لماذا غفت نجمة الكبرياء

على الأبنوس الأصيلْ

ألا تستحي جُلجُلة ْ ؟

من الياسمين البريء

ومن هفهفات الحمائم ِ

جاؤا به مزقوا ثوبَه

لا كما شاء

أن يمنح الآخرين الرداء الجميلْ .

 

* نخب الفجيعة

 

حد الثمالة والحثالة في الليال ْ

حد التفرد فوق طاولة العزاء

توخيا ً لمجيئ فارسي َ الوضيئ

وبانتظار بدايتي

وعلى انكسار ٍضارب ٍ في القهر

لا أحلامي الفرعاء قامتْ من ظلام القبر

لا أملي الشهيد يطلّ من شباك منفى

لا الشجون المزهرات

نفحن عطرا من ثياب الآخرين

ولا أنا المتجشمُ الأعباء ِأغلقُ وهْدَتي

وأسدّ ُ باباً للهباء ْ ! .

أظلُ كالذئب الوحيد

أشمُ رائحة َالقتيل ِ

أظل أهرعُ في نهايات الصحارى

كلما تعبتْ

من الجرَيان أطرافي

يلوح سرابُ ذاتي

وهو يعلن خيبتي وبداية الصحراء .

قال الرملُ لمّا مل ّ من ظمأي

بأنّ الدمعَ ماء ْ

فذهبتُ أشربُ مقلتي

وسوادَ عيني

والضياءْ .

 

* لن أخون

 

من دمي نحوَ العروق ِ الفارغة ْ

من يدي نحو الرياحْ

من غدي نحو الغموضْ

من صداعي نحو غابات الجنونْ

ومن الأوصاب والإرهاب

أنحط لآلاف المنافي  السجونْ

وأنا الصارخُ من أعلى شبابيك بلادي

لن أخون

لن أخون

لن أخونْ .


 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com