شعر

رُقْعَةُ الشّطْرَنْج!

 

 

 عمار يحيى/العراق

في مكانٍ ناءٍ من الدُّنْيا

جَلَسَتْ مَدينَتي

مُتَقوقِعةً

تَجْهَشُ بالبُكاءْ..

****

الشّارعُ ليلاً

مَيْدانُ قِتالٍ أُسْطوريّ..

تَنْظُرُ الجُثَثُ إلى بَعْضِها

وتَسْتَرِقُ النّظَرَ

إلى القَمَرِ المُطْفأ..

****

تَرْقُصُ الشّياطينُ

على نُباحِ الكِلابُ النّاهِشَة..

وهيَ تَحْتَفِلُ

بوَليمَةٍ كُبْرى..

****

أصْواتُ صفّاراتِ الحارِسِ الّليْليِّ

اخْتَنقَتْ مَعَه..

لا يُفْزِعُ الصّمْتُ إلاّ

صَفيرُ سَيّارَةِ الإسْعاف..

****

ظِلّي

كان يَمْشي دَوْماً

مَع الجُدْران..

وماتَ قبلَ حَرْبٍ

برَصاصَةٍ بَلهاءْ

اسْتُخْدِمَتْ قَبْلَ هذا

ألْفَ مَرّة..

****

الأرْضُ بِلا روحٍ

والغُبارُ..

بلايينٌ من ذرّاتِ الغُبارِ

تُحَلِّقُ بِحُريّة

بَدَلَ الطّيورِ الهارِبة..

****

رائِحَةُ الخُبْزِ الرّقيقِ

مُحَمّلَةٌ بذِكْرَياتِ الطّفولَةِ

وأيّامِ الحَرْب..

عفواً:

كُلُّ رائِحَةٍ هناك

مُحَمّلَةٌ بذِكْرَياتِ الحَرْبِ..

فالأيّامُ كانَت هُناكَ

كُلُّها حَرْبٌ.. وحَرْب..

****

المَكْتَباتُ في شارعِ النّجفي..

والأُدَباءُ في شارعِ حَلَبْ..

والمَسْرَحُ الصّغيرُ في بابِ الجَديدْ..

ودورُ السّينَما في الدوّاسة..

والجُنودُ المُحْتَشِدونَ في طَوابيرَ المَوتِ..

كُلُّها اختبَأتْ فَجْأةً..

حتّى العُشْبُ الأخْضَرُ

اختبأَ كالسُّلْحفاة..

****

في مَكانٍ ناءٍ من الدّنْيا

هَمَسْتُ لِمَدينَتيَ الباكِيَة:

لَن تَكونِي أبَداً

كرُقْعةَ الشّطْرَنْجِ..

ولَنْ نَكونَ

مُجَرَّدَ ألْوانٍ مُتَهالِكة..

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com