شعر

 

تلونين خيالي

 

د. علاء الجوادي

 

المقدمة:

بعد لقائها مع الغريب على مائدة بريئة طاهرة، كانت الحسناء متيمة بحبيبها الذي تعتقد انه لا يبادلها الحب منفعلة وتعضض على أسنانها.

قالت: ما معنى ان تلتف حولك البنات الجميلات وأنت تبتسم في وجوههن وهن يتسابقن لنيل رضاك؟

قال: إني ابتسم لكل إنسان واني أحب الجمال والحسان والإحسان! وأنت تحاسبينني على شيء لا دخل لي به، فسليهن عن جلية الأمر.

قالت: انك جذاب!

قال: بل أنا مجذوب!

قالت: فهل تلومني ان همت بك حبا وعشقتك بكل كياني؟

قال:  العشق مرآة للحقيقة والإخلاص والإيمان!

قالت: فلماذا أنت لاهٍ عني كأنك لا تراني؟

قال: لأني لاهٍ عن نفسي ولا أراها!

قالت: فهل بشكلي ومظهري نقصٍ يبعدك عني؟

قال والوسن يكاد ان يغطى عينيه: معاذ الله، أنت أيةٌ من آيات الجمال، ويتمناك كل الرجال.

قالت: فلماذا الهروب والبعاد؟

قال: لأنك من عالم الأشياء وأنا من عالم الفناء.

ثم هتف الحادي بصوت رخيم: لا تذهبن بك الوساوس والظنون يا جميلة العيون، ان حبيبك مشغولٌ عنك وعن نفسه في عوالمَ اختارها لنفسه بل فرضتها عليه الأنوار وهو محتار وينشد الأشعار عن حب بدون أمل؟

 

واكتملت فرقة الإنشاد لتقول

القصيدة:

 

 

يا جمالٌ قد فاقَ كـلَ جمالِ

ودلالٌ أُحـــبه مــن دلالِ

ارحميني فقد عدوتُ شبابي

لا يغرنك مــــنظرٌ بجـلالِ

أتحبيه وهو حـبٌ غريـبٌ

وهو فـي النار ساكتٌ لا يبالي

أنتِ في عينه مرايا جمـالٍ

فدعي قلبه عصـــيَ المنالِ

وينادي، ومـا عرفنا أ إياكِ

ينادي أم ذاريـــاتِ الرمالِ؟

وتساءلتُ دون وعيٍ كأني

بجوابي مؤرقٌ مـــن سؤالي

لا تزالي تلونينَ خيالــي

في وضوحِ النهارِ أو في الليالي

فأُسلّي نفسي لأُصلحَ حالي

مـتمنٍ من أمنياتِ المحالِ

لا تغالي إذا ذكرتِ خصالي

فتصوغي مني بديـــعَ المثالِ

لن تنالي مني لذيذَ الأماني

فأنا سرتُ في فيافي الزوالِ

أنتِ في هبةِ الشبابِ انطلاقاً

وأنا الكهلُ زاهــدٌ بالوصالِ

ضاعَ عمرٌ قضيته بالنضالِ

فـي زمانٍ يُعلي قبيحَ الفعالِ

هو وهمٌ أتاكِ من عالمِ الوهـــمِ

 لتعيشي بمبهماتِ الظِلالِ

وغرورُ الأحرارِ يرسمُ شكلاً

ظنه الحرُ في معالي الكمالِ

ويفوقُ السكرانُ من الطيشِ

غريقاً فــي ساقياتِ الضَلالِ

فيرى السلمَ في كفوفِ قتالٍ

ويرى الكرهَ في وجوهِ الجَمالِ

ويرى الوقتَ قد تباعدَ عنه

ويرى المــوتَ مؤذناً بالرحالِ

لا تغالي فأنتِ في الدربِ مثلي

فتعالي نبكي تعالـي تعالـي

فبكت بعدها لتقطعَ صــمتاً

وتنــادي: أيا نبيلَ الرجالِ

لا تدعني في وحدتي وضياعي

أنتَ نوري وان أبيتَ وصالي

قم لنجني الرحيقَ من زهرةِ العشــ

ـــــقِ ونرمي الشقا ليومٍ تالي

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com