شعر

وطن من زهر الرمان

 

الشاعر: نجيب صالح بالايي

ترجمة: بدل رفو المزوري/ النمسا

 وطن من زهر الرمان

 ما بين الطبيعة والرب

كنت مملكةً تائهة

وما بين الإنسان والرغبة

كنت وطناً ضائعاً

ما بين المسيح المصلوب

و مريم العذراء

أنت دعاء هائج مضطرب

أيها البرعم الخجول،

ولدت..وعشت محروماً من الحياة..

أيها الزهر الذابل في موسم النضج

في موسم الحصاد

غدوت عقيماً.

****                        ****

لم نألف  كالقمر

التصدي للشياطين

كي تظلين يا (حبة الرمان)

ملكة للجمال الأبدي

ولم نألف كالنحلة

أن نحط بفخر على اوراقك

و من أجل عسل طبيعي

نلقي السلام على كل الأزهار

العالية..الدانية

الأليفة..المتوحشة

دون تفرقة وبكل الالوان

الحمراء  والصفراء  والبيضاء  والبنفسجية

نشرع في بناء خلية

متساوية الاضلاع

لم نألف كالفراشات

أن ننثر بذور المحبة ،

على برعم صدرك

ومن أجل نشر بذور الحب

نرتشف برقة ندى أوراقك الصباحية

لم نألف كالطيور

أن ننشد أناشيد الجمال

لتبدو كرمانتين

وتصبح حبة رمان

ونسرد للأجيال المنسية

قصص خريف الانبعاث

ولم نألف كالأزمنة الربيعية

أن نلملم صفحات السقوط والذبول

عن وجنتيك

وننهل شراب الحياة من شفتيك ونفجره،

أيها البرعم المعصور بأكف قاسية

البرعم الذابل في موسم النضوج

في موسم الحصاد

غدوت عقيماً.

****                    ****

لأجل أن تميز بين

عطر وعبير الرمان والنرجس

عليك أن تسرد قصة

بم..بم  ،حذار فرائحة الغريب تفوح

بم..بم، والطبخ يحترق

تعلّم..

ألا تمزج دماء الشهداء معها

فعليك أن تتعود ارتشاف النبيذ

وتعرف الزمن

بين ينعة الأزهار ونضوج حبة الرمان

وتخمن ثمنها

عليك أن تكون فارساً مغواراً

حتى تميز جمال القمر من حبة الرمان

وأن يكون اسمك مكتوباً في الأساطير

أيها الزهر الذي يصبح حبة

في ثلاث مواسم

وفي الموسم الرابع يغدو بلسم جراح

وقصصاً تروى للاطفال المؤرقين ليلاً

ولعسس الليل

الذين لا يغفلون عن اللصوص..

أيها البرعم الرقيق

آه.. أيها الوطن

اعلم بأنك مررت عبر حمى الموت

وكانت حسرتك ورغبتك (عصير الرمان)

الرمان الحلو..الحامض

ولكني لا أجرؤ أن ألومك

لتربية هكذا بستاني

كي لا تحبل الأزاهير ربيعاً

والرمان يغدو عقيماً خريفاً.

****                   ****

خلقت برعماً سعيداً

ولكن..ولدت وطناً سيئ الحظ

وتفتحت بلون العشق

ولكن! تيبست وطناً بلون الدم

أنت.. شتلة لشجرة الحياة

ذات سلام  وترحال

لكنك وطن منفي دون اسم أو عنوان.

أنت.. برعم بأوراق كالجمر

ولكنك.. وطن بشعب دون جهد وعزيمة

أنت.. برعم تجتاز الفصول الأربعة باقتدار وتخطيط

ولكنك..وطن حراسته بالاتكال على الرب

أنت.. برعم ناضج وتغدو رمانة حبلى بحباتٍ رقيقة

حلوة وحامضة..

ولكنك.. وطن فارغ من الرقةِ وملئ بأناسٍ عقيمين.

أيا برعماً يتعهد المرضى في موسم الربيع

ويغدو دواءً في مواسم الخريف والشتاء

أيها البرعم المقدس..

يا بقايا النار الأزلية

تصبح  للعشاق قلباً كبيراً

وموقداً مضيئاً بالجمر

لتلك الأيادي التي تريد  قطافك

جعلت نفسك عرضةً لخداع البشر

ولهذا بلغت قرارك بأن :

تغدو للعشاق درب الحقيقة

وجناتٍ موردة وشفاه قرمزية.

وأثداء غير ملطخة ومقطوفة

ونبيذ الانبعاث والسكارى

وللمخادعين موقد نار وعبوة يدوية

أيها الزهر الذابل في موسم النضوج

في موسم الحصاد

غدوت عقيماً.

****                         ****

أنت أيتها الغمامات

 اعصرن ذواتكن

وأنت أيتها السماء  أهطلي

فوجنات برعمي قد شحبت وجفت

ونفيق في الصباحات دون ندى

أيتها الجبال ادنن  بهاماتكن

فلم نلق خيراً من شموخكن

برعمي يقدس الشمس

وطهوره شعاع وضياء

وأنتم أيها البستانيون

تنحوا جانباً

فبرعمي لا يحب رؤية الكسالى

الذين يشيحون بوجوهم عن لصوص

(حبة الرمان)..

قادمين وذاهبين دون رقيب

وأنت أيها الربيع تزيَّن

كي نرتشف شراب الحياة خريفاً

ونسكر حتى النخاع معاً

وننتشي

كي يطل الشوق على أروحنا

ويبلغ الذوق الرفيع قلوبنا.

****                        ****

أنت أيها القارب الصغير

عبرت نهر الحياة

في خضم الأمواج المخيفة والزوابع

تغطس تارة وتطفو تارة

موج بموج..حقل بحقل

حتى وصولك سواحل الأمان

أصبحت  قارباً كبيراً

إن لم تتهيأ  لرحلات البحر

ولم تفهم  تساؤلاته وأسراره

واللعب مع الأمواج

دون حراسة وخفر

دون راية أو عنوان

دون قبطان

تسير على متون الحيتان

وتقع في  قبضة قراصنة البحر

وتختطف بايدي هؤلاء القرصان

فهل لديك مصير آخر غير ذلك؟!

وأنت أيها البازيّ  المرفرف في العلا

ملك السماء

طبقة..طبقة

قطعة..قطعة تحلق

إن لم تعرف قيمة الأعالي

فهل تنتظر شيئاً آخر غير السقوط؟!

****           ****

أنت.. برعم بهي

في رقصة الربيع الزاهية

إن لم تعرف لوناً آخر

فماذا تستحق غير الذبول؟!

أيها البرعم الذابل في موسم النضوج

وفي موسم الحصاد

غدوت عقيماً.

يا برعماً بلون العشق

والدم

والنار

وصرخات الهلع والخوف

هذه المرة سـأصبح  بستانياً

أنتظر الخريف،

فإما أن تصبح رمانةً مليئة

بحباتٍ رقيقةٍ

وإما ستكون قنبلةً

وعبوة ناسفة

وتعلن قرار الانتحار

وتكون خاتمتنا معك

نهايتنا جميعاً.

ــــــــــــــــــــــــــ

 الشاعر نجيب صالح : مواليد 1962 / منطقة برواري بالا \ كوردستان العراق

ـ خريج كلية التربية ـ قسم الجغرافيا \ جامعة بغداد

ـ عضو اتحاد الادباء الكورد \ فرع دهوك

ـ له العديد من المقالات والاسهامات الشعرية في الصحف والمجلات الكردية

ـ شارك في مهرجانات شعرية  عديدة واحياء ندوات ادبية في كوردستان

ـ يعيش حاليا في اوربا

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 


© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com