شعر
قيامة
البوعزيزي
خالد صبر سالم
يَنهضُ مِنْ رمادهِ ووَجهُهُ ليسَ بهِ حروقْ
بلْ وجهُهُ مُلوَّنٌ برايةِ الوطنْ
مُضـَمَّخ ٌبقلبِ اُمّهِ التي أتعبَها الطغاة ُوالزمنْ
جبينـُهُ بَوْصَلة ٌإصبعُها تـُشيرُ نحْوَ قصْر قاتليهْ
وعينـُهُ كالشمس في إطلالةِ الشروقْ
يَطلعُ مِنْ سَخامهِ الزيتونُ
فتشْرئِبُ لانعتاق ٍ لهْْفة ٌ ترسمُها العيونُ
وينفحُ الحرية َالهيفاءَ ياسمينُ
واعجبا ًهل ينهضُ المحروقُ مِنْ رمادهِ؟!
يركضُ في الطريقْ!
يَجْدفُ هذا البحرَ مِنْ هتافِ كادحينَ عاطلينَ جائعينْ
يَرونـَهُ مِنْ خـَلـَل ِ الرمادِ كالبريقْ
يَرونـَهُ لا زالَ خلـْفَ العربهْ
يدْفعُها وهاتفا ٔمِنْ حزنهِ العميقْ
مَنْ يشتري وثيقة ٔعاطلة ٔ قدْ أصْدَرَتـْها الجامعهْ
مَنْ يشتري الخضارَ ترْويها العيونُ الدامعهْ
فيستفيقُ مِنْ رقادهِ الشابيّ ُ يستفيقْ
مُقبِّلا ًألبو عزيزَ في جبينهِ
يُوقـّعان ِ والجماهيرَ التي تسيرُ نحْوَ نصْرها عهدَهُما الوثيقْ
مشتركا ً في دفعهِ للعربهْ
وسَلـّة ُالخضار في مخاضِها تصيرُ آلافا ًمِنَ الحقول
والجنائن المُعشوْشبهْ
فتونسُ السجينة ُالجائعة ُ المُكتئبهْ
ترسمُ للربيع ياسمينـَها ، زيتونـَها
ترسمُ في جبين فجرها مدرسة ًومصنعا ًوملعبا ًومكتبهْ
ويَنشدُ الشابيّ ُ مِنْ جديدْ
إرادة َالحياهْ
تـُرْسِلـُها الجموعُ نحْوَ مخـْبأ الطغاهْ
إذا الشعبُ يوما ًأرادَ الحياة َ فلا بُدَّ أنْ يستجيبَ القـَدَرْ
فتهتفُ الجموعُ في الشوارع المُرْتقِبهْ
ولا بُدَّ للـّيل أنْ ينجلي ولا بدَّ للقيدِ أنْْ يَنكسرْ
فيهْربُ الحاكمُ في ذلـّتهِ مُردِّدا ً :
(فهمْتـُكمْ فهمْتـُكمْ)
فيرْجعُ الصدى إليهِ مِنْ ثواكل ٍيركضُ في وجوهِها إملاقـُها والهَمْ:
ولاتَ حين فهمْ
ألا فهمْتَ أنَّ البو عزيزَ تونسي؟!
أما حفظـْتَ في مدرسةٍ إرادة َالحياة تونسيهْ؟!
أنَّ ابا القاسم تونسي؟!
والراية َالحمراءَ تونسيهْ
يا لاتَ حينَ فهمْ
يا لاتَ حينَ فهمْ
يا سيدي يا أيّـُها الحارقُ والمحروقْ
ها أنتَ في حناجر الشعوبْ
ها أنتَ مرسومٌ على القمصان قرْبَ النبْض في القلوبْ
مُطالبا ٔبالخبز والحريّةِ الساطعهْ
يا سيّدي
اجتـَز ْ حدودَ تونسَ الثائرةِ الرائعهْ
فأنتَ قدْ صرْتَ على طغاتِها غضْبتـَها الواقعهْ
فأسْرعَتْ أرجلـُهمْ تبْحثُ عنْ ملاجئ الهروبْ
مُرَّ على كلِّ الشوارع الحزينةِ الجائعهْ
مُرَّ على العواصم النائمةِ الخانعهْ
واصرَخ ْ بها
يا أيّـُها الجياعُ والمُكبَّلونَ حانَ وقتـُكمْ
فلسْتـُمُ العبيدَ والرقيقْ
والفجرُ قدْ آذنَ أنْ يُفيقْ
لا تـُشعلوا النيرانَ في أجسادِكمْ
بلْ في قصور السلطةِ المُزمنةِ الموروثةِ الخادعهْ