شعر

 

إختناقة الرجل البوم

خلدون جاويد

khaldoun3@hotmail.com

أبدلت الستائر المخملية باخرى شتائية ثقيلة

بينما ينضح الصيف بالعبير

ها أنا اسدل الظلام والرطوبة

اصفي بقعة الدم القديم

لن يجرؤ انسان ٌ ما على ملامسة

مفتاح الضوء في حجرتي

كل شئ معتم كما كنت أُهوّم في الماضي

ثياب القسيس العتيقة هي ثيابي

ورائحة لحيته النتنة هي رائحتي

الشراشف فاقعة حائلة

والأرض مغلّفة بكفن قديم

مغطاة بسجادة متربة

من تحت الباب ، تحاول الحياة أن تتسرب

... أمنع دخول الضوء والذكريات

كل شئ مغلق مثل علبة صفيح

ها أنا اسكن جدث الحياة المؤقت

احاول جهدي أن لا أنبض بشئ

اوصد بالاسفنج شقوقا في الباب

لاكوة في السقف ، لاثقب لمفتاح

لاوميض من وراء ستارة

كل شئ محكم ...

من أجل ريادة اخرى الى مغارة الصمت

محاولا تخدير العروق واطفاء جذوة الدم

كل شئ يستجيب لي ، يتشكل حسبما اريد

شكرا لي فأنا مصمم عزلة بارع

لقد كنست وجوه أحب الأصدقاء

لم أجب على أبكى صنوف الرسائل

لم أُكلّم ولو بالمسرّة أجمل الأنبياء

ها أنا أُطفئ النجوم والمصابيح والعيون الجميلة

القي برأسي الى وسادة بيضاء كالمرض

استرخي ناسيا او مدعيا النسيان

أوهم نفسي بأن كل شئ موصد

وميت ومحترق ومنته الى رماد

لن اسمح لأي شئ أن يتسرب اليّ

ها أنا انعم بالسجن الاختياري المؤبد

انعم بالأصفاد والسلاسل ، بالحصر والتقويس

كل ذلك من أجل غفوة انكسار واندحار

من أجل محطة راحة دكناء

أقف عندها بارد الضمير

كيما يكف الخارج عن ايذائي

حاضري رافضٌ ومتحد ٍ ومسوّرٌ بالعزلة

وداعا لي ! ... لأهدأ .. لأنم

لأعد الى حضن الأم .. الى سرير صغير

ترتع فيه الحمامة ، روحي الضامرة

اواه ...

اواه ..

انها تتململ الآن

تتماوج في داخلي

تهمس ، ومن ثم تبدأ التأوهات

... الأنين ...

نوع من الخربشات طالعة من قبو العظام

أقدام ثقيلة تتصاعد في إيقاعها

تتسارع في خطاها

ها هي الحركة التي أمقت صوتها

تهتك السجف الخبيئة فيّ

تمزق الأنسجة المغطاة بالجليد ...

مخالب بوسخ ضارب في القذارة

تتحفز نابتة في رؤوس الأصابع

أرض تتشقق عن أفاع ٍ سوداء قاتلة

سرطانات وعقارب هي السم الزعاف ذاته

حريق متعدد الألوان يسبي شغاف القلب

كل شئ يهجم دفعة واحدة

من أعماق ذات لاتحجبها ستائر

ولايُغلق ماتحت أبوابها بقطع من اسفنج

أصرخ بلا وعي ... أقف ملتبسا

وممسوسا ومذعورا

انادي كقاتل أخيه ، عم الأمير هاملت :

افتحوا الأضواء والأبواب !

أهرع كي اسقط رافعة الستائر على بعضها

لاشئ أصدق من أن أرى الشمس

لا مفر من الهواء !

لا شئ أجمل من أن أسكب الضوء

على الفضيحة

وأن اسدد طلقة من نسيم الحياة

الى بومة ٍ تختنق .

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com