شعر

كونغاي السَّيَاب

عالية البقال

 alia.albakkal@hotmail.de

مِن ْ رؤْيَا  فوكاي 1- 

فِيهَا أرَى السَّيَاب َ ،  ذو الطَرْف ِ الحَزِين ْ

أرْوَد َ بَيْن َ جِيْكُورَ ،  وَالخَلِيج ِ ،  وَبَغْدَاد

يُعَصِّرَ الحَيَاة َ فِيهَا ،  بِكَفِّهِ المُقَيَّد ُ باِلمَدَاد

مُرَوَّعَا ً مِن ْ تِلك َ أَحْلام ُ العَذارَى

بَهَتَت ْ تضِئ ُ فِي  دَيَاجِير ِ الظَّلام  

أَرْهَبَهَا  النَّاقوُس ُ الأبَدِيّ ُ ،  يَرِن ّ ُ باِلأَنِيْن .

أرَاه ُ مَا زَال َ يَحْيَا  ، حَتَّى  هذه ِ الأيَّام

تَدْمُّه ُ طُقوُس ُ المَوْت ِ ،  فِي ثَغْر ِ الخَلِيج ِ

تَسْقِيه ِ ، وَتَشْرب ُ مِنْه ُ بِلاد ُ العُرْب ِ اليَانِعَات

مِن ْ كْفُوف ِ الغُرَبَاء ِ ،  قاَنِيَات َ المُوْت ِ الزُؤام  

بِكَأس ِ الدَّهْر ِِ  يَفِيِض ُ باِلمَنُون ِ طَفَّاحَا ً ،

رَافِدَا ً عَلى  أرْض ِ  العِرَاق ِ  الشَجِيْن   

حَيْث ُ مَهَاجِع ُ الثَرَى  لا  تَنَام ْ ..

وَتَهْجِد ُ عَلى دَمْدَم ِ القَارِعَات َ ،  تَدْفُّهَا  النَّافِثَات

وَتُطَوِّف ُ أشْبَاح َ رَدَاهَا ، عَلى  صَد ْر ِ الصَّبِيَات  ،

فَتَحْصِد ُ قَلبَهَا  الخَبِئ ُ فِي  مَغْرَس ِ الأحْلام  .

            مِن ْ يَد ِ الرَدَى ،  مِن ْ جَبَرُوت ِ الطِّغَام

أيّنَع َ  المُوْت ُ  فِي  قَلْب ِ  كونغاي ..

بِلا  دَهَش ٍ أثْبَت َ الجِنَان ِ  يَفْتَدي  الحَيَاة  

أُسْطُورَة ٌ لمْ  تُفْنَى  باِلمُوت ِ ،  فِي  الزَّمَان  

رُوح ُ كونغاي  قَد ْ هَبَّت ،  ترِيد ُ الإنْتِقَام

           عِنْدَمَا  صَعَق َ الصَّدَى ،  فِي  الأنْوَاء ْ

يُمَزِق ُ فِي السَّمَاء ِ ،  الغَمَام َ المُرْعِد ِ

وَبَاشَرَ مُوْكِب ِ المَوْت ِ   يَخْضِل ُ نَدِيا ً

مُجَبِّبَا ً نَحْوَ الدّرُوُب ْ ،  يَزِق ّ ُ المَوْت َ باِلحَيَاة  

أَفْزَع َ الرَدَى  رَحِم َ الأُمَّهَات  ..

عَلى  صَعْق ِ البَيْن ِ  يُدَمْدِم ُ  هَياي

فَأفْرَعَت ْ صَدرَهَا الوضئ ُ  كونغاي

تُخَبِئ ُ فِيه ِ كُلّ َ  صَبِيَّة ٍ عَذرَاء ْ

 "هياي .. كونغاي ،  كونغاي" 2 -

صَرَخَت ْ، لَن ْ يَخْطِف َ أَبْي  زَهْر َ الحَيَاة  

سَأسْقِيه ِ مِن ْ صُلبِه ِ المَنُون ْ ،

فِي  كَأس ِ  الحَدِيد ِ ،  بِيَد ِ البَنُون  

مُذَابَا ً باِلرَّصَاص ِ ،  وَالنُّحَاس ِ ،  وَالنَّار

وَلسَوْف َ تَخْجَل َ عَلى رُؤوس ِ الآلِهَة ِ ،

            باِلذهَب ِ الصَّلِيد ِ  زَهْرَة ُ الجُلنَار

لِيَقُوم َ بُوذَا  مِن ْ مَدْفَنَه َ ..

وَيَسْأَل َ عَن ْ سْرِّ  الخُلود

وَلِمَاذَا الحُب ُّ ،  وَالسّلام ُ،  وَالأمَان  

يَشْرَب ُ دَم َ العَذرَاء ِ وَالأبْرِيَاء ،

وَأنْدَاح َ عَلى  الأرْض ِ تَمَاثِيلا ً وَأحْجَار

لِيَعْج َّ الصُوت ُ مِن ْ مَكْفَنَه َ ..

مَاذَا  حَل َّ باِلعُهُود ِ بَعْدَ  الأنْبِيَاء

مِن ْ أجْل ِ الخُبْز ِ وَالبَقَاء

رَصَاص ٌ ،  وَحَدِيْد ٌ ، وَرَشَّاش ُ نَار . 

هياي .. كونغاي ،  كونغاي

بِإسْم ِ بُوذَا ،  بِإسْم ِ الوَلِيْد ِ وَالعَذرَاء

بِإسْم ِ اللذي حَمَل َ السَّلام َ مِن َ السَّمَاء

أشْعَل َ تَلامِيْذ ُ حَوَارِي ِّ المَسِيْح ِ

فِي الدُّنْيَا ، أسْلِحَة َ الدَّمَار . 

                                              

 1" مِن ْ رؤْيَا فوكاي " قصيدة بدر شاكر السياب في ديوان "أنشودة المطر" عن دار مكتبة الحياة – بيروت .

وفيها الشارحات الآتية :

[ فوكاي ، كاتب البعثة اليسوعية في هيروشيما ، جُن من هول ما شاهده غداة ضُربت بالقنبلة الذرية ]

-2 تحدثنا إحدى الأساطير الصينية عن ملك أراد ناقوسا ً ضخما ً يصنع  من الذهب ، والحديد ، والفضة ، والنحاس .

 وكلف أحد حكامه بصنعه . ولكن المعادن المختلفة أبت أن  تتحد ، وأستشارت كونغاي – وهي إبنة  ذلك الحاكم – العرافين بالأمر ، فأنبأوها بأن المعادن لن تتحد ما لم تمتزجبدماء  فتاة عذراء .. وهكذا ألقت  كونغاي  بنفسها في القدرالتي تصهر فيها المعادن.. فكان الناقوس .. وظلَّ صدى كونغاييتردد منه كلما دق َّ : " هياي .. كونغاي ، كونغاي " .

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com